23 ديسمبر، 2024 12:24 ص

قوانين الأحزاب السياسية … دمار شامل ودائم للعراق ؟!

قوانين الأحزاب السياسية … دمار شامل ودائم للعراق ؟!

 

القسم التاسع والأربعون

إستكمالا لبحث قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 ، نبين الآتي :-

في معرض الطعن بقانون الأحزاب السياسية المذكور لدى المحكمة الإتحادية العليا ، كونه يتضمن نصوصا تخالف أحكام الدستور ، أود نقل قرار المحكمة المذكورة بتأريخ 9/8/2016 وبالرقم (3/إتحادية/إعلام/2016) ، وبنوع من تنظيم النقل غير المخل ، مع بيان بعض الملاحظات التي نراها ، وكما يأتي :-

7- كما أن الإدعاء بأن المادة (24/ثامنا) من القانون ، تشترط إعلام دائرة الأحزاب عن نشاطات الحزب وعلاقته بالأحزاب والمنظمات السياسية غير العراقية ، تشكل تحديدا وتقييدا لحرية الحزب في إقامة العلاقات مع المنظمات العالمية ، وتضعه تحت طائلة المادة (53) من نفس القانون بفرض العقوبة الجزائية عليه ، وبالتالي وحسب الإدعاء يشكل خرقا للمواد (2/أولا و13/ثانيا و38/أولا و39 و44 من الدستور ) ، هو إدعاء لا سند له من الواقع السياسي ومن أحكام الدستور ، لأن الإجراء المذكور تطلبه حماية الأمن الوطني ويدخل ضمن صلاحيات المشرع الدستورية (م61/أولا) في حماية المجتمع ، من تمكين الأحزاب والمنظمات الأجنبية من التحكم وربما توجيه الحزب إلى مسارات تتعارض والنظام الديمقراطي الإتحادي في العراق .

*- رد منطقي على الورق ، ولكن ليس له على أرض الواقع ما يسنده من ممارسات فعلية ؟!. بحكم علاقات الأحزاب بالمنظمات السياسية الأجنبية بشكل واضح ، وإرتباطها مع دول الإحتلال وإيران مسألة لا تشوبها شائبة .

8- أما الطعن الوارد على المادة (36/ثانيا) من القانون ، التي ألزمت الحزب بنشر قائمة بأسماء المتبرعين للحزب ، وإن من شأن ذلك أن يؤدي إلى إخافتهم من الملاحقة من قبل الأحزاب الموالية للسلطة ، فإنه كما يذهب الإدعاء يشكل خرقا للمادة (38/أولا) من الدستور الخاصة بحرية التعبير، والمادة (39/أولا) منه التي تنص على حرية تأسيس الأحزاب والإنتماء إليها ، والمادة (46) التي تشترط أن لا يكون تقييد ممارسة الحق تمس جوهر الحق أو الحرية ، فتجد المحكمة الإتحادية العليا أن هذا الطعن غير وارد أيضا ، لأن وجود ذلك الحق للدولة هو خيار للمشرع وحسب الصلاحيات المخولة له ، كما هو مبين أعلاه بما تتطلبه المصلحة العامة للبلاد وأمنها الوطني ، ولا يشكل ذلك ترويعا وتخويفا للمواطنين ، لأنه يؤمن نزاهة ومشروعية أموال الحزب ومنقولاته ، كما أن وجود نص المادة (37/ثانيا) في القانون موضوع الطعن ، بمنع التبرعات المرسلة من أشخاص أو دول أو تنظيمات أجنبية ، والمادة (41/أولا) منه إلا بموافقة دائرة الأحزاب ، فتجد المحكمة الإتحادية العليا ، أن هذه النصوص لا تشكل قيودا على نشاطات الإحزاب وإنما تؤمن مشروعية التبرعات ، وأن هذا الشرط لا يشمل العراقي مزدوج الجنسية ، لأنه يبقى عراقيا ولا يشمله النص المتقدم ، وبالتالي ليس في هذه النصوص مخالفة للدستور ، ومن الطبيعي أن ينال المخالف لأحكام تلك النصوص العقوبة المحددة وفق المادة (50) من القانون المذكور ، لإصلاحه وردع غيره من القيام بذلك ، وقد إلتجأ إليها المشرع للأسباب نفسها المنوه عند الإشارة إلى المادة (36/ثانيا) المطعون فيها أيضا من المدعين والشخص الثالث .

