23 ديسمبر، 2024 12:50 ص

قوانين الأحزاب السياسية … دمار شامل ودائم للعراق ؟!

قوانين الأحزاب السياسية … دمار شامل ودائم للعراق ؟!

 

القسم الثامن والأربعون

إستكمالا لبحث قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 ، نبين الآتي :-

في معرض الطعن بقانون الأحزاب السياسية المذكور لدى المحكمة الإتحادية العليا ، كونه يتضمن نصوصا تخالف أحكام الدستور ، أود نقل قرار المحكمة المذكورة بتأريخ 9/8/2016 وبالرقم (3/إتحادية/إعلام/2016) ، وبنوع من تنظيم النقل غير المخل ، مع بيان بعض الملاحظات التي نراها ، وكما يأتي :-

3- إن إدعاء المدعين والشخص الثالث بكون المادة (11/أولا) من القانون المطعون فيه ، يخالف أحكام المادة (49/رابعا) من الدستور ، كونها لم تشترط أن تكون نسبة النساء عند تشكيل الأحزاب في الهيئات المؤسسة بنسبة النساء التي إشترطتها المادة الدستورية أعلاه بنسبة أعضاء مجلس النواب ، فإن الإدعاء المذكور مردود ، حيث لا يمكن قياس عدد تمثيل النساء في الهيئات المؤسسة للأحزاب بالنسبة الواردة في المادة (49/ثانيا) من الدستور التي تخص نسبة النساء في مجلس النواب ، لأن إيراد نسبة معينة في عدد النساء في مجلس النواب جاء إستثناءا من الأصل ، والإستثناء لا يقاس عليه ، كون الهيئة المؤسسة للحزب في بعض الأحيان لا تمتلك تلك النسبة عند التأسيس ، لعدم توافر العدد المطلوب من النساء لسبب أو لآخر ، وبالتالي لا توجد مخالفة لأحكام الدستور في عدم إشتراط نسبة معينة من النساء في الهيئة المؤسسة للحزب .

4- إن الطعن الوارد على المادة (22/ثانيا) من القانون ، والمتضمنة كون رئيس تحرير صحيفة أو مجلة الحزب ، هو المسؤول جزائيا عما ينشر فيها ، فتجد المحكمة الإتحادية العليا بأن مسؤولية رئيس التحرير وكاتب المقال المنشور هي مسؤولية تضامنية ، فرئيس التحرير يكون متضامنا مع كاتب المقال في تحمل التعويض عن الضرر الناجم عن النشر ، ومسؤولية الكاتب هي تحمله الجانب الجزائي عن الفعل الضار إلى جانب التعويض الذي يسببه ذلك الفعل مقالا أو صورة أو غيرها للغير ، بنشر المادة التي أدت إلى إقامة الشكوى ضد الصحيفة أو المجلة العائدة للحزب ، لأن العقوبة الجزائية هي شخصية ، ولا يمكن أن يتحملها رئيس تحرير أو المدير المسؤول عن الصحيفة أو المجلة ، كونه يمثل الصحيفة أو المجلة أو المطبوع بشخصية الحزب المعنوية ، ولا يجوز معاقبته جزائيا عملا بالآية الكريمة … ولا تزر وازرة وزر آخرى .

5- إن إدعاء المدعين والشخص الثالث ، بأن إشتراط المادة (11/أولا-أ-) من القانون المطعون فيه ، بأن يكون الحد الأدنى لعدد المنتمين للحزب لغرض إجازته بما لا يقل عن (2000) ألفي عضو ، يشكل تقييدا لحرية الرأي والتعبير ويتعارض مع نص المادة (38/أولا) من الدستور والمادة (14) منه ، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى عدم المساواة بين المواطنين ، ويشكل مخالفة للمادة (46) من الدستور ، ويمس ذلك التحديد جوهر الحق والحرية ، فتجد المحكمة الإتحادية العليا ، أن ذلك الإدعاء غير وارد ، لأن هذا التحديد خيار للمشرع حسب صلاحياته الواردة في المادة (61/أولا) من الدستور ، وبخلاف ذلك سيؤدي الأمر إلى تشكيل عدد هائل من الأحزاب قليلة العدد ولا مؤيدين لها ، ولا يمكنها القيام بالمهام المنوطة بها على أكمل وجه .

