23 ديسمبر، 2024 1:27 ص

قوانين الأحزاب السياسية … دمار شامل ودائم للعراق ؟!

قوانين الأحزاب السياسية … دمار شامل ودائم للعراق ؟!

القسم السابع عشر
بعــد ســقوط النظام الحاكم في العراق ، بفعل الإحتلال العسكري الأمريكي البريطاني الغاشم ومن تحالف معهم ، تهاوت هياكل الســلطة وعمت البلاد حالة من الفوضى والإرتباك شــبه التام ، إذ توقفت الخدمات الضروريــة التي تديرها الحكومة مركزيا ، ولم يســلم من الســطو والنهب والسلب أي مصرف أو مستشــفى أو مكتب حكومي أو محطة كهرباء أو قصر رئاسي أو بيت مسؤول سابق ، وعمت البلاد أشكال أخرى من العنف التي أصابت النشاطات الإقتصادية والإجتماعية بالشلل ، وسرعان ما إندلع النشاط السياسي غير المنضبط وغير مكتمل الأركان ، وبدا الموقف متجها إلى عدم الوضوح والتخبط قبل بدء أعمال المقاومة المسلحة لقوات الإحتلال . كما لم يكن تشكيل هيأة إدارة شؤون العراق بإسم مكتب المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار العراق عبثا كما يعتقد البعض ، إنما كان نتيجة دراسة إستهدفت حصول التغيير المطلوب أمريكيا بعد الإحتلال ، فقبل ثلاثة أسابيع من غزو القوات الأمريكية والبريطانية للعراق في ٢٠/3/ ٢٠٠٣ ، صدر قرار تشكيل المكتب المذكور برئاســة الجنرال جاي غارنر للإشراف على المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار والإدارة المدنية في عراق ما بعد الحرب ، وقد إســتعانت وزارة الدفاع الأمريكية بالعشــرات من أساتذة الجامعات والكتاب والناشطين العراقيين لتشكيل مجلس إعادة الإعمار والتنمية ، لتقديم المشورة إلى المسؤولين الإداريين من الأمريكيين في أربع خيارات من التوجهات ، الخاصة باقامة حكم عسكري مباشر، أو إدارة مدنية يباشرها التحالف ، أو إدارة مدنية يباشرها العراقيون ، أو حكومة عراقية مؤقتــة . ويبــدو أن فريق غارنر لم يكن موفقا في الانتقال بين الخيارات ، بسبب ســوء تقدير الوضع الامني قبل الحرب ، حيث إختفت الإدارات الحكومية والشــرطة في العراق فور نشوء الفراغ السياسي ، ولم يكن لدى الولايات المتحدة أي خطط طارئة لمعالجة هذا التطور المفاجئ ، ولا أي ميل واضح لتحويل قواتها المثقلة بمهام خوض الحرب إلى حفظ السلام ، ولا أي حكومة عراقية مؤقتة تستطيع التعامل مع متغيرات الوضع العام ، أو التشــكيلات العســكرية العراقية المحلية الموثوقة والمســتعدة للخدمة لمنع انعدام الأمن العام ، بعد إستشراء العنف الإجرامي والعنف السياسي ، الذي أحدث صدعا في حياة العراقيين اليومية وطغى على كل ما تتسم به من الوئام والإنسجام منذ اليوم الأول للإحتلال ، إضافة إلى معارضة بعض عناصر أحزاب مجموعة السبعة ومن معهم من نفرات الفقاعات ، التي أسفرت عن نواياها في السيطرة على مقاليد الحكم في العراق ، بوضوح مبكر لتحقيق أهدافها وغاياتها المتمثلة بالإستحواذ على السلطة وإستغلال فرصة وإمكانية التفرد بها ، من أجل الحصول على مغانم عملية إحتلال العراق التي لا نصيب لهم فيها عمليا ، غير الإدعاءات