23 ديسمبر، 2024 7:17 م

قناة (رويال سيكريتس) والدعاية للألة العسكرية الأمريكية

قناة (رويال سيكريتس) والدعاية للألة العسكرية الأمريكية

سبق وأن نشرتُ على منبر (كتابات) مقالة بعنوان (حكايتي مع الستلايت) ، وكنت اتبرم فيها من طبيعة مواد القنوات الفضائية ، وفترات الأعلانات  الطويلة ، والتأثير الأيديلوجي على المواطن ، وأخيرا وجدتّ ظالتي في محطة ( رويال سيكريتس ) الفضائية الأردنية ، لتنوع التقارير العلمية فيها ،ولتناولها المواضيع الغامضة ، والتقارير الطبية والسياسية ، وبالأخص علوم الطيران لأني أحد مريديه .
وسبق وأن ارسلت رسالة SMS للثناء على جهود العاملين ، وانتقائية لا تقليدية للمواضيع ، شذّت عن النهج العام الممل لقنوات (النايل سات) الفضائية .
الا ان برنامج (تاريخ الأسلحة) ، و(أحداث الطائرات والطيارين) ، قد تحولت بشكل محموم ، لدعاية للألة العسكرية الأمريكية ، وتحولت الى سرد كامل (لكتالوج مسعّر) لتلك الأسلحة ، وجميع الأسلحة الحديثة لم تثبت جدواها وكفاءتها الا بعد ان جُرّبت في عاصفة الصحراءعام 1991  وحرب عام 2003 ، وكأننا حقل تجارب مجاني للموت ، وكيف انها (قهرت العراقيين) ، و(هجمت بيوتهم) ، ابتداءً من الطائرات والمروحيات ، مرورا بالقطع البحرية والدبابات والمدرعات ، وليس انتهاءً بالاسلحة الخفيفية ، وكأننا (العدو ) الوحيد على الكرة الأرضية ، يستعرضون اسعارها ، ومواصفاتها وخصائصها ، مشفوعة بصور مؤلمة جدا وموجعة للقلب ، عن قصف جسورنا ، وملاجئنا ، ومنشأتنا ، بواسطة طائرات (F-16) ومنها عشرات مقاطع الفيديو لدبابات عراقية ، زجّ بها قائد أرعن دون غطاء جوي ، وهو الف باء علم التعبئة والتنظيم الذي لا يفقه منه هذا القائد شيئا ، في معركة انتحارية غير متكافئة ، أصابتها صواريخ ومدافع مروحيات (أباتشي) بطيارها المبتسم شماتة قائلا (Nice shot) ،ثم نهاية محزنة ، حديد منصهرعلى  طوائف الدبابات ( أولاد الخايبة )، وهم يتجولون بقبرهم الحديدي ، وكيف يتصيّدون عجلات (الزيل) ، والجنود العراقيين في الصحراء ، وهي  ترشّ نخيلنا بالموت الزؤام ، أو طائرة (A-10) المجهّزة بمدفع 30 ملم بسرعة 70 أطلاقة في الثانية ، وهي تحيل دروعنا الى تراب ، أو دبابات (ابرامز) ، والمدرعة (برادلي) .. الخ ، والمذيع لا يكف عن التعليق ، من ان هذا يحدث في العراق ، وكأنه يسرد تفاصيل انتصاراتنا بكل فخر على (اسرائيل) ! ، ولا يكف عن استخدام مصطلح (العدو) .
ولكوننا نعلم ان الحرب غير متكافئة على الاطلاق بنسبة 1000 الى 1 ، كوني كنتُ ضابطا في هذه المعارك المهزلة ، وكانت مهماتنا لا تتعدّ كوننا أهدافا لأستقطاب ألات الموت هذه ، ونحن متقوقعون في الملاجيء مثل (خراف مجلس الفاتحة !) ، لا ندري متى يحين وقت النحر .
كان على المعلقين في هذه الأفلام الوثائقية ، تبرير فعّالياتهم بسبب انعدام المقاومة المضادة ، وتلفيقها بالاكاذيب ، فهل سمعتم يوما أن (الهاون) يُستخدم لضرب المروحيات ؟! ، هذا ما قاله قائد (الاباتشي) ، ويكذب من اننا استخدمنا صواريخ موجّهة بالرادار لضرب مروحياتهم ، وهذا كذب واقعا وتكتيكا ! .
لا داعي ان يذكّروننا بالهزيمة عدة مرات باليوم ، تكفينا جروح البلد المتقيّحة والغائرة ، فكل سلاح أمريكي كان أم أوربي ينبغي أن يحمل (دمغة) رمال صحراء العراق ، ليشق طريقه للاسواق العالمية ، لأنه جُرّب لكسر رؤسنا وعظامنا .
فأرسلت لهم رسالة SMS ثانية قائلا فيها :  (أرجوكم ، لا تعرضوا مشاهد الطيارين الأمريكان ، وهم يتبجحون بقصف بلدي العزيز ، العراق) .
بالطبع لم يعرضوا رسالتي في الـ Sub Title ، ولم يكفوا عن عرض هذه البرامج ، فأنضمت تلك القناة الى العشرات الأخرى التي مارستُ عليها الحظر ، في منزلي فقط .