*- إن إستخدام عبارة ( ويشكل مخالفة للمادة (46) من الدستور ، ويمس ذلك التحديد جوهر الحق والحرية ) ، دون إعتماد النص الكامل للمادة بأن ( لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناء عليه ، على أن لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية ) ، أفقد القانون قوة تقييد الممارسة لأي من الحقوق والحريات ، بشروط الحد من التوسع في تشكيل الأحزاب على أساس العدد الكمي ، الذي يمكن توفيره بفعل علاقات ذوي القربى والأصدقاء مع إستخدام المال السياسي لغرض التسجيل الرسمي ليس إلا . أما القول المتكرر بأن ( هذا التحديد خيار للمشرع حسب صلاحياته الواردة في المادة (61/أولا) من الدستور) ، المتعلقة بإختصاص مجلس النواب بتشريع القوانين الإتحادية ، فيعني إمكانية رد الطعن على أية حالة بالإستناد إليها فقط ، مع إن المادة (93) من الدستور قد أخضعت جميع القوانين للطعن لدى المحكمة الإتحادية العليا ، كما تقرر بموجب المادة (100) منه ( حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من الطعن ) ، وكان من الأفضل النظر إلى أن خيار المشرع قد لا يمثل رأي ممثلي الشعب برمتهم ، وإنما هي الأغلبية الحزبية التي لا تريد زيادة عدد منافسيها أصلا ، ويظهر ذلك جليا في التلاعب بزيادة معيار الرقم (1) في نظام سانت ليغو الإنتخابي ، كما إن إجازة تأسيس أكثر من (200) حزب ليست بالقليلة ، ولا تشكل الإضافة العددية إليها ما يخشى منه ، سيما وأن جميع الأحزاب بقليل عددها أو كثرتهم ، لم يستطيعوا القيام بالمهام المنوطة بهم على أكمل وجه منذ الإحتلال سنة 2003 وحتى الآن ، بدليل عدم وجود المنجز النوعي المساوي شكلا أو مضمونا لبعض ما تمتعوا به من رواتب ومخصصات وإمتيازات ، منحت لهم بصفتهم النيابية اللاحقة والقائمة على أساس صفتهم الحزبية أو إنتماءاتهم إلى الكيانات السياسية أو الكتل النيابية المؤقتة ؟!.

6- كما وتجد المحكمة الإتحادية العليا ، بأن طعن المدعين والشخص الثالث بالفقرة (سابعا) من المادة (24) من القانون ، التي ألزمت الأحزاب بتزويد دائرة الأحزاب بأسماء المؤسسين والمنتمين وما يطرأ عليها من تحديثات ، بأن وجود هذا الشرط يعبر عن الرغبة في إحكام السيطرة على الأحزاب ومراقبتها ، وبث الرعب بين المنتمين وصرفهم عن الإنتماء للأحزاب ، هو طعن غير وارد ، إذ أن ذلك هو خيار للمشرع إتخذه إستنادا للصلاحيات المخولة له في المادة (61/أولا) من الدستور ، بإعتباره من الضرورات التي يتطلبها الأمن الوطني والمصلحة العليا للبلد ، ولتأمين العلانية والشفافية في مكونات الحزب والمنتمين إليه في الدول التي تتبنى النظام الديمقراطي .

*- إذا كان خيار المشرع السياسي بإلزام الأحزاب بتزويد دائرة الأحزاب بأسماء المؤسسين والمنتمين وما يطرأ عليها من تحديثات ، بإعتبارها من الضرورات التي يتطلبها الأمن الوطني والمصلحة العليا للبلد ، ولتأمين العلانية والشفافية في مكونات الحزب والمنتمين إليه في الدول التي تتبنى النظام الديمقراطي ، فلا أعتقد بحاجة الشعب لما يهدد أمنه وإستقراره ؟!. وهذا ما يؤكد الدور التخريبي لمؤسسي وعناصر الأحزاب السياسية غير المهنية ، كونها من أسلحة الدمار الشامل والدائم للعراق ؟!.