23 ديسمبر، 2024 7:02 ص

قناة فرانس 24  وأبو عزرائيل والعسل المسموم

قناة فرانس 24  وأبو عزرائيل والعسل المسموم

في قديم الزمان, كان هنالك حاكما ظالماً, عرف بالمكر والخداع, كان يخاف مواجهة المعارضين, بسبب جبنه الموروث, لذا توسل بأسلوب الجبناء, فعمد إلى اغتيالات خبيثة, تتم بالسر, فالليل ستر المؤامرات, وطعنات الظهر, فلا سبيل لمقابلة الند وجها لوجه, ومن وسائله التي كانت اكتشاف خالص له, هو خلط السم بالعسل, وتقديمه للمعارضين, وكان يردد بزهو المنتصرين: (  أن لله جنودا من عسل) .
ما أكثر المقلدين لأبي يزيد في عصرنا الحالي, من كتاب وإعلاميين وساسة ومؤسسات, وقنوات العهر العربية, فلا تخفى لمسات الخليفة عنها, فهو فتح باب الدسائس المخلوطة بالمديح.
عرضت قناة فرانس 24 الفرنسية تقريرا, أعده مراسلها في عمان, حول المقاتل الشهير في الحشد الشعبي, أبو عزرائيل, حيث رافقه إلى الخطوط الأمامية في الجبهة, وكان التقرير يبدو ايجابيا في الظاهر, إلا انه انطوى على تسويق لبعض المخاوف, من خطر ما يسمى بالمليشيات الشيعية, على المنطقة والعالم, وإنها ربما تكون النسخة الجهادية الشيعية المستقبلية.
الحشد الشعبي يمثل مصدر خوف للقوى الغربية, لان الحشد يمثل حجر عثرة أمام عجلة الغرب, التي وضعت مخطط معين لتقسيم المنطقة, لولايات متعددة متناحرة, على أسس طائفية وقومية ودينية, هذا المخطط يمثل مرحلة متقدمة للسيطرة على المستقبل, بحسب الدراسات التي وضعها الغرب, فمن دونه يكون مستقبل حضارتهم تحت الضغط, لذلك يحشدون قواهم لتحقيق آمر مهم, يحفظ نسق تنفيذ الخطط المستقبلية.
أبو عزرائيل, من أشهر مقاتلي الحشد الشعبي, بسبب مواقع التواصل الاجتماعي, ونمط ما كان ينشر, ونوعية صوره بملابس الحرب, والأسلحة التي يحملها معه, بالإضافة لروح الفكاهة التي يتميز بها, فكانت جملة ( إلا طحين) هي الأكثر انتشارا عبر العالم وليس العراق فحسب, يمكن إن نعتبر أبو عزرائيل إيقونة الحشد, التي سببت الرعب في قلوب الأعداء, كرد ساحق لأعلام الدواعش, الذي استخدم فيديوات مرعبة, لمسك الأرض, فكانت احد أسباب سقوط الموصل, تلك الرسائل الداعشية المرعبة, لذلك من المعيب أن تصور بخلاف ذلك.
الحشد الشعبي مختلف جذريا عن التنظيمات التي تنطلق من فقه الذبح وتكفير الأخر, لأنه مرتبط برسالة آل محمد, والتي ابرز صفاتها  التسامح واحترام الأخرى, وهذا ما يخالف تعليم دين الدواعش والوهابية والقاعدة والإخوان, لذلك لا يمكن أن يتجه الحشد بنفس توجهات تنظيمات القوم, لان له بوصلة تحفظه من الشطط, ولاختلاف الثقافة, ولوجود علماء يحفظون الدين من الزلل, بخلاف القوم الذين قدسوا أخطاء الماضي, والتي باتت تنتج لهم دين مختلف كله دماء.
نشير هنا لدور الإعلام الخطير الذي يخلط الحقائق بالأكاذيب لتنتج سما قاتلا, لأنها تخلق أفكار يلتزم بها, المتلقي ويدافع عنها, وتصبح عنده من المسلمات, مع أنها نتاج مصانع الإعلام, لذا فاليوم نحن بحاجة ماسة, لأعلام مضاد يكشف سم القتلة.