منذ عقود خلت كان هنالك جامعة عريقة تُعنى بشؤون العرب تُدعى جامعة الدول العربية فعندما كان للعرب كلمة و موقف جامع في أواسط القرن الماضي كانت هذه الجامعة جامعة للحقوق و موحدة للصفّ و قائدة للموقف بكل صلابة و قوة بل أن قممها كانت تُبقي و تذرْ و كانت محط خشية العادين و مفخرة المنضوين تحت لوائها ، و تشهد عليها قمة اللاءات الثلاث المنعقدة في الخرطوم عام 1967 ، و قمة بغداد 1978 التي خرجت بمواقف نارية إزاء عزم السادات على توقيع إتفاق الصلح مع العدو الإسرائيلي ; منها طرد مصر من جامعة الدول العربية فضلاً عن عدة بنود أُخرى لمقاطعتها ، كذلك لا يمكن إغفال الدور العربي الموحّد إبّان حرب تشرين التحريرية و حظرهم تصدير النفط للدول الداعمة للعدو لدفعهم لإجبار الكيان الصهيوني الغاصب على الإنسحاب من الأراضي التي احتلّها عام 1967 .
كما أن لجامعة الدول العربية في ذاك الوقت خطوات جيدة إقتصادياً و سعي حثيث لتحقيق الوحدة الاقتصادية و التكامل الإقتصادي .
إلّا أنها و للأسف إنحدرت إلى ما دون الصفر و لم تعد ترقى إلى مستوى الطموح العربي و أصبحت قممها أرقام و بياناتها لا تساوي حبرها الذي كتبت به بل لا تعدو كونها سجلّات في إرشيفها ، فمنذ قمة بيروت عام 2002 أصبح طريق الوصول إلى العرش الملكي السعودي يعبر من خلال مغازلة الكيان الغاصب و تقديم التنازلات في القضية الفلسطينية التي كانت حتى الأمس القريب قضية العرب المركزية ولو بالاسم فقط .
و اعتباراً من عام 2002 اتّخذت الجامعة العربية نسقاً مُخالفاً لموجبات تأسيسها فساهمت لاحقاً في احتلال العراق و تدميره و ضرب ليبيا و إشعال الصراعات فيها و الحرب على اليمن و تدمير بناه التحتية و إبادة سكّانه فيما استعصت سوريا على كل الأسلحة و الأساليب و كنست تدريجياً الإرهاب من أراضيها لتوجّه صفعة موجعة لمن راهن على تدميرها و تحقيق المشروع الصهيوني بأيادٍ و أموال خليجية و عربية فيها ..
و فيما تعيد الجامعة تدوير خطابها آلت سوريا على نفسها أن تبقى شامخة نائية بنفسها عن شخير بعض الزعماء و نهيق بعضهم مفضلة أن يحتلّ علمها مقعد الجمهورية العربية السورية في قمّة البحر الميت في دلالة و رسالة واضحة مفادها أنّ الأفعال وحدها و ليس الأقوال هي الكفيل بقيام أمّة عربية تحفظ ما تبقّى للعروبة من اسمها و رسمها ، أما قمم الإستسلام و الإنبطاح فلا مكان للأباة فيها فإنها ولدت ميتة و إكرام الميت دفنه وهي في أفضل الأحوال مثلما وصفها الشاعر مظفّر النواب :
قمم
قمم
مِعزى على غنم
جلالة الكبش
على سمو نعجة
على حمارٍ بالقدم …