23 ديسمبر، 2024 12:17 ص

قوانين الأحزاب السياسية … دمار شامل ودائم للعراق ؟!

قوانين الأحزاب السياسية … دمار شامل ودائم للعراق ؟!

القسم السابع والأربعون

إستكمالا لبحث قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 ، نبين الآتي :-

في معرض الطعن بقانون الأحزاب السياسية المذكور لدى المحكمة الإتحادية العليا ، كونه يتضمن نصوصا تخالف أحكام الدستور ، أود نقل قرار المحكمة المذكورة بتأريخ 9/8/2016 وبالرقم (3/إتحادية/إعلام/2016) ، وبنوع من النقل غير المخل بنص المضمون ، مع بعض ما نراه من ملاحظات لا يؤخذ بها ، حيث ( لا رأي لمن لا يطاع ) ، إن لم يكن الإهمال نصيبها في القراءة ابتداءا ، لتعارضها مع ما يمكن تحقيقه من مصالح شخصية ، عن طريق تشكيلات غير مهنية ، وكما يأتي :-

أولا – لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الإتحادية العليا ، وجد بأنه سبق وأن أصدر المدعى عليه / إضافة لوظيفته ، قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 ، ولعدم قناعة المدعين والشخص الثالث ببعض المواد والفقرات من المواد التي تضمنها القانون المذكور ، بادروا إلى الطعن بها ، حيث طلبوا الحكم بعدم دستورية المواد (9/ثانيا وسادسا) و (11/أولا) و (22/ثانيا) و (24/سابعا و ثامنا) و (36/أولا) و (37/أولا) و (41/أولا) و (44) و (46/أولا) و (50) و (53) من القانون المشار إليه أعلاه ، كونها تخالف المواد الدستورية المبينة إزاءها في الفقرة (ثالثا) من عريضة الدعوى ، وذلك عملا بأحكام المادة (13/ثانيا) من الدستور التي نصت ( لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور ، ويعتبر باطلا كل نص يرد في دساتير الأقاليم أو أي نص قانوني آخر يتعارض معه ) . وعليه :-

1- تجد المحكمة الإتحادية العليا بأن إشتراط الفقرة (ثانيا) من المادة (9) من القانون المطعون فيه ، في من يؤسس حزبا أن يكون قد أكمل الخامسة والعشرين من العمر ومتمتعا بالأهلية القانونية ، لا يشكل خرقا لأحكام الدستور في مواده ( 20 و 38/أولا و 46 و 49/ثانيا ) منه ، كون السن المذكور يجعل من الفرد مؤهلا لتحمل المسؤوليات التي تتطلبها الممارسة السياسية الحزبية في تأسيس حزب من الأحزاب ، وهو خيار للمشرع حسب صلاحياته الواردة في المادة (61/أولا) من الدستور ، وبإستطاعة من هو دون السن المذكورة المشاركة في العملية السياسية ، عن طريق الإنتماء إلى تلك الأحزاب والتمتع بالحقوق السياسية والتعبير عن حرية الرأي ، وإن ذلك الشرط الذي جاءت به المادة (9/ثانيا) يقتصر على مؤسس الحزب لا أعضاءه .

*- نعلم بأن قرارات المحكمة الإتحادية باتة وملزمة ، وأنها السلطة الأعلى قضائيا ، وأن أي رأي مخالف لها بشكل رسمي أو شخصي لا يعني شيئا من حيث القرار النهائي ، ولكني وجدت في هذا القرار تجاوزا على ما تقتضيه هيبة المركز القانوني لرئيس الحزب ، الذي تفرضه السن المتقدمة والمفترضة من هيبة ووقار شخصي لرئيس الحزب على المنتمين للحزب ، الذي رأينا في أن لا يقل عن (40) أربعين سنة ، لأن سن الخامسة والعشرين لا يمثل النضوج الفكري لتحمل مسؤولية تأسيس الأحزاب ، إذ غالبا ما يطغى على سلوك وتصرفات الفئة العمرية تلك ، طابع الثورية والإنفعال المفرط والتمسك المتعنت بالأفكار ، حد عدم تقبل النقد أو بث روح التجديد والتطوير ، وعدم الأناة والروية في المعالجة وإتخاذ القرار للمتمتع بأهلية الأداء القانوني ، ولربما كان منطلق المحكمة مستندا إلى أهلية شخصيات السن (25) من العمر لتحمل المسؤولية ، خلال العقود الخمس الأولى من القرن الماضي . كما إن الدستور قيد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة فيه وحددها بالقانون الصادر بناء عليه ، على أن لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية ، الذي نرى فيهما ضمان ما أشرنا إليه ، كما إن الإشارة بالخلط بين إستطاعة من هو دون السن المذكورة المشاركة في العملية السياسية ، عن طريق الإنتماء إلى تلك الأحزاب والتمتع بالحقوق السياسية والتعبير عن حرية الرأي ، والشرط الذي جاءت به المادة (9/ثانيا) والمقتصر على مؤسس الحزب لا أعضاءه ، يكون في صالح الطاعنين وليس بالضد منهم . وفي كل الحالات والأحوال ، فلست إلى جانب أي توجه بتشكيل الأحزاب على مستوى الشيوخ أو الشباب وبأي وصف كان .

2- أما إشتراط الفقرة (سادسا) من المادة (9) من القانون أعلاه ، فيمن يؤسس حزبا أن يكون حاصلا على شهادة جامعية أو ما يعادلها ، فهذا خرق واضح لأحكام الدستور في مواده (14 و16 و 38/أولا و 46) منه ، حيث أن الدستور لم يشترط فيمن يتولى منصب رئيس الجمهورية أن يكون حاصلا على شهادة جامعية أو ما يعادلها ، كون المنصب المذكور هو منصبا سياسيا ، ومن باب أولى فإن مهام رئاسة الحزب عمل سياسي بحت ، ويجب أن لا يقترن بالحصول على تلك الشهادة والمنوه عنها أعلاه ، إذ أن ذلك يؤدي إلى حرمان عدد كبير من المواطنين ممن مارسوا وتمرسوا في الشؤون السياسية وأصبح لهم جمهورهم من ممارسة هذا الحق ، وتأريخ العراق زاخر بعدد غير قليل من السياسيين من غير الحاصلين على الشهادات الجامعية ، تبوؤا رئاسة الأحزاب السياسية العريقة وتشكيلها ، وهذا ما هو موجود في أعلب دول العالم ، سواء في الدول الراسمالية أو في الدول الإشتراكية سابقا .

*- مع تأييد قرار المحكمة ، إلا أن ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في الدستور ، قد تم تقييدها وتحديدها بالقانون الصادر بناء عليه ، على أن لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية حسب نص المادة (46) منه ، وإستنادا إلى نص البند (أولا) من المادة (69) من الدستور ، صدر قانون أحكام الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية رقم (8) في13/2/2012 ، الذي إشترط بموجب المادة (1/ رابعا) منه في من يرشح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية ( أن لا يقل تحصيله الدراسي عن الشهادة الجامعية الأولية المعترف بها من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق ) . وذلك مما لا تصح المقارنة به ، لوجوب الفصل بين مؤهلات المرشح للمنصب الحكومي الرسمي الأعلى في الدولة عن ذلك المتصدر للعمل الحزبي الطارئ ، حيث لا توجد دولة بدون رئيس لها ، ولكنها توجد بدون حزب أو رئيس له .