القسم السادس
ونظرا لتغيير نظام الحكم في 17/7/1968 ، فقد ألغي قانون الإتحاد الإشتراكي العربي رقم (171) في20/9/1964- المعدل بالقانون رقم (83) في21/9/1966 والانظمة الصادرة بموجبهما ، بموجب القانون رقم (85) في 15/8/1968 ، التي نصت الأسباب الموجبة لتشريعه على أنه ( إنطلاقا من الإيمان بحرية الجماهير وإحترام إرادتها ، وحفاظا على تراث شعبنا النضالي ، ووفاء لتضحياته الخيرة التي جاءت عبر نضالات منظماته الشعبية ، وحيث أن الإتحاد الإشتراكي لا يعبر عن نضال الشعب ، ولا يتفق وواقعه وأمجاده ، فقد إرتؤى إلغاء قانون الإتحاد الإشتراكي العربي وحله من الناحية القانونية والواقعية ، وإنتقال أمواله وعقاراته إلى خزينة الدولة ) . ولا يخفى على من عمل في الجانب السياسي ، دور المنظمات الطلابية في نشاطات الأحزاب ، بإعتبارها واجهة التصدي والمعارضة المتقدمة في صفوف أي حزب ، مما جعلها ذات حضور دائم في ساحات التظاهر المضاد للسلطات الحاكمة ، وذات دعم متميز في تأسيس تشكيلاتها التنظيمية حزبيا ، حيث تم تأسيس إتحاد الطلبة في الجمهورية العراقية بموجب القانون رقم (96) في 4/5/1965 ، على وفق المختصر الإيضاحي السابق ، لكن ( الظروف التي إستجدت بعد ثورة السابع عشر من تموز ، إستدعت وضع قانون جديد بشأن التنظيمات الطلابية ، تنسجم أحكامه وأهداف الثورة ) حسب نص الأسباب الموجبة لتشريع قانون الإتحاد الوطني لطلبة العراق رقم (108) في 10/7/1969 ، الذي ألغى القانون المذكور وإتحاد الطلبة المشكل بموجبه ، ليظهر إنتظام ( طلبة الجمهورية العراقية في إتحاد طلابي جديد بإسم – الإتحاد العام لطلبة العراق – ، وهو منظمة طلابية تضم جميع الطلبة العراقيين داخل القطر وخارجه ، وكذلك جميع الطلبة العرب الذين يدرسون في العراق ، بغض النظر عن ميولهم السياسية أو معتقداتهم الدينية أو المذهبية . ويستثنى من ذلك طلبة المدارس الإبتدائية والمتوسطة والعسكرية ومدارس الشرطة ، وتكون وزارة التربية والتعليمات هي المرجع الأعلى للإتحاد ، ولها حق الرقابة والإشراف على نشاطه وهيئاته بما يحقق أغراضه ) .
كما تتضح جليا رؤية الدولة في رسم إمكانيات المنظمات الشبابية وتوجهاتها السياسية ، حين تنص الأسباب الموجبة لتشريع قانون الإتحاد العام لشباب العراق رقم (63) في 24/5/1972 ، على أن ( يجسد الشباب في كل مجتمع ، القوة الجديدة اليافعة ، التي تلعب دورا متقدما في عمليات التغيير والخلق والإبداع ، وفي هذه المرحلة من التأريخ برزت فعالية الشباب بشكل حاسم ، في معظم بلدان العالم ، حتى أصبحت تحركات الشباب تمثل أقوى الظاهرات والإندفاعات الثورية في هذا العصر ، كما إن الدور السياسي والثقافي والإجتماعي ، الملقى على عاتق شبابنا هو دور تأريخي كبير ، فهم أكثر فئات المجتمع إلتصاقا بحياة الشعب ومشاركة له في معاناته ونضالاته ومطامحه وأمانيه ، كما إنهم أكثر عناصر الأمة تعشقا لتجديد الحياة وتطويرها في الإتجاه الأفضل ، نظرا لما تنطوي عليه طبيعة الشباب من طموح جامح ، وتطلع دائم إلى المستقبل الذي هو مستقبلهم ، لأنهم بذوره وبراعمه ، وطوال عقود من السنين التي رزح فيها شعبنا العربي تحت نير الإستعمار ومظالم التخلف ، أثبت الشباب بجدارة أنهم حملة مشعل النضال والقوة الإنسانية التي تعلق عليهم الأمة آمالها ، وفي القطر العراقي ساهم الشباب في جميع مراحل نضاله مساهمة نشيطة مشهودة في التصدي للإستعمار ومقارعة الحكومات العميلة والمعادية لمطامح الجماهير وفي تحقيق الإنتصارات الوطنية الملموسة ، ولا تقتصر فعاليات الشباب في ميدان النضال على جانب معين دون سواه ، بل هي فعاليات شاملة تحددها