18 ديسمبر، 2024 7:19 م

قمة عمان وقبل أن تبدأ ..

قمة عمان وقبل أن تبدأ ..

الحديث في السياسة كالسباحة في الظلام ! هكذا كنت أرى كل من يقوم بمحاولة الكتابة فيها وهي التي تقوم على عدم الثبات في الإدراك والمواقف وإتخاذ القرار وهذا الحديث اليوم يأتي كإجتهاد متواضع في قراءة لصورة الواقع العربي والدولي المتصل في هذه القمة الثامنة والعشرون والرابعة التي تعقد في عمان عاصمة كل العرب.

دولياً.. التوقيت مهم جدا والأهم هو في مكان الإنعقاد الذي حقق للقمة نجاحا معنويا وتضامنيا حتى قبل أن تبدأ من حيث المشاركة العربية والإتفاق على كثير من القضايا والتي أراها ستنظر في ملفات كبيرة وحساسة ستحدد ملامح السياسة العربية والأقليمية في المرحلة المقبلة, بالإضافة الى الملف الفلسطيني الشائك منذ عقود والذي طرأ تحولا من حيث أولوية الإهتمام في مساراته المتعددة إلا أننا سنجد أن القمة ستخرج بقرارات هامة تتعلق بالملف السوري وقضية التمدد الإيراني وأمن الخليج وحرب اليمن وهي ملفات يعكس حضور هذا العدد الكبير من القادة على رغبة في الخروج بتوافق عربي على صيغة حلول للخروج من هذه الأوضاع الخطيرة التي باتت تهدد أمن واستقرار الجميع والتي قد لا ترضي بعض الأنظمة الدولية والأقليمية.

وهذا لا يعني أن الأمة العربية قد إمتلكت حرية القرار في القضايا الدولية بشكل مطلق لأن قرارات القضايا الدولية التي تتخذ لا تأتي إلا من خلال تنسيق بين الدول المعنية وهذا ما قام به صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني من جهد يُسجل له وللمملكة الأردنية الهاشمية والتي كانت دوما وما زالت تلعب دورا تاريخيا في الإعتدال والتوافق بين الدول العربية وهذا الدور الذي لا يجب أن يغفل في الدفاع عن صورة الإسلام , يعطي الاردن مساحة كبيرة من المصداقية دوليا وعربيا لطرح حلول معتدلة تحظى بموافقة الأطراف المعنية, كما أنه سوف ينظر الى الأردن بالإضافة الى هذا الدور الهام تلك الأعباء التي تحملها وما زال يتحملها نيابة عن كل العرب إقتصاديا وسياسيا بعد أن أصبح حاضنة للجوء على مدار عقود طويلة.

لا أحد ينكر حنكة الهاشميين وحرصهم على إرسال رسائل هامة في كل الإتجاهات وبما يحقق المصلحة الوطنية والقومية فزيارات صاحب الجلالة التي سبقت القمة كانت من ضمن تلك الرسائل لمن يريد إختبار مدى الجدية والإصرار على توحيد الصف العربي , فزيارات روسيا وأمريكا والصين ومصر والمغرب وهذا الإستقبال لخادم الحرمين الشريفين وموقع إنعقاد القمة ما هي إلا رسائل وإشارات قد وصلت الى كل الدول العربية والدول الكبرى بأنه حان الوقت لإيجاد حلول لكل ما يحدث داخل الوطن العربي وأن هذا الوضع إذا لم يتم وضع حلول له سيصل الى مستوى من الصراع أخطر مما هو حاصل الآن.

أما محليا.. فهذا التهكم المستمر على الوطن والممتد الى خارج حدوده أحيانا يجعلنا نسأل كل أولئك الذين يفقدوننا الأمل في غد أفضل للوطن والأمة: ما هي الحلول والبدائل لديكم !؟ ولا تقولوا أنكم لستم أصحاب قرار لأن كل من يبدي برأي أو فكرة هو مشارك في إتخاذ قرار بشكل أو بآخر وإلا فإنه سيكون بمثابة المتجني على الوطن, وأحدهم الذي يقرأ مقالاته نصف الأردن يتهكم على الإهتمام بمستوى النظافة والترتيب والجهود التي بذلت لتزيين العاصمة عمان غريب منك هذا الطرح ومقاصده, وآخرون بدأوا بلا توقف شاتمين لاعنين لكل أمل وجهد يحاول الأردن أن يبثه في قلوب العرب وقلوب الأردنيين, ولعلهم لا يدركون ان ما نعانيه جميعا من ظروف صعبة نمر ونشعر بها تدفعنا للبحث عن أي ضوء يوصلنا للأمل, رفقا بأنفسكم وفي الوطن وبنا فهذا الوطن وإن تحمل الكثير من خارج حدوده فلا تجعلوه يشعر بالألم الذي يسببه له أبناءه.