23 ديسمبر، 2024 3:58 ص

قناة (mbc action) من التألق والريادة الى السطحية والإعادة!

قناة (mbc action) من التألق والريادة الى السطحية والإعادة!

لا أحد يَستطيع أن يَنكر أن مَجموعة قنوات(mbc) هي مَجموعة رائِدة بكل مَعنى الكلمة، فقد كانت قناة الـ (mbc)أول قناة فضائية عَربية خاصة تبُث بَرامِجَها عِبر الأقمار الصِناعية بداية التسعينات، ومَثلت حينَها صَرعة جديدة بأسلوب عَمَلها وطريقة عَرضها لبَرامِجَها ونشَراتها الإخبارية التي فأجَأت المُشاهِد العربي بحيادية طرحَها وتغطيَتها للأخبار بَعيداً عَن التحَيّز والتأدلج الأعمى الذي عُرفت به تغطية أغلب القنوات الرَسمية العَربية دون إستِثناء.
كل هذه جوانب لا تنسى مِن شَخصية الـ (mbc) التي بَدأت بقناة واحدة تحَوّلت الى مؤسّسة إعلامية كبيرة ومَعروفة عالمياً تضم اليوم 9 قنوات لها مكانها المُهم في الفضاء الإعلامي، وهي تستحِقه بجَدارة عَمَلت إدارتِها وكوادِرَها لسنين طويلة للوصول اليه، وباتت تنافس اليوم كبريات القنوات التلفزيونية العالمية فيما تعرضُه مِن مُسلسلات وبَرامج وأفلام جَديدة ومُنوّعة على قنواها المُختلفة التي بَدَأت تتجه للتخصّص فيما تعرضه، فـ(mbc1)عامة و(mbc2)خاصة بالأفلام بشَكل عام، أما(mbc3) فللأطفال و(mbc4) للبَرامج والمسلسلات الإجتماعية،و(mbc max) للأفلام الإجتِماعية، و(mbx bollywood) التي إنطلقت قبل أسابيع للسينما الهندية، وأخيراً وبالتأكيد ليسَ آخراً (mbc action) مَوضوع المَقال التي كانت إنطلاقتها الأقوى بتأريخ المَجموعة حينَ باشَرَت بَثّها بعرض سلسلة أفلام سَيّد الخَواتم وهاري بوتر والجُزء الأحدَث مِن مُسلسل24 بنفس وقت عَرضه على القناة الامريكية المُنتِجة له، وهي ظاهِرة إستمَرّت مَع مَجموعة مِن أحدَث مُسلسلات الأكشن مِثل(Frange, V, Nikita,Criminal Mind, CSI, NCIS ) التي عُرضت بنفس وقت عَرضها على القنوات المُنتجة لها. تمَيّز بإختيار روائع المُسلسلات والبرامج بَدأ يَتحَوّل لتمَيّز بإختيار التوافِه، وتألق بَدأ يَخبو وريادة بَدَأت تفقد بَريقها قبل سَنة تقريباً لسَبب غير مَفهوم. فبَعد أن بَدَأت (mbc action) رائدة بنوعية المُسلسلات والأفلام التي تعرضُها، إنتهت اليوم الى قناة عُنف ورُعُب ومُراهقين لا تعرض أفلاماً ومُسلسلات رَصينة إلا ما ندَر، وإن وجِدت فغالباً مُعادة ولها مَساحة ضئيلة مقارنة بمَساحة أفلام الرُعب والعُنف وبَرامج القتال والمُصارعة وسِباقات السَيارات.
كل هذا بكَفة، وبَرنامج (أكشن يا دوري) الذي يقول مُقدمه وليد الفراج في دعايته كأنه يَتحدّث عَن الدوري الأنكليزي أو الالماني: “لعُشاق الدوري السعودي” بكَفة!! بالله عليكم ماهي أهميّة الدوري السعودي وما تأثيره عَربياً وعالمياً، ومُنذ مَتى باتَ له عُشاق؟ وهؤلاء إن وجدوا هُم قلة وسعوديون فقط، لذا ما ذنب كل مُشاهدي قناة (mbc action) التي يُنتظَر مِنها وفق المَنطق وكما أعلنت يوم انطلاقها أفلام ومُسلسلات أجنبية جَديدة ورَصينة، ما ذنبه أن يُعرض له يومياً بَرنامج لا ناقة له فيه ولا جَمل يُناقش مَشاكل يُمكن أن تخصّص لها عَشرات البَرامِج  بالقنوات السعودية! بل إننا حُرمنا أحدى المَرات مِن مُشاهدة مُسلسل أجنبي كان يُعرض مَرة بالأسبوع لأن السيد الفراج كان لديه حلقة خاصة مُباشِرة إستغرَقت ساعَتين (حَبَكِت) أن تُعرَض حينها! أليسَت هذه مَهزلة تذكرنا بمُسَلسلات وأفلام حُرمنا مِن مُشاهدتها بالقرن الماضي بسَبب عَرض القنوات الرسمية التي لم يَكن هنالك غيرها آنذاك لخطابات الرؤساء وجَولاتهم! 