الكاذبة بعد شراء ذممهم ومؤيديهم بأبخس الأثمان ، والتي أدت إلى تغيير توجه بوصلة الأمريكان إلى حيث حلها وإستبدالها بسلطة الإئتلاف المؤقتة لإحتلال العراق ، إشباعا لرغبة من ستتركهم من بعدها لإدارة شؤون العراق ، الذين شكل أعضاء مجلس الحكم ومناوبيهم ووزرائهم ، عناصر وأدوات نواة نظام الحكم على أسس ( العرقية والطائفية والمذهبية ) المقيتة والموصوفة بثلاثية الدمار والخراب الوطني الشامل والدائم ، ونواة السوء والفشل الإداري والفساد المالي غير المسبوق ، عندما بانت أولوية إهتماماتهم في ضمان التخصيصات المالية لأعضاء تلك الأحزاب ومؤيديها بالإدعاءات الكاذبة ، مع تعدد وتنوع الموارد المالية والإمتيازات غير المستحقة على وفق معايير عدالة توزيع الثروات ، وإنما كانت تشريعات مجلس الحكم والحكومات المؤقتة والإنتقالية والدائمة أساسا للمنح المسرف ، بعدما كانوا يتقاضون من دول اللجوء المساعدات المستقطعة أثمانها من أموال صادرات النفط العراقي ، وإن كان هنالك من يحاول ترويج صور إرتدائهم لأثواب النزاهة وصفات مناسك المتصوفة والزهاد ، وقد فصلنا بعضها بمقالات نشرناها ضمن (230) مقالا على هذه الصفحات صفعا باليمين ، وأخريات سابقات على صفحات التواصل ركلا باليسار ، وأخر متناثرات بضربات حقائق الأسانيد التي لا يسطيع ردها كل أفاك أثيم أو فاسق زنيم .
وبعد فشــل خطط غارنر في نقل الســلطة إلى خليط من شــخصيات المنفى والقادة المحليين ، ومع تصاعد الســخط العام في العراق ، تأسست ســلطة الإئتلاف المؤقتة في 1/6/2003 ، في أعقاب صدور قرار مجلس الأمن رقــم ١٤٨٣ فــي ٢٢/5/ ٢٠٠٣ ، الذي إعترف بالولايــات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة دولتا إحتلال ، مفوضا سلطة الائتلاف المؤقتة للإحتلال ، صلاحية إدارة الدولة المحتلة لحين تشــكيل حكومة وطنية وشــرعية وممثلة للشــعب العراقي . وســرعان ما قام (بول بريمر) الرئيس الجديد لســلطة الإحتلال المؤقتة ، بالعمل على إنشاء إدارة مدنية يباشرها التحالف ، مدفوعا بالإستناد إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قد فشــلت في التخطيط بشــكل كامل لإقامــة حكومة عراقية مؤقتة ، فكانت المفارقة أن التخطيط العســكري الأمريكي كان شــاملا ، ولكن التخطيط السياسي كان سطحيا ، وما كان من سبيل إلى منع الموقف من الإنزلاق إلى المزيد من الفوضى ، إلا الســيطرة على العملية الإنتقالية ، بقيام السلطة الجديدة التي تمتلك القول والفعل الفصل ، أن تملأ فراغ السلطة تدريجيـا ، ولأن إحلال الإستقرار رهين وجود قدر معقول من الرخاء الضروري لتحقيق قدر من الحرية والمساواة ، ركزت سلطة التحالف المؤقتة طاقاتها على تفكيك بنى السلطة السابقة وإعادة هيكلتها ، وبناء نظام سياســي جديد ، يقوم على تحرير الإقتصاد الموجه مركزيا ، والتعاطي مع القوى الإجتماعية والمؤسساتــية المنطلقة إلى إثبات وجودها بأسرع مما يمكن ، بمنحها قدرا كبيرا من الحرية وبشكل مفرط في أغلب الأحيان . حيث إساءة الإستخدام ؟!.