كتب استاذنا الدكتور عبد الكريم السوداني مقالاً انتقد فيه حالة خطأ حدثت في إحدى البرامج الصباحية، أثارت حفيظة استاذنا السوداني، الذي ما زال يشعر بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه في تصحيح المسار الإعلامي (وعن بُعد طبعاً)، لدرجة انه لم يتحمل هذا الخطأ الجسيم، فأطبق فكيه على أسنانه وهرع إلى القلم. الخطأ حدث في برنامج حواري بث منه الفقرة الأولى، وكالعادة في نهاية الفقرة يذهب مقدم البرامج إلى فاصل، فذهب ولم يعد، وبقى استاذنا السوداني ينتظر البرنامج، إلا انه لم يعد إلى يومنا.
وهذا الخطأ اكتشفه الدكتور السوداني، وهو في الحقيقة اكتشاف خطير يحتسب له، كونه أفضل من اكتشاف الجزر الأرخبيلية من قبل كولومبس، او اكتشافات فاسكودي كاما، وان هذا الخطأ هز استاذنا السوداني هزاً، لأنه يشكل خرقاً صريحاً لنواميس الطبيعة الإعلامية والفنية، خطأ بحجم القنبلة النيترونية التي تشطر العالم، ويقرب الساعة ويشق قمر (نايل سات)، ويعود قمر (عرب سات) كالعرجون القديم، لذا لم يمتلك نفسه، وقد استعر سخطاً وحنقاً، فأفرغ ما يريد ايصاله للقائمين على القناة العراقية بمقال تحت عنوان (قناة العراقية لا صايرة ولا دايرة).
والغريب ان يصدر مثل هذا القول من الدكتور السوداني، وهو اعلم بما خفي وما بطن في الشبكة بجميع مؤسساتها وقنواتها، والأغرب من ذلك أن يجعل السوداني نفسه من مدير عام سابق لشبكة الإعلام الى راصد لقناة العراقية، وكان لا يكترث إلى ما يقدم له من مطالعات قسم الرصد التابع الى مديرية البحث والتطوير.
… لا يا سيدي واستاذي، انها (صايرة ودايرة) وقد حدث في عهدك أكثر (صيرورة وديرورة) عما تتحدث عنه.. وان كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ وان كنت تدري فالمصيبة أعظمُ، حدث العجب الذي لا يكفّر عنه صيام رجب، و(كارثة) كما همشتها وكتبتها بيمينك على أصل كتاب مطالعة البحث والتطوير – كارثة – عدّها المهتمون بظهور المنقذ او المخلص العالمي من العلامات الصغرى لآخر الزمان… (حدث في يوم الخميس الموافق 26/3/2009 وفي الساعة
3:10 ظهراً على شاشة قناة الفرقان إذ ظهرت صورة لآيات قرآنية وصوت اغنية للمطربة باسكال وكذلك الحال بالنسبة لقناة الأطياف ظهر صوت القرآن على صورة الفديو كليب للمطربة باسكال). وتكتب (لا صايرة ولا دايرة)…
أما في عهد (خلاني حبك حايرة).. فوقع العجب كل العجب بين جمادى ورجب وتحققت علامة كبرى من علامات الساعة… بحث اكاديمي من اعداد مديرية البحث والتطوير، والموسوم (الأخطاء الشائعة في نشرات أخبار قناة العراقية). يحتوي البحث على مقدمة وخاتمة وتوصيات، وإحصاء الأخطاء المهنية والفنية الخاصة بنشرات الأخبار والتي ظهرت من على شاشة قناة العراقية في المدة المحصورة بين الأول من كانون الثاني عام 2012 إلى الحادي والثلاثين من شهر آيار للعام نفسه. أكد البحث ان عدد الأخطاء للمدة المؤشرة (852) خطأً تراوحت بين أخطاء مهنية ولغوية واملائية وطباعية ومبهمة وهندسية، رُفع البحث إلى عليين ليهمش عليه بدمٍ بارد (الأخبار) وفي اليوم نفسه يُهمش عليه مدير الأخبار (بالإمكان عمل كتيب أكثر من نسخة خاص بالأخطاء للإستفادة منه). عاد البحث إلى المستضعفين في اليوم التالي وانتهت القصة، وضاعت جهود ستة أشهر من العمل الجماعي لمديرية بأكملها. (852) خطأ ظهر في نشرة الأخبار لم يتأثر بها (حلوين الشوارب)، لو انزلنا هذا البحث على جبل من جبال الإعلام لصعق.. إلاّ ان لا حياة لمن تنادي.
وما ذكر آنفاً غيض من فيض.. فعندي مكتبات مزججة مملوءة بالوثائق والأسرار (ولا اسرار الصندوق الأسود) في الطائرات المفقودة، حمالة وجوه في بطنها بطون إلى سبعين بطناً، لا يسع المكان والزمان لذكرها، ومنها بعيدة عن المقام، ستطرح في حينها ولكل حادثٍ حديث.
اعتقد اننا سنبقى ندور في حلقة مفرغة، كلما جاءت امة لعنت قبلها، ومن غادرتهم العربة باتوا يلهثون خلفها، يحاولون وضع العصي في العجلة، لم يدركوا القطار ولا العربة، ولا احد منا يعرف قدر نفسه، الكل معجب بذاته، وهو دليل ضعف العقل، والغرور لا يشبع إلا النفوس الصغيرة، وما نلبث أن نذكر مبدعاً حتى تسمع سيلاً من التهم اقلها (نص ردن) وكأن المنصب رتبة اجتماعية تجعل صاحبها دكتاتوراً عشائرياً يعمل (بسنينة عشيرته)، ويرى بنفسه نجم برونزي، لا يسمعون ولا يقرأون الآراء المهنية والأكاديمية، يقربون من يلمع الأحذية الإيطالية بماء الوجه وإن توفر دهان علامة التمساح، أو من يحمل الفطور بيمينه، والسمك المشوي
يبقيك مقرباً مهما طال الزمن، والشاشة الفضية تأخذ دورها ما دمنا نتقدم إلى الأمام بدجاج التنور المشوي، في أجواء مضطربة وعقول طائشة، ونفوس مملوءة بالحقد تسودها الإبتسامات الصفراء المصطنعة، والمصالح المشخصنة، (وما دام گهوة وتتن كل الأمور تهون)، فما زال الشريط الإخباري (السبتايتل) بأخطائه الطباعية والإملائية يتسكع على أبواب الوزارات (يطلب رضاهم بطول الخبر وكثرة كلماته)، وما زالت ورقة الإعلان عن أوقات البرامج (البروموشن) على رأس كل ساعة وتُبث على خمسة أقمار تكتب (مساءً) بالألف (مساءاً) لتُخجل كل من يقرأها من الشعب الناطق بالضاد وغوبلز يتصيد الأخطاء اللغوية في مقالاتي.. وما زالت بعض البرامج الحوارية تُلمع وجوه الطغاة وبائعي الدم والضمير، وما زال المعادل الصوري يُظهر علم الكويت بدلاً عن علم فلسطين إيماناً بالوحدة العربية، وما زالت البرامج الصباحية تُسمي ملك النحو أبو الأسود الدؤلي بـ(الدولي)، فلتحيا اللغة العربية… وما زال … وما زالت … وما زلنا…
وما زال ما بيني وبينك عامرٌ.. وبيني وبين العالمين خرابُ…
وما زلت أكتب حتى يجف مداد قلمي …
وما زلنا نمنّي النفس ونصبّر الروح بـ(يمضون ونبقى).