23 ديسمبر، 2024 8:25 ص

قناة العراقية.. بين الحزب والطائفة

قناة العراقية.. بين الحزب والطائفة

من المفترض أن تكون قناة العراقية من ضمن الهيئات المستقلة التابعة لمجلس النواب، ومن المفترض أيضا أن تكون سياستها معتدلة تدعم الدولة وتزيد من تماسك المجتمع؛ لكننا نجد أن هذه القناة تتحرك على ثلاثة مستويات:

المستوى الاول: (حزب الدعوة ودولة القانون)

أصبحت القناة هي الناطق الرسمي باسم حزب الدعوة ودولة القانون والسيد المالكي. فمن خلال ابراز انشطة المالكي وخطبه وبياناته تبدو القناة وكأنها قناة (آفاق) الخاصة بحزب الدعوة. بل المفارقة أن العراقية 1 و2 تتناسخ بالبرامج والاخراج والضيوف مع قناة آفاق الى درجة لا يمكن التمييز بينهما الا من (اللوكه). كذلك، تكثر القناة من استضافة اعضاء دولة القانون يوميا وتفرد لهم مساحة واسعة من البث بينما لا نجد سياسيين عراقيين معروفين على الاطلاق كضيوف في القناة. وحتى إن استضافوا احدهم فإن المساحة تضيق به، وكثيرا ما يتم مقاطعته وتوجيه الاسئلة المحرجة له، واظهاره بمظهر غير لائق بينما تتاح كل الفرص لاخرين ينتمون لحزب الدعوة ودولة القانون او المتعاطفين معهم وتكون لهم الكلمة الاخيرة بدون مقاطعة او احراج او اعتراض.. في الاغلب الأعم: لا يسمح لأي شخص معارض للمالكي بالظهور، لأن القناة للموالين فقط!

بعض المراقبين يطلقون على قناة العراقية اسم (قناة المالكي) ويتجنب الكثيرون من الساسة الظهور فيها ويلجئون الى قنوات اخرى اكثر حيادية.

المستوى الثاني: (مجلس النواب)

انتهجت القناة اسلوبا معينا مع مجلس النواب بشكل واضح ومقصود.. الموقف الاكثر وضوحا حينما حدثت الازمة بين القناة والمجلس حتى قام النجيفي بمنع كادر القناة

من دخول المجلس بعد ان قطعت القناة كلمته.. كذلك لاسباب اخرى من قبيل: عدم تغطية انشطة مجلس النواب، والتهجم عليه واعتباره سبب الفشل الحكومي. بالاضافة الى ذلك، توجد قائمة سوداء على بعض النواب تحرمهم من التحدث من خلال القناة… اذا نظرنا الى طريقة طرح أحد الاخبار يمكننا أن ندرك حجم الحيادية والتوازن الذي اتخذته قناة العراقية في منهجها..

حينما حاول رئيس مجلس النواب (اسامة النجيفي) عقد جلسة طارئة ظهر الخبر على قناة العراقية حرفيا كالتالي:

(فشل النجيفي في عقد جلسة مجلس النواب…)

ويلاحظ الاستخدام الحاد لكلمة (فشل)، وكذلك ايراد اسم النجيفي بلا ذكر موقعه ولا حتى اسمه كاملاً. ومثل هذا الخبر بالالاف فيما يخص مجلس النواب. بينما تضع القناة سلسلة طويلة من الالقاب قبل اسم المالكي في بعض اخبارها:

(أمر السيد رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة الاستاذ نوري المالكي بـــ…)

المستوى الثالث: (الطائفية)

تبدو القناة شبيهة ببعض القنوات مثل قناة الانوار أوالعهد أوالمسار أوالاتجاه.. من خلال المشتركات التالية..

أولا: هناك مسلسلات ذات طابع طائفي شيعي مسيئة او محرجة لبقية الطوائف وخاصة الطائفة السنية على اعتبار ان التاريخ الاسلامي جدلي غير متفق عليه وبعض المسلسلات تطرح التاريخ من زاوية شيعية ضيقة جدا غير مقبولة اسلاميا.. نجد ذلك كثيرا عبر تمجيد الشخصيات الشيعية الرئيسية منها والثانوية بمعنى أن طبيعة المسلسلات المعروضة ذات طيف واحد ولا يمكن ان تفكر القناة في انتاج او شراء او عرض أي مسلسل يمجد عمر بن الخطاب او عائشة على سبيل المثال.

ثانيا: تستضيف قناة العراقية ضيوفا شيعة معروفين بتطرفهم على المنابر الحسينية وتبنيهم لاطروحات طائفية سلبية تجاه الشخصيات السنية التاريخية الكبرى. يبث هؤلاء الضيوف افكارا متزمتة تدعو الى التفرقة واليكم المثال التالي: ظهر احد الشيوخ الشيعة متحدثا عن دور المرأة في التاريخ الاسلامي وضرورة الاقتداء بالسيدات الفاضلات من الاسلام الاول وكانت امثلته كالتالي: (أم البنين، أم سلمة، خديجة الكبرى، فاطمة الزهراء، وزينب) ولم يرد اسم أهم شخصية اسلامية وهي (عائشة زوجة النبي).. ومثل هذه الامثلة كثيرة حينما يضرب المثل على المسلم الحقيقي بالاسماء التالية (العباس بن علي بن أبي طالب، الحسين، المهدي المنتظر، الحر الرياحي) بينما لا يرد ذكر أي من الخلفاء الراشدين في القناة اطلاقا من قبيل (أبي بكر، وعمر وعثمان)!!!

ثالثا: تنقل القناة الطقوس الشيعية نقلا مباشرا وعلى مدى ايام من البث والتغطية المتواصلة بينما تهمل الطقوس السنية القليلة. تبدو القناة في حالة انذار حالما تحل الزيارة الاربعينية او عاشوراء وتكثر اللقاءات مع اصحاب المنابر والسادة الذين يحفرون كل شبر من تاريخ الطف والحسين وما الى ذلك بينما لا تنال المناسبات الاسلامية العامة منهم الا تغطية خجولة سريعة. يضاف الى ذلك، اكثار القناة من (القراية) أي الابتهالات الحسينية التي تخص طائفة فقط من نسيج المجتمع العراقي وتهمل الطرف الاخر تقريبا.

بالطبع، لا يتبنى كاتب السطور وجهة نظر سنية ضد وجهة النظر الشيعية، لكن ما ينبغي أن تنبني عليه سياسة القناة هو التوازن لانها قناة لكل العراقيين وليست تابعة لطائفة محددة، ولأنها يجب ان تكون قناة الدولة وليس الحكومة او الحزب الحاكم، وبعد الاعتدال والموضوعية يجب ان لا تصبح منبرا سياسيا لجهة ما.. والى ان تستقل القناة فعليا عن السياسة سيهجرها الناس، وستنعدم الثقة وتنتفي عنها المصداقية

وستزداد الشقة بينها وبين الناس ويضطرون الى متابعة القنوات الامهر، الاقرب الى الواقع، والاكثر حيادية.