19 ديسمبر، 2024 2:01 ص
قيل قديما اتفق العرب على ان لا يتفقوا، قائل هذه الحكمة اطلقها في حينها ولَم يعلم بانها ستصبح حقيقة واقعية تتلمسها جميع شعوب المنطقة حينما يستمعون في كل عام لخطابات القمة العربية وقراراتها التي تبقى حبرا على ورق، فهي تعلن في ختام القمم وتترك بإدراج قاعاتها حتى تملئها الأتربة وقد تتحول ملفاتها التي تحمل عناوين “قضيتنا العادلة” فلسطين وقيام الدولة وعاصمتها القدس التي تزين بعبارة العمل العربي المشترك، الى ورق يستخدم في تلميع زجاجات قاعات مؤتمرات القمم او تترك في اقرب حاوية نفايات قبل نقلها الى المقالع.
تلك القرارات تكررت في القمة الاخيرة التي اختتمت في الحادي والثلاثين من شهر آذار في تونس الخضراء، مع إضافات جديدة عنوانها الجولان عربية ورفض قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب ببيعها للكيان الاسرائيلي الذي رافقه “غضب” كبير كان واضحا على ملامح القادة العرب وهم يتحدثون “بحرقة” عن الجولان العربية حين ما استغل بعضهم الفرصة “لأخذ غفوة” او قيلولة ظهيرة بعد ما أعيتهم القرارات واجتماعات القمة ولان اغلبهم ينحدرون من “الاسلام السياسي” فان حجتهم ستكون “قيلولة الظهيرة واجبة لان الشياطين لا تقيل”، وحينما وصلت القرارات الى ادانة نقل السفارة الاميركية الى القدس الذي نفذ قبل اقل من عام بشهرين، سمعنا “شخير” القادة والسادة ممثلي البعثات الدبلوماسية قبل ان يرفعوا رؤسهم بعد اعلان التمسك بالحل السياسي في سوريا التي غيبتها قراراتهم السابقة عن القمة وحولت أراضيها الى خراب ومواطنيها الى “مشردين”.
صحيح ان القمم العربية التي عقدت بعد ثورات “الخريف العربي” تفتقد لروح الكوميديا “الهزلية” في خطابات القذافي ومداخلات مبارك وبلاهة علي عبد الله صالح، لكنها عوضتها “بسلطان النوم”، ولكون العراق في المقدمة دائما فقد “ابتلانا الله” بساسة يجيدون هذا النوع من الفن حتى اصبحوا يتقدمون بقية القادة ويتنافسون على اطول فترة للنوم والدليل على ذلك ماحصل في قمة تونس حينما سجل مستشار الامن الوطني “الجنرال” فالح الفياض رقما قياسيا بساعة “الغفوة” لم ينافسه عليه احد سوى رئيس جمهورية جزر القمر الذي حصل على المرتبة الثانية لياتي بعده أمراء دول الخليج باستثناء الامير تميم الذي غادر “منزعجا” احتجاجا على ادانة التدخل التركي في العراق ودول المنطقة.
قد يعترض البعض على انتقاد “غفوة” الفياض ويتهمني اخرون باستهداف تلك الشخصية “الفذة” أبدا، لكن التساؤل الذي طرحه الجميع ومازال يبحث عن اجابة واضحة، كيف للفياض الذي يمارس “هواية النوم” في المؤتمرات ان يكون سببا في تاخير حسم الكابينة الحكومية حتى الان رغم مرور ستة اشهر على منح الثقة للسيد عادل عبد المهدي، حينما اصرت بعض الاطراف على ترشيحه لمنصب وزير الداخلية،، نعم، لا تستغربوا هو الفياض ذاته الذي تبحث القوى السياسية اليوم عن منصب يتلائم مع قدراته لتعويضه بعد خروجه من سباق التنافس على منصب وزير الداخلية، لان خسارة الفياض تعني خسارة لاعب دولي ينافس قادة العرب في بطولة “النوم في القمم” وهي خسارة لا نستطيع تحملها.
الخلاصة… ان الدول العربية التي تقودها وتمثلها شخصيات كالفياض وقادة يمارسون “هواية النوم في القمم” لن تتمكن أبدا من اتخاذ قرار واحد يوقف تمدد الكيان الصهيوني على أراضيها ويمنع تجاوزات ترامب على سيادتها فبالأمس خسرنا الجولان وقبلها صمتنا عن نقل السفارة للقدس وغدا سنسمع بمزاد لبيع دولة اخرى بحجة مكافحة الاٍرهاب كما بيعت بغداد ودمشق وصنعاء وبتصفيق من بائعي الذمم.. لكن السؤال الذي لابد منه،، متى تصحوا امة القمم؟.

أحدث المقالات

أحدث المقالات