لا أدري الى متى نحسب أن هناك أحداً ( لسنة ) الأنبار سواء يدافع عنهم أو يمثلهم ..!
فهم يتطلعون الى ما يفكر به المثقفون , بين الحق والباطل وبين الصدق والكذب وبين الخير والشر خيطٌ رفيعٌ جداً يكاد البعض لا يميزه .. وما يجري في الأنبار دائرة مغلقة لم تُحدد بها البداية أصلاً ولن تكون لها نهاية في المستقبل القريب أو البعيد .. فجميع الحروب منذ أن خلق الله آدم كانت بسبب وجيه أو غير وجيه !
حتى إندلاع هذه الحرب العجيبة التي نشبت بعد إنتظارٍ طويل فقد كانت بلا سببٍ يُذكر .. فيالق وفرق وألوية مشاة وألوية مدرعة وألوية للقوات الخاصة وألوية للشرطة وألوية هندسية وألوية مساندة تساندها قوات جوية ومسلحون من كل دول العالم من أقصى الأرض ومن أدناها .. من الدول المجاورة وغير المجاورة .. من العرب والعجم والترك والمغول والشيشان والسكسون والفايكنغ والصينيين والأزبك والأفارقة والهنود الحمر والصفر والخضر وقنوات فضائية وكتل حزبية ونيابية وسفارات ودول لتحرير المجهول من أرضٍ مجهولة !
من يقاتل من !
نحنُ أبناء ( الأنبار) تحديداً لا نعلم .. من هو المحق ومن هو المصيب ومن الذي يمثل الحق ومن يمثل الباطل .. نحنُ أهل ( الأنبار ) اليوم لا نعلم .. نعم لا نعلم ولا ندري ولا نريد أن نعلم أو ندري عن الخراب الذي أحال مدينتنا إلى أرضٍ يباب كما يقول أحد الشعراء .. أرضٍ يباب مسحت أكثر من نصف بيوت مدين المحافظة وحولتها إلى أرضٍ صالحةٍ لزراعة الحزن والضيم .. شوارع تلك
المدن ودروبها وطرقها وأزقتها أمست حفراً .. مناراتها وقبابها وجوامعها ومساجدها تهدمت .. مدارسها تُضرب بأحدث أنواع الأسلحة يومياً .. كانت مدن إسمها مدن ( الأنبار ) والآن أصبحت أثراً بعد عين ومازال الكذابون على كذبهم .. نفس العمائم ونفس (الأربطة ) ونفس ( العكل ) ونفس الألسنة التي لا تحسن قراءة أربع كلمات .. ما زالت وستظل تكذب وأهل الأنبار أهل الكرم والغيرة والنخوة والطيب والشهامة تحولوا إلى لاجئين بسبب هؤلاء الّذين إعتقدوا أنهم سياسيون وهم بقايا لبضعة متخلفين .. الأنبار مهد الفرات وجبين العراق إنتهت من على خارطة الإنسانية .. نعم أقولها بلا تردد أنَّ مدينتنا لن تعود إليها الحياة أبداً ما دام النفاق والرياء والمنافع تفوقت على نفوس البعض ممن إعتقد أنه أصبح مُصلحاً وقائداً عتيداً وفيلسوفاً بصيراً !
كلمةٌ صادقةٌ واحدة أو إعتراضٌ واحدٌ منا نحنُ العزل لا يمكننا أن نطلقه حتى مزاحاً لأنه قد يؤدي إلى موتك أو تهجيرك أو عزلك أو إبادة عائلتك أو التنكيل بك أو خطفك أو تهديدك .. قواميس من الظلم إنتشرت في سماء مدينتنا وإستبدلت سماءها الصافية بغبارٍ وسوادٍ من الحقد والغموض ..القصف على مدار الثواني .. الخوف يمشي متأنياً مع عقرب الدقائق !
لا فرق بين أن تجلس في بيتك أو جامعتك أو دائرتك أو في الجامع أو الشارع لأنَّ القصف سينالك .. شظايا أو صوت أو دخان أو خبر يُنقل إليك عن مدينتك وهي تحتضر .. العقلاء إستقالوا من عقولهم وإرتطموا بصبات كونكريتية شامخة صنعتها يد الجهلاء .. حذرنا ولم يسمعنا أحد وكأننا من المريخ ولسنا من الأنبار !
قلنا للجميع أنَّ مجرد النظر إلى من يقودكم الآن يُجهز على بقايا نواياكم الشريفة .. فقط تصفحوا ذاكرتكم وسترون أنهم إستبدلوا أقنعتهم بأقنعة جديدة .. لا ينفعنا النُصح ولا التروي لأن الكل لا يريد أن يسمع إلا نفسه .. مدن ( الأنبار ) لم تعد مدن صالحةً للسكن بل ركام فوق خراب على تلال من الجثث والموتى والأنين .. أذكّر من تبقى من الشرفاء هل رأيتم حرباً خاضها عقلاء داخل هذه المدنٍ آمنة !
هل خاض المسلمون مع الكفار حرباً واحدةً داخل المدن !
ألم يكن فتح مكة بهدوء وسلام حفاظاً على المدن .. كل حروب العالم وأغلبها يخوضها النبلاء خارج مناطق السكن والمدن الآمنة .. والحروب العالمية لم تتوقف إلا بعد أن تعرضت المدن الكبرى الى الخراب والدمار واليابانيون لم يُعلنوا إستسلامهم رغم شراسة وضراوة الحرب التي خاضها الجيش الياباني في الحرب العالمية الثانية إلا بعد أن ضُربت مدينتي هيروشيما وناكازاكي بقنبلتين ذريتين .. كيف يمكننا أن نوصل رسالةً واحدة الى من يُقاتل بأن ما يجري من تدمير منظمٍ لنا هو أمان وأمن وسعادة وإرتياحٍ لغيرنا !
الحرب في ( الأنبار ) ستبقى مشتعلة لأنَّ إستمرارها سيدفع بلاء الحرب عن كل دول الخليج وإيران وتركيا ومناطق واسعة في العالم .. وستبقى شرايين الدم تُضَخُّ من هذه الدول بلا توقف .. المهم بلدانهم آمنة ومستقرة والمواطن هناك يعيش بإرتياح وعجلة الموت تُدفع إلى الأنبار من هناك ولكل الأطراف .. أموال .. سلاح .. أحزاب .. إعلام .. رجال .. نفاق محشى بالرصاص والنار! وأبناء الأنبار يفطرون على الموت ويتعشون على الجروح .. مع من نتكلم ولمن نتحدث ومن يُصغي إلينا ؟! :
لا ندري