23 ديسمبر، 2024 1:51 ص

قوانين البرلمان تنذر بكارثة تحويل السلطة القضائية إلى أجزاء

قوانين البرلمان تنذر بكارثة تحويل السلطة القضائية إلى أجزاء

ينوي مجلس النواب العراقي تجزئة السلطة القضائية الاتحادية عبر عزل مجلس القضاء الأعلى عن المحكمة الاتحادية في قانون موعد إقراره بعد عطلته التشريعية وهو ما أكدته اللجنة القانونية في مجلس النواب في تصريحاتها الصحفية ، يتضمن القانون المطروح عزل مجلس القضاء الأعلى عن المحكمة الاتحادية بشكل يجعلهما منفصلين عن بعضهما بعد أن أٌقر قانون الأشراف القضائي وقانون الادعاء العام، ويرى نواب أن القانون سيحقق إنجازا كبيرا للقضاء العراقي بعد فصل المحكمة الاتحادية عن مجلس القضاء العراقي من خيمة السلطة القضائية الاتحادية، على اعتبار أن مهام مجلس القضاء الأعلى منعزلة عن مهام المحكمة الاتحادية، وكلاهما منفصل عن الأخر في عمله وأداءه القضائي، ألا انه ينقسم إلى رئيس التمييز ونائبيه ورئيس الادعاء العام ورئيس الأشراف القضائي ومحاكم الاستئناف ، وهذا ليس بالأمر الصحيح؛ أن القضاء العراقي مؤسسة مترابطة الأركان مع بعضها يكمل كل منها الأخر فكيف لمجلس النواب أن يتجاهل تلك الحقيقة ويشرع قانونا يمس أركانه. لذا يتوجب على مشرعي القانون الأخذ بمسودة القانون الذي بعثه خبراء من مجلس القضاء الأعلى لان الصياغة الحالية الموضوعة يتخللها الكثير من التداخلات القانونية ويمس السلطة القضائية في تشكيلها، وبما أن أهل مكة ادرى بشعابها فالمختصين في السلطة القضائية لم يغفلوا عن ترابط مكونات السلطة القضائية وكيفية إدارة أعمالها وفق الدستور والقوانين وبالتالي أي فقرات أو مواد تطرح من قبلهم هي الأصوب في تسيير العدالة العراقية ليس انتقاصاً من قدرات اللجان النيابية المختصة في صياغة القوانين، ألا أن الأمر يخص المؤسسات المهمة والأساسية ذات العمل الدقيق كالسلطة القضائية والتي تمس المواطن العراقي في الصميم وتنظم الكثير من شؤونه وتحافظ على حقوقه ومكتسباته، ولا يمكن لأي جهة أن تشرع قوانينها سوى الجهة المختصة وهو عمل مضني ومجهود تكفلت السلطة القضائية به لإرساء دولة العدالة القائمة على احترام القانون وتطبيقه على اكمل وجه ، فالمتعمق بالعمل القضائي والمطَلع على سيره يلاحظ أن عمل القضاة في جميع الأركان هو واحد بموجب القانون والدستور ويمر عبر سلسلة متتابعة من المحاكم بأنواعها إلى بقية الأركان كالأشراف القضائي والادعاء العام ومحكمة التمييز. 
ولا يمكن تفسير رغبة الجهات التشريعية في فصل أو تجزئة السلطة القضائية ألا محاولة هشة لإخضاع هذه المؤسسات ومحاولة جذبها لهاوية المحاصصة وهيمنة السلطات الأخرى كما في بعض المؤسسات، ألا أن هذا بعيد المنال كون السلطة القضائية لها منهاج واحد وتحكم وفق دستور وقوانين قضائية ومدنية فبالتالي صعوبة تسييرها ، ووضع قانون لمجلس القضاء يجب أن يراعى فيه وحدة وترابط أركان السلطة القضائية، والتأكيد على استقلاليتها. ولذلك يجب على المشرعين ادراك أن وجود المؤسسات القضائية تحت مسمى واحد لا يعني التداخل في المهام أو الأعمال لان كل مكون له خصوصيته الدستورية والقانونية فلمحكمة التمييز شأنها و الادعاء العام، و المحكمة الاتحادية و وكذلك الإشراف القضائي.