22 ديسمبر، 2024 10:02 م

قوة الانسان في قوة منافسيه

قوة الانسان في قوة منافسيه

ان الانسان هذا الجهاز العجيب و الغريب في اطواره و افعاله و كينونته يملك من الاسرار ما لا يحصى و لا يعد و مهما تطور العلم يبقى هناك زوايا مظلمة فيه , و ذلك لأن كل انسان عالم مستقل بذاته عن غيره ، و إن كان هناك نقاط مشتركة بين بني البشر .
هذا الكائن يملك من القوة و القدرة على مصارعة الحياة بآلامها و آهاتها و صعابها ما لا يملكه غيره من المخلوقات فالارادة القوية و الموقف الصامد سمات يومية و شعارات منصوبة في طريقه نحو الاهداف .
ان هذا المخلوق الذي كرمه الله عز و جل و حمله في البر و البحر و فضله على كثير ممن خلق ، يستمد قوته الجسميه و العقلية من ذاته، و لكنه في احيانٍ يأخذ هذه القوة من محيطه و خاصة من منافسيه ، فمعلوم ان الصراع الازلي بين قوى الخير و الشر مستمرة و تبقى الى الابد قائمه مع الاختلاف في الوسائل و الاساليب و قرب و بعد اهدافهما و حجمهما .
فاذا تصورنا – رغم استحالته – وجود انسان يعيش في حياة آمنة دون خوف وهدف ، فان اغلب قواه ستندثر و تذهب سدى و طاقاته ستبقى مطمورة و افكاره مقيدة خلف قضبان عقله الباطن ، لأن الانسان الذي يشعر بوجود المنافسة و الصراع هو الذي سيحزم اربطته و يستعد لدخول الحلبة و التغلب على غريمه الذي حل بالحلبة لاعباً و متصدياً .
و ما يقال عن الانسان يمكنه القول على الدول و جميع المؤسسات باختلاف مسمياتها و اهدافها .
فان قوة امريكا كدولة عظمى تأتي من قوة منافسيها و ان ماحققته من تطور في جميع المجالات ومابناه من حضارة كانت بسبب الصراع الخفي و العلني مع الدول الاخرى و من هذا المنطلق فانها دائماً ماتبحث عن المنافسين لها و تصورها لشعوبها لكي تستيقظ القوى الخفية و تبدأ عملها في الابداع و العمل المستمر للنهوض ، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق كغريم قوي مهدد لمصالحها و بعد انهيار الاتحاد السوفيتي جعلت من الارهاب و الجماعات المتطرفة منافساً لها و تهدد وجودها و ما ان بدأت هذا الجماعات بالتقوض حولت انظار شعبها الى الصين و قوتها الاقتصادية كعملاق مارد يجتاح الاسواق العالمية و ذلك لخلق روح التنافس لدى ابناء شعبها و هكذا فان المسلسل لا ينتهي .
و على صعيد المؤسسات العسكرية و السياسية و الامنية و الرياضية و الاقتصادية فان قوة منافسيها تدفعها الى رص صفوفها و تمتين اواصرها و تقوية تحصينها فعلى سبيل المثال ان المخابرات المصرية كانت قوية و يشهد لها في الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي نتيجة لقوة غريمها(الموساد الاسرائيلي ) فقد وصلت المنافسة الى أوجها و لكن بعد اتفاقية كامب ديفيد بدأت الروح القتالية تنصهر لتدخل الى مرحلة شبه سبات تجاه بعضهم البعض .
فقوة الاجهزة الامنية تأتي من قوة الاجهزة والجهات المنافسة لها ومصادر التهديد على أمنها ، و هكذا الحال في الاقتصاد و الرياضة ، فالمنافسة الشديدة بين شريكتي بيبسي و كوكا كولا تدفعانها الى الاستمرارية و الأنتاج الجيد .
و ان بقاء الشعب الكوردي و صموده امام كل المحاولات التي جرت لتجريده من تاريخه و ارضه و ثقافته كانت نتيجة حتمية لأن قوة هذا الشعب نابع من قوة اعداءه و درجة تأمرهم و محاولاتهم البائسة من اجل القضاء عليه و تبديد أحلامه بالحصول على حقوقه المشروعة و ان كانت قد اثرت تلك المحاولات و المؤامرات بشكل ملحوظ و لكنه بقي صامداً .
فالبيشمةركة الابطال مثلاً ذاع صيته وبات نجماً لامعاً على مستوى العالم في معاركه في السنوات الاخيرة لقوة وشراسة عدوه وعدو الانسانية جماعة داعش الارهابي ، وإن كان قبل ذلك مدافعاً أميناً عن حقوق الشعب الكوردستانى وقدم أروع الامثلة في التضحية والفداء..