لقد وصَل الحال بالقناة الى حَد وضِع عِبارة (يُرجى عَدم مشاهدة هذا البرنامج مِن قبل الاطفال وعَدَم تقليد الحَركات) قبل عَرض بَعض بَرامج القتال والمُصارعة البائِسة. لذا مُؤسف ومُحزن ما وصَل له حال قناة (mbc action) التي كانت سَبّاقة بعَرض ما هو جَميل وجَديد مِن أفلام ومُسلسلات الأكشن لمُشاهديها يوم كانت تحترم عقولهم وتقدر جلوسهم أمام شاشاتها، أما اليوم فهي تستخِف بعقولهم وتستهزء بجلوسهم أمام شاشاتها. وهو أمر يَجب أن لا نحَمّل مَسؤوليته للقناة والقائمين عَليها فقط بل لعُموم المُشاهدين الذين يَبدوا أن القناة إستشعَرت مَيل غالبيّتهم للسَطحي مِن بَرامج المُصارعة والقتال وسباقات السيارات وللمُسلسلات التركية السَطحية بدلاً مِن المُسلسلات الغربية الهادفة، لذا آثرَت توفير أموالها وضَخّها بإتجاه هذه البَرامج والمُسلسلات التي يَبدوا أنها تَحظى بنسبة مُشاهدة لا تَحظى بها المُسلسلات الغربية. لكن طبعاً هذا لا يُبَرّر الفوضى الهَدّامة التي تعيشها القناة وما تقوم به حالياً، ولا يَعفيها مِن لعِب دور الإعلام المُثقف الواعي في النهوض بوَعي مُتابعيه ومُشاهديه إن كان هابطاً بَدلاً مِن الهبوط به ومَعه الى الهاوية. لكن بالمُقابل وإذا كانت المَسألة مَسألة توفير، فلماذا نَجد القناة التي توقفت بشَكل مُفاجيء عَن شِراء الجديد مِن المُسلسلات الغربية، مُستمرة بشِراء بَرامج المُصارعة الهَمجية والسباقات الجُنونية التي تظهر مَشاهد وحشية وعُنف حَري بقناة يُديرها مُثقفون أن تحرص على عَدَم ظهورها على شاشاتها بَدل عَرضها يَومياً! بل إن الطامة الكبرى هو قيامها حالياً بعَرض هذه البَرامج السَطحية ليلاً حين يَجلس الناس لمُشاهدة فلم جَميل أو مُسلسل جَديد، في حين تقوم بعَرض الأفلام والمُسلسلات الجَميلة الجَديدة أو المُعادة فجراً أو ظهراً حَيث الناس لا يَزالون في أعمالهم أو في طريق العودة مِنها.
طبعاً مَع الإعتزاز بمجموعة (mbc) وقنواتها التي ما تزال تقدّم كل ماهو جَميل ومُفيد لمُشاهديها عِبر حُزمة قنوات غير مُشفرة مَجانية مُتنوعة، وهي خِدمة تعجَز عَن تقديمها أغلب القنوات العربية الأخرى، رَغم كل ذلك إلآ أن ما تفعله الـ (mbc action) مُعيب بكل مَعنى الكلمة ولا يَليق بها وبالقائمين عليها. لذا رُبما سَيكون مِن الأفضَل لو إستُحدِثت قناة رياضية تُخصّص للبرامج والمُباريات الرياضية، وبضِمنِها بَرامِج القتال والمُصارعة وسِباقات السيارات، أو أن يَتم تغيير إسم قناة (mbc action) لإسم جَديد يَتلائم وتوجهها الجديد البَعيد عَن مُسلسلات وأفلام الأكشِن. وختاماً نود أن نسأل الأخوة القائمين على الـ (mbc action)..ما الذي تبغونه مِن سياستكم هذه؟ ولماذا تسعَون لأن تكونوا عَتلة عادية مُهترئة في عَجلة الزمَن السَيء الذي نعيش بكل عُنفه ومآسيه بدلاً مِن أن تمَيّزوا انفسَكم كما عَهَدناكم باختيار الجَميل والراقي مِن الاشياء؟ لماذا لاتمارسون دَور إصلاح وبناء المٌجتمع بَدلاً مِن دَور الهَدم الذي نراه مُنذ سنة؟ لماذا تدفعون أبنائكم الى تعَلّم العُنف بدل السَلام والمَحَبّة والعِلم والمَعرفة؟ لماذا تدفعونَهم لمُتابعة التافه بدَل الراقي مِن الرياضات والفنون والأعمال؟

*[email protected]