*- مزدوج الجنسية هو ذو الجنسية المتعددة أو المواطنة المتعددة ، وهي حالة اللا مواطنة للشخص الذي لا ولاء ولا إنتماء له ، حينما يمتلك الشخص أكثر من جنسية دولة ( أمريكي أو بريطاني أو فرنسي – عراقي ) مثلا ، وذلك خلاف الأصل في أن تعد الجنسية رابطة قانونية وسياسية بين الفرد والدولة ، فضلا عن كونها رابطة إجتماعية وروحية تتضمن ولاء الفرد لدولته التي يحمل جنسيتها بالولادة ، وهي التي تكفل للفرد التمتع بحقوقه الأساسية ، كما إنها تكفل حمايته في المجتمع الدولي بوصفها دليل المواطنة والولاء المطلق لدولة الميلاد أبناء وأجداد ، وليس وضعا شاذا يتعارض مع طبيعة الجنسية ووظيفتها التي تتجسد فيها التزامات وحقوق متبادلة بين الفرد والدولة ، فمساهمة الفرد في الحياة السياسية وممارسته لحقوقه وحرياته الأساسية مرهون بتمتع الفرد بجنسية الدولة التي يمارس فيها هذه الحقوق على أراضيها ، وليس كما هو في بعض نصوص المادة (18) من الدستور ، حيث ( يجوز تعدد الجنسية للعراقي ، وعلى من يتولى منصبا سياديا أو أمنيا رفيعا ، التخلي عن أية جنسية أخرى مكتسبة ، وينظم ذلك بقانون ) ، وهو ما يخالف ما إستقرت عليه الدساتير السابقة ، وإن كان قيد التخلي عن أي جنسية أخرى مكتسبة من محاولات التضليل البائسة وغير النافذة أو الصالحة في تحقيق التوازن المطلوب ، لأن طبيعة علاقة جميع المناصب وليس بعضها بسيادة الدولة وأمنها الوطني يقتضي حرمان متعدد الجنسية من توليها ، إلا أن الواقع العملي أفقد النص الدستوري قيمته في التطبيق وجعله عرضة للسخرية ، حين تولى مزدوجي الجنسية أعلى مناصب السلطات الثلاث دون تخليهم عن الجنسية الأجنبية ، لا بل ودون تخليهم وعوائلهم من السكن في الدول المانحة لجنسيتها لهم خلال فترة توليهم للمناصب وبعد إنتهائها ، لأن العراق لم يعد صالحا للعيش فيه بما صنعته أيديهم القذرة ، إلا بقدر ما تناله أنفسهم الدنيئة من سرقة وسلب ونهب ثرواته لمنفعتهم الخاصة ، وأعتقد جازما وقاطعا بإستعدادهم التخلي عن الجنسية العراقية مقابل إحتفاظهم بالجنسية الأجنبية ، ولعل ما تقدم هو السند والدافع في تبني المحكمة الإتحادية العليا إلى التوسع بقرارها الخاص برد الطعن الوارد على المادة (36/ثانيا) من القانون بقولها ( وأن هذا الشرط لا يشمل العراقي مزدوج الجنسية ، لأنه يبقى عراقيا ولا يشمله النص المتقدم ، وبالتالي ليس في هذه النصوص مخالفة للدستور ) ؟!. والجنبة السياسية غير القانونية المهنية واضحة بينة في هذا القرار ، حيث لا يبقى مزدوج الجنسية عراقيا أصيلا في النسب والإنتماء الوطني ، مهما كانت الإدعاءات في جميع الحالات والأحوال ، ولسنا بصدد تعداد أسماء ومناصب النكرات ، التي جاءت إلى العراق بعد الإحتلال ، ثم عادت إلى بريطانيا وأمريكا وغيرهما من دول التجنس ، وهي تحمل ما نهبت وسرقت من المال العام على ظهر سفينة مزدوجي الجنسية .