غريب وعجيب ما يجري في بلاد الرافدين حقاً ، فما كان لم يعد كما كان ، كلُ شيء تغير تقريباً ، القيم والمفاهيم وحتى بعض العادات والتقاليد العراقية وخصوصاً بعد إحتلال العراق او تحريره كما يحلو للبعض تسميته بعد 2003 ولحد الأن .
كان العراق بلد واحد وشعبه واحد وربه واحد وأن كانت الاولى والثانية بنظر البعض غير صحيحة لما حصل في نظام صدام لبعض مكونات الشعب العراقي، إلا ان المساواة التي كانت موجودة حينها في كل ما يهم ويخص الناس ومصالحهم افضل من الأن بكثير. مشكلة العراق الأن أن نصف شعبه نازح في الداخل ومهجر في الخارج دون اي خطط او رؤى تلوح بالافق بشأنهم، ولا توجد جهة مسؤولة واضحة تحدد الالتزامات والواجبات المفروضة على الحكومة العراقية ، حتى تراود للنازحين بأنهم جزء غير مفكر بهم أصلاً في بلدهم ، فضلاً عن تجاهل الكثير من منظمات الدولة والمدنية لمعاناتهم المتفاقمة يوماً بعد يوم ، بإستنثاء بعض المنظمات والمؤسسات الخيرية ومن أهمها مشاريع المشروع العربي في العراق لالاف النازحين.
” استمرت السياسة الحكومية نفسها فيما يتعلق بعمليات النزوح الضخمة التي أعقبت تفجير سامراء في 22 شباط/ فبراير 2006، فلم تبدأ وزارة المهجرين والمهاجرين بإعلان بيانات عن النزوح الداخلي إلا في نهاية شهر تموز/يوليو، وكانت بيانات مسيسة وغير موضوعية! ثم تكرر الأمر نفسه في حركة النزوح غير المسبوقة التي بدأت في كانون الثاني/ يناير 2014 من مدينتي الرمادي والفلوجة، ثم مع تصاعد وتيرة هذا النزوح في اعقاب سيطرة تنظيم “داعش” على الموصل”.نحن الأن في نهاية العام 2016 ولا يزال العراقيون يعيشون وضعاً مأساوياً صعباً في كافة الاصعدة ولا بصيص أملٍ يلوح بالأفق لحل قضاياهم ومشاكلهم، لأن الحكومة منشغلةٌ بمشاكلها الداخلية بين وزرائها ونوابها ولا تكترث أن احترق الشعب بأكمله وما حادثة احتراق اطفال “ألخدج”ببعيدة.المشكلة هنا أكبر مما يتصورها أحد فبعد تحرير العديد من المدن العراقية على يد القوات الامنية العراقية بكافة صنوفها وطرد تنظيم “داعش” منها ومرور اكثر من تسع اشهر على تحرير بعضها، لم يعد إليها أهلها بحجج واهية ، بالبعض يقول بان تلك المدن لم تعد أمنة بالحد الذي يسهل من عودة اهلها اليها ، والسبب الاخر بدعوى ان اهل تلك المناطق “دواعش” ولا يجوز عودتهم برغم عدم وجود قانون يتهم المدنيين بتهم واهية ! مجلس النواب والوزراء وكل السلطات العراقية لا تكترث بشكل جدي وواضح بمسالة النازحين وضرورة عودتهم وأن كان ذلك واضح إعلامياً وعبر “الفيس بوك” .الفلوجة وقبلها الكرمة وبعض المناطق في بابل وجرف الصخر وديالى والصينية وبيجي تحررت منذ مدة ولم يعد أهلها إليها لحد الأن بسبب منع “ألمليشيات” لهم تارة وتارة أخرى نتيجة عدم توافر الظروف الملائمة لعودتهم .هناك حراك برلماني لسن قانون الحشد الشعبي لموازاته بجهاز مكافحة الارهاب من حيث التجهيز والعدة والامتيازات .وقال النائب عن التحالف الوطني فالح الخزعلي إن “أمراً ديوانياً صدر من رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي يقضي بتحويل قوات الحشد الشعبي إلى جهاز يضاهي جهاز مكافحة الإرهاب، هو ما يحتاج الى سن قانون الحشد الشعبي”، مبيناً أن “هذا القانون سيخضع للاتفاقات السياسية”.
إقرار مثل هكذا قانون وبجلسة واحدة يعدُ إنجازاً إن كانت بمقابله قوانين تشرع لإعادة الحق للعراقيين وإعادة اموالهم المنهوبة من قبل السياسيين الحاكمين حالياً ،وتحديد موعد ثابت لعودة النازحين لمناطقهم المحررة ، أما ان يتم اقرار قوانين والعراق على حافة الهاوية والانهيار المالي فلا يعد سوى كونه “سياسي” ومحاباة وإستجابة لضغوطات خارجية خصوصاً في الوقت الذي اعلنت فيه طهران عن تشكيل جيش “شيعي”للقتال في المناطق العربية ولم تبدي أي تخوف من الغرب بدليلٍ واضح على اتفاقات خارج حدود العراق وخارج الإرادة العراقية أصلاً.
النازحون بحاجة للعودة الى ديارهم قبل تعديل او اقرار اي قانون ولكن الحكومة عاجزة عن تحديد موعد ثابث للعودة، لكنها قادرة على سن قوانين بإيعاز وتوجيهات من الخارج !!