ربما كان الاميركيون، ومن بعدهم البريطانيون ، من أكثر من سربوا عشرات التقارير الاخبارية ، التي تشير الى أن ايران باتت قاب قوسين أو أدنى من صنع قنبلة نووية، وانها لاتحتاج فقط الا الى بضعة سنوات، أو ربما أشهرا قليلة ، لكي يكون مثل هذا السلاح في حوزة إيران.
والتقارير الاميركية والبريطانية عن برنامج ايران النووي ومستوى تقدمه ، تستند الى معلومات أقل ما يقال عنها انها ( موثوقة ) ، وعلى جانب من المصداقية، كون الخبراء الاميركان على علم بتطورات هذا البرنامج وآليات عمله، ولديهم ( صلات وطيدة ) حتى مع كبار العلماء وفنيين رفيعي المستوى، يعملون ضمن البرنامج النووي الإيراني، ويزودونهم بالمعلومات ومستجدات هذا البرنامج أولا بأول، وهم يدركون حقيقة، ان ايران تسعى لنوع عال من التخصيب، هدفه الانتقال الى مرحلة نوعية، تؤدي الى انتاج قنابل نووية، لكي يكون بمقدور طهران ان تظهر تلك الدولة القوية التي لابد للغرب ولأميركا على وجه الخصوص ان يحسب لها الحساب، في موازين القوى في المستقبل، وهي سواء قبلت أو رفضت الطموحات الايرانية أو وقفت بالضد منها، الا انه لامناص لطهران من امتلاك أسلحة نووية.
اما الهيجان الإسرائيلي من البرنامج النووي الإيراني ، فهو يخدم بالنتيجة هدف اسرائيل في ارعاب العرب، وجعلهم في حيرة من أمرهم، في ظل صراعات الاحتراب التي تتنازع بين شعوبهم وحكامهم، وهم يغطون في نوم عميق، ويوم الحساب معهم على الأبواب، يوم يكون لطهران كلمتها ، في ان تفرض إرادتها على العرب جميعا، بدون استثناء، وهم الهدف الذي ينبغي ابتلاعه، شاء العرب او حاولوا حمل سيوف الخشب، ليحاربوا بها اعداء كثيرين محتملين، وليس طهران اقلهم عداوة ، بل هناك أميركا واسرائيل والغرب عموما الذي يريد اخضاع العرب لمشيئته، و ايران تخدم طموحات الغرب في هذا المجال في ان تسهم معهم في تحقيق هذه الأمنية، وهي لن تقصر في هذا المجال ، لأن طموحات ايران مع العرب اكثر من طموحات الغرب نفسه ، فالاخير لايتعدى همه بحيرات النفط العربي وقضية أمن إسرائيل ، لكن نظرة ايران ابعد من ذلك بكثير، لان ايران تبحث عن أحلامها بالتوسع الاقليمي والسيطرة على مقدرات المنطقة ، يضاف لكل هذا التوسع ( المذهبي ) الذي تحاول ايران نشره، وهو يعادل في اهميته القنبلة النووية التي تنوي ايران صنعها في وقت قريب.
أما البرنامج النووي العراقي فقد أصبح من ذكريات الماضي، وكات رغبة كل من اسرائيل وطهران ان تحوله الى ( متنزه عائلي ) لضحايا الحرب العراقية الايرانية، فقد انهت اسرائيل هذا البرنامج منذ السبعينات، وسعى العراق لتطوير مفاعله فيما بعد، وخطا خطوات كبيرة في هذا المضمار، ولكن الولايات أخمدت هذا البرنامج بعد احتلالها للعراق عام 2003 ، والذي كان احدى اهداف الغزو الاميركي للعراق، اضافة الى تبريرات الاسلحة الكيماوية التي طبل لها الغرب انذاك ولم يجد الاميركيون ، ايا من مستودعات او مخزونات الاسلحة الكيمياوية في العراق، حتى ان رئيس هيئة التفتيش الالماني (هانز بليكس) اشار منذ عام 2000 بصراحة الى انه بعد كل عمليات التفتيش التي استمرت لسنوات في العراق ، لم يتم العثور على أي سلاح كيماوي. ومع هذا فان اهتمامات العراق الحديثة هو التخلي كليا عن اقامة اية مفاعلات، عدا عن محاولات بسيطة لاتعدو ان تكون حقولا لتجارب طلبة اكاديميين، ولأغراض زراعية وعلمية محدوة الأثر، كمسعى اية دولة من دول العالم التاسع والعاشر وليس الثالث.
ان ما نريد ان نقوله في ختام هذا الاستعراض ان نية ايران صنع قنابل نووية أمر طبيعي ، ولن يتوقف هذا الحلم، اذ ان الغرب نفسه قد أسهم في ان تصل ايران الى هذه المرحلة من التطور التقني والعلمي، مقابل ان يبقي العرب متخلفين عن ركب الحضارة والتقدم، ولا تشكل ثروتهم النفطية مصدر ضغط على اسرائيل أو على الغرب نفسه، بعد ان ضمنت لهم ايران، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، انها سوف لن تقف عائقا امام مصالحهم وطموحاتهم في المنطقة، إن ابقوا لطهران حصة ترضى عنها، وأعطوا ليدها الطولى ان تمتد ذراعها الى حيث تشاء، طالما ان ذلك يخدم في النتيجة هدف اسرائيل والغرب في ترويض العرب واذلالهم وتركيع دولهم وشعوبهم، ومنعهم من ركوب مسارات التطور وابقاء دولهم تحبو على ركبتيها وظهرها مكسورا، لاتقوى على الوقوف على قدميها، من اجل ان لاتبقى للعرب قائمة في المستقبل المنظور، ولتحمل ايران (الدين الجديد ) تحت راية ( ولاية فارس ) ، لفرض إرادتها على مقدرات المنطقة وشعوبها، وليذهب العرب غير مأسوف عليهم ، الى الجحيم!!