“عادت علينا التي نهفو لها ما لها” كلام شاعري، ينضح من سويداء قلوب العراقيين.. يصبو نحو الموصل الفيحاء.. أم الربيعين ومسحة الجمال التي تكحل عيون العشاق بأبهى نسيب وأرق هيام، لكن كل هذا الرومانس صنعناه بدم الشباب المسفوح على ثرى سبخ الصحارى التي سورتها “داعش” بفجائع أعادت الفتية الذين قبلوا أكف أمهاتهم ذاهبين لتلبية فتوى المرجعية بالجهاد ضد الإرهاب، مزقَ أشلاءٍ لا تشبه فرحة حبيباتهم وهن يودعنهم بقبل موؤدة من وراء النوافذ وعلى السطوح؛ خجل حياء من المجاهرة بالهوى … كل جيل في تاريخ الإنسان على أرض السواد.. العراق.. بلد الرافدين اللذين ينبعان من سقر ويصبان في الجحيم، لا بد أن تذيقه الدنيا حرب مجاعة وإعتقال ثورات!
لكنهم لها.. الشباب الصيد، أحفاد ثوار العشرين، الذين إستجابوا لنداء المرجعية يوم 30 حزيران 1920، ولقنوا الإنكليز درساً، حفظ كرامة الأولياء والأمهات والأطفال… هم الذين تشربوا العزة بالنفس حد الجنون، إيماناً بالجهاد، يوم 10 حزيران 2014، يلتهمون رصاص “داعش” ومفخخاته الخائبة، التي تقتنص غفلة أم عن وليدها، او عجوز تناكد بائع خضروات في السوق.. تفجيراتهم لا رجولة فيها، بينما قواتنا الأمنية، المؤلفة من الجيش والحشد الشعبي والشرطة الإتحادية والعشائر النجيبة، واجهتهم بفروسة، إستخذوا أمامها، وهم يتدرعون بالمدنيين العزل، وقاء شجاعة رجالنا الأبطال.
قواتنا تحبط جبنهم وهم يلوذون بأزياء النساء، وقد… حققنا نصراً أعاد للرجولة هيبتها ولأخلاق الفرسان نصابها، بعد أن خذلتها فلول “داعش” المستترة بجناح الباطل تلوي سبيل الحق عن إستوائه.
رجال أفذاذ، بحجم ثقة الوطن والمرجعية والشعب بهم، نصراً من الله خلد الشهداء ورفع هامات العائدين بالبشرى، إنموذجهم الأمثل ذلك الذي سلم جثة أخيه الشهيد للخلفيات، وعاد الى خطوط الصد، بمواجهة “داعش” يقاتل، قائلا: “ثمة من سيوصل الجثمان للبيت، واجبي في الدفاع أهم”.
أية طاقة إيمانية مهولة البراكين تتفجر من سابع أرض الى سابع سماء، تلك التي تنبع من بطولة هذا الذي يسلم جثة أخيه شهيداً، من دون أن يوصلها بنفسه الى العائلة، ويعود لإكمل القتال، غير منكسر ولا هياب!؟ بهؤلاء إنتصر العراق، وبمثلهم أتم الله دعوة محمد صلوات الله عليه وعلى اله اجمعين للإسلام، من منبع الرسالة.
الخلود للشهداء الذين تسامى أثير أرواحهم الى الجنة، والشفاء للجرحى والمجد لقواتنا البطلة والبشرى للعراقيين بمن صنعوا النصر أولا، وبالنصر ثانياً.. “ألا هبي بصحنك وإصبحينا”.. ولا تبقي أطايب من مثابات وطنية للمستقبل.. مستقبل الأجيال.. أحفاد من إستشهدوا ولم يروا أولادهم في المهد يرفلون. انقر هنا من أجل الرد أو الرد على الكل أو إعادة التوجيه