طبيعة المهمات المطروحة على الجماهير ، لذلك فالشباب ينخرطون تارة في عمل سلمي ، وتارة في عمل حربي ، في البناء أو الثورة ، حسب المؤثرات العامة التي تقررها مصلحة الشعب ، وحسب نوعية كل مرحلة . لقد أعطى الشباب في العالم أمثلة مجيدة على إمكاناتهم الكبيرة في الدفاع عن حقوق ومطامح شعوبهم ، وفي صنع تأريخ أمتهم ، كما إضطلعوا بأدوار نضالية في السلم أو ( في حروب التحرير ) بدافع من شعورهم بالمسؤولية عن حماية الوطن وصيانة حرية الشعب ، وشبابنا إذ يتمتعون برعاية الثورة وتشجيعها ، وإذ تتوفر لهم في أجوائها أفضل الشروط المادية والسياسية لممارسة حرياتهم وتفجير طاقاتهم ومواهبهم ، لذلك فإن مسؤوليتهم في بناء الثورة لا بد أن ترتفع إلى أعلى مستوى تأريخي ، إن ضمان حقوق الشباب وتوفير الفرص الضرورية لهم في تحقيق وحدتهم وتشكيل التنظيم الذي يعنى بشؤونهم ، هي شروط أساسية لتعميق مسؤوليتهم الوطنية والقومية ، إن القوى المضادة للثورة لا تكتفي بنشر أهدافها الرجعية ومحاربة المسيرة التقدمية للشباب فحسب ، بل إنها تسعى بضراوة من أجل توريط قسم من الشباب بدفعهم بعيدا عن المسؤولية الوطنية والقومية ، بما تبثه في صفوفهم من دعوات إنهزامية ونزعات إنحلالية عدمية ، تسحق روح المسؤولية والإلتزام القومي والوطني فيهم ، بل وتجردهم من الشعور الإنساني وتقذف بهم في جحيم الفوضى والضياع واللامبالاة والتسول . لذلك فإن توجيه أقصى الإهتمام للشباب وتحيد طاقاتهم وخلق المناخ الذي تنتعش فيه مطامحهم المشروعة ، وحمايتهم من خطر الدعوات الإستعمارية والرجعية ، هي المهمة الرئيسية التي على إتحاد الشباب أن يأخذها على عاتقه ، إن تعزيز إستقلال القطر ، والذود عن ثروته ، والدفاع عن المكتسبات التي حققتها وتكريس الوحدة الوطنية والأخوة العربية الكردية ، والتوعية بمبادئ الثورة وتعميق الثقافة الثورية ضد الإتجاهات الثقافية المسموحة ، والتحلي بإخلاقية ثورية متجددة تتلاءم مع روح العصر ، هي بلا شك واجبات الشباب الأعلى والأساسية ، لا سيما في مرحلة الثورة ومعركة المصير القومي والكفاح من أجل بناء المجتمع العربي الجديد ، ولكي تكون العلاقة بين الشباب بمستوى المهمات الثورية القومية الملقاة على عاتقهم ، يجب أن يتطلع تنظيم الإتحاد العام لشباب العراق إلى تأسيس إتحاد للشباب على مستوى قومي ، وأن يكون أول ميادين العمل التي تهدف إلى تحويل الأمنية إلى حقيقة واقعة يعيشها الشباب في سائر أرجاء الوطن العربي . ولا شك أن قيام مثل هذا الإتحاد بين الشباب العربي الذين تتمثل فيهم أجيال الأمة العربية الصاعدة ، سوف تكون له – بالإضافة إلى التنظيمات الشعبية القومية الأخرى – أجل النتائج وأخطر الآثار في تكريس النضال الوحدوي وتحقيق الوحدة العربية ، كما إن تنظيم الإتحاد العام لشباب العراق يستفيد بأقصى ما يستطيع من تجارب خبرات البلدان الإشتراكية والتقدمية والمتحررة ، لإنضاج وبلورة تجربته ، وهو يلتزم بالدفاع عن حقوق الشعوب ويقف إلى جانب حركات التحرر القومي والوطني ويجابه الإتجاهات الفاشية والعنصرية والعدوانية في العالم .
إن تنظيم الإتحاد العام لشباب العراق ، قادر على إستيعاب آمال الشباب وتجسيدها ، كما إنه قادر على معالجة مشكلات الشباب ، وهو بتلاحمه مع المنظمات الشعبية الأخرى إنما يساهم في إنجاح التعبئة الوطنية الصحيحة لقوى الجماهير ، ويشارك في ترسيخ المضمون الديمقراطي للثورة ، وفي بناء الأطر الوطنية النضالية التي تضمن سلامة الثورة ، وتوفر لها بإستمرار شروط النصر والتقدم والإزدهار ، ومن أجل تحقيق هذه الأهداف الوطنية والقومية والإنسانية النبيلة صدر هذا القانون ) .