23 ديسمبر، 2024 10:12 ص

قناعات ومقارنات مغلوطة

قناعات ومقارنات مغلوطة

القناعة هي ثقافة ونعمة تجعل ممن يتصف بها وفق شروطها سعيد البال وسليم الحال ، ولكن عندما تتجاوز حدودها او توضع في غير محلها مع تليسها التقديس الديني وتنسيبها الى الله عز وجل او الحديث النبوي فتصبح خط احمر ليركن صاحبها الى الكسل والخضوع منسبا ذلك الى ارادة الله عز وجل ، وارادة الله عز وجل هي القوة المطلقة بلا جدال ولكن دائما الله يستخدم ارادته وفق حكمته ، اما اننا ننسب فشلنا الى القناعة ورضا الله بذلك فهذا هو الذي جعلنا نتاخر عن بقية الامم .

هذا الامر بعينه عندما نستخدم الايات القرانية او الاحاديث النبوية في حياتنا في غير موضوعها ، ومن هنا تولدت لدينا ثقافة فريدة من نوعها يتصف بها كل من يقدس الدين من غير تعقل .

شخص يكسب الف دينار في اليوم وهو قانع بذلك ، واخر يكسب خمسة الاف في اليوم ويطمح الى الاكثر ، فالمجتمع ينظر الى الثاني نظرة جشع وحب المال والدنيا ولا ينظر الى الثاني نظرة قنوع وزاهد .

يتسبب في حرق داره او مرض ابنه فيقول قدر ولطف ، لاحظوا كيف بوب حماقته بارادة الله عز وجل ؟

وضمن القناعات تدخل المقارنات المغلوطة وايضا عندما تكتسب صبغة الدين من قبل المعتقدين بها تصبح مقدسة ولا تقبل الجدل، على سبيل المثال عندما يتطور بلد تطورا رائعا في مجالات كثيرة تخدم البشرية مع عدم الالتزام الديني يقابله البلد الذي هو ملتزم دينيا ولكنه متاخر علميا وتجده يعير الاخرين بان مصيرهم جهنم لعدم التزامهم الدين ، وهو ينسى نفسه القابع في التاخر وحرمان المسلمين من العطاء العلمي بسبب ما يفكر به الفرد من مقارنات مغلوطة وهي مثلا ايهما احسن الالتزام الديني ام التطور العلمي ؟ ولو هو حقا يفهم الدين ما يامر به من اجل الحياة الراقية لعلم ان من ضروريات الدين التطور العلمي وبكل المجالات حتى نعتمد على انفسنا في احتياجاتنا .

وكم من رواية لاهل البيت عليهم السلام يحثون المسلم على العمل وعلى سبيل المثال عندما شكى مسلم على اخيه المسلم بانه سكن المسجد ليقضي حياته عبادة وترك عياله عالة على اخيه فرفض الامام علي عليه السلام هذا التصرف بل قال ان العابد العمل افضل من العابد غير العامل .

ورواية التتر عندما سالوا ايهما افضل الكافر العادل ام المسلم الظالم ؟ فخشي العلماء من الاجابة واجاب ابن طاووس بتفضيل الكافر العادل ، لان عدله يشمل المجتمع برمته بينما المسلم اسلامه لنفسه فقط وظلمه سيكون مثلبة على الاسلام بسببه مع ظلم العباد .

هذا الامر بعينه جعل المقارنات مغلوطة بين الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتقية ، وقد تاخر المسلمون بسبب ذلك وتسلط السفهاء عليهم ، ويتركون حديث افضل الجهاد قول الحق عند سلطان جائر .

والمؤسف هنالك روايات يتناقلها المسلمون ياخذون الجانب الذي يريدونه وترك بقية الجوانب وهم لا يعلمون الى ماذا يرومون ، ومنها مثلا عندما تذمر اهالي بغداد من جيش المعتصم فهددوه في حال عدم منع جيشه من العبث في بغداد فقال لهم المعتصم وهل لديكم قوة اكبر من جيشي ؟ قالوا له نعم انه دعاء السحر سندعو الله عز وجل عليك ، وهنا خشي المعتصم من الدعاء !!!! فقرر الانتقال الى سامراء ، مع التحفظ على حيثيات الرواية فانها تدل على خشية المعتصم من الله عز وجل ، فاين خشية الله وهو يقتل اهل البيت واتباعهم ؟ اين خشية الله وهو يسكر ويلعب ويزني ؟

طرفة عن القناعة وهي قصة حقيقية ، ايام المدارس الشعبية صديقنا رئيس عرفاء من الناصرية ذهب للامتحانات النهائية ولم يجب على الاسئلة فاعطاه المعلم صفر ، فقلت له ماهي نتيجتك ؟ قال اعطاني المعلم صفر الحمد لله احسن من ماكو ….