تتيح لي طبيعة مهنتي “المتعبة” أن أقضي أوقاتا طويلة أمام تلكم الشاشة, أبحر من خلالها عبر شواطيء العالم ومحطاته المنوعة غير أني لا ألبث أن ارسو عند مصانع الأخبار اتفحصها وابحث بين ثناياها عما هو جديد .
الجديد في ذلك اليوم كان نبأ انفجار عدة سيارات مفخخة في بغداد المنكوبة وما ذلك بجديد, طفت مرة أخرى وعدت علي أجد جديدا وإذا بي أقرأ تحديثا يشير الى ان تلك التفجيرات رافقت عملية اقتحام لوزارة العدل راح ضحيتها العشرات وماذا ذاك بجديد .
بين همٍ وغم, استغفرت الله وقررت ترك تلك المواقع متجها نحو صفحتي الفيسبوكية حيث أعيش حياة أخرى مع إخوة هنا وأخوات هناك, ما هي إلا دقائق حتى رأيت منشورات أعادتني الى الهمّ والغمّ أو أعادته لي.
أحدهم يطالب بالدعاء لتمكين “المجاهدين” من “وزارة الظلم” , آخر وصفها بالغزوة وثالث “يحتسب” “شهداء المجاهدين” , إزدادت الهموم وكثرت فقررت أن أفجر منشورا لاصقا أرد به على هؤلاء علّ تلك الكلمات تذهب عني جزءا من هم وغم يرافقني خرجت لبضع ساعات وعدت مرة أخرى لأنظر جديدا وإذا بالأنباء تشير الى موقف مشرف وما هو بجديد أيضا.
ضابط في “جيش الكفرالصفوي” يضع نفسه جسرا لإنقاذ “المرتدين” من وزارة “الظلم” غير آبه لسطوة “المجاهدين” ولا لتهديداتهم .
فرحت لذلك كثيرا, فرحت لموقف ذلك الضابط الذي أعاد الى الذهن صورة عثمان العبيدي ونزهان الجبوري وغيرهم, وداس برجله على جميع الأساليب والممارسات المتعفنة التي يجهد البعض في ارسائها من أجل رصيد انتخابي أو شحن طائفي يفوز من خلاله برصيد استمرار على حساب أمننا واستقرارنا وأخوتنا . زادت فرحتي أكثر لدى معرفتي بأن الملازم الأول عبد المهيمن الجميلي ينتمي الى ذات مدينة العبيدي عثمان, تلك الأعظمية التي تصر على الشموخ بوجه العاديات ليتحوّل ذاك الغمّ الى نشوة اعترتني رافقتها خِشية بعدما عرفت بعض التفاصيل عن طبيعة عمل الجميلي, فعبد المهيمن يعمل ضابطا في فوج حماية رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي الذي يتخذ من مبنى مجاور لوزارة العدل مقرا له .
بضع ايام مضت ولم تتطرق الحكومة الى ما فعل عبد المهيمن ولم يرد ذكره على لسان أي من مسؤوليها, لا أدري نكاية به أم بالإعظمية أم بالنجيفي, أما “المجاهدون” فلن ينسوا بالتأكيد فعل عبد المهيمن “المرتد” ولن تفوتهم فرصة القصاص منه متى سنحت أو على الأقل قد ينتظرون أن ينال القصاص “العادل” عبر مذكرة اعتقال بتهمة الإرهاب كما سبق لبعض أقرانه .
عاد الهمّ والغمّ برفقة تساؤل بريء جدا جدا .. بيد من يُعاقب “المرتدون” من أبناء هذا البلد ومن يتحكم بعملية تبادل الأدوار وتنفيذ “العقوبات”
حفظ الله عبد المهيمن وأمثاله
حفظ الله العراق وأهله