فيما يبدو أنه غضب خليجي من توجهات البيت الأبيض، الرامية الى عقد ما يشبه الصفقة مع الجمهورية الإسلامية، يغيب عن قمة كامب ديفيد المزمع عقدها يوم الخميس 13/ مايس ثلاثة من ملوك وأمراء دول الخليج؛ يأتي في مقدمتهم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، ورئيس الإمارات العربية المتحدة سعيد وملك البحرين، بالإضافة لغياب سلطان عُمان لمرضه الشديد، مع أن القمة كان يتم التحضير لها منذ مدة ليست بالقصيرة، فقد كان يتم التحضير لها بعد أن وقعت إيران مع مجموعة ال5+1 إتفاقا ينص على إستمرار الجمهورية ببرنامجها النووي السلمي، مع ضمان بقاء هذا البرنامج سلميا وبإشراف الوكالة الدولية وبعض الضمانات التي تقدمها للأسرة الدولية.
الحديث عن الغضب الخليجي لا يبدو واقعيا بعض الشيء، ذلك لأنه من المعروف للقاصي والداني إرتباط دول مجلس التعاون الخليجي مصيريا بالولايات المتحدة، لكن على ما يبدو أن هذه الدول بحاجة الى تطمينات من البيت الأبيض، بعدم تركها وحيدة أمام النووي الإيراني الذي يقض مضاجعهم ليلا نهارا.
الهاجس الأمني يمثل عصب محادثات كامب ديفيد المقبلة بين ممثلي دول الخليج والرئيس أوباما، خاصة تلك المتمثلة بمنظومة الصواريخ الدفاعية بعيدة المدى، والدخول في مناورات مشتركة مع القوات الأمريكية التي تجوب الخليج العربي والبحر الأحمر، على أن يكون الاتفاق مكتوبا.
يصر الخليجيون أن يكون الاتفاق مكتوبا لسبب وجيه من وجهة نظرهم، ذلك لأنه سيكون رسميا وملزم لأي إدارة أمريكية في المستقبل، ثم لتضمن عدم تركها وحيدة أمام التحديات التي تعصف بالمنطقة، خاصة بعد أن شاهدت الولايات المتحدة تتصرف وفقا لمصالحها الخاصة، وليس وفقا لمصالح دول الخليج، وخير مثال على ذلك عدم جديتها في إسقاط نظام بشار الأسد، وتوقيعها الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية، بما يؤدي الى ظهور الأخيرة كقوة عظمى في الخليج.
حتى مع الهجوم على اليمن من قبل المملكة العربية السعودية، من خلال ما يسمى ب(التحالف العربي) فقد رأينا كيف أن الولايات المتحدة مع وقوفها مع التحالف المزعوم، فإنها تضغط باتجاه وقف العمليات العسكرية، لأنها لا تحبذ أن تكون هناك قوة عسكرية قبال القوة العسكرية الإيرانية، التي تملك ترسانة عسكرية لا يمكن لدول الخليج مجتمعة أن تصمد بوجهها، من هنا فهي لا تريد أن تتورط بدخول حرب غير مستعدة لها، لأن ذلك سيؤثر بشكل أو بأخر على إقتصادها المتهالك مرة، وأخرى على أمن إسرائيل التي تحرص الولايات المتحدة عليه؛ أكثر من حرصها على بقاء شيوخ الخليج.
سيحاول الرئيس أوباما بإقناع دول الخليج، بحتمية وجود دور قوي لإيران، لأنها أصبحت واقعا لن تستطيع هذه الدول تغييره، وبالتالي يجب التعامل معها وفقا لتلك المعطيات، وعدم الإنجرار لحرب على أسس طائفية، لأنها ستكون المتضرر الوحيد من هذه الحرب، بالإضافة الى إقناع قيادات هذه الدول بإيجاد حل سلمي لأزمة اليمن بعيدا عن قرقعة السلاح التي لن تعيد عبد ربه الى سدة الحكم مرة أخرى.