13 فبراير، 2025 12:59 م

قمة بغداد..وقصة يوسف الذي أكله الذئب!!

قمة بغداد..وقصة يوسف الذي أكله الذئب!!

هل يسلّم العرب رقابهم هذه المرة الى الرئيس الأمريكي ترمب ورئيس وزراء الكيان الصهيوني نتانياهو ويجري بيع أرض فلسطين كاملة بالمزاد العلني من قبل إخوة يوسف بثمن بخس دراهم معدودة؟

كانت الدول العربية منذ الستينات قد صدعت رؤوس الجماهير العربية بأنها ستلقي بإسرائيل في البحر وهي لن تقبل بإقامة سلام معها..وها هي اليوم وقد أصبح حتى السلام مع إسرائيل ضربا من الخيال بل أقرب الى المستحيلات..

كان أستاذ مادة الفلسفة في قسم الإعلام بكلية الاداب منتصف السبعينات الأستاذ المرحوم طالب مشتاق وهو من دعاة القومية العربية الخالصة لايقبل تصحيح أية ورقة إمتحانية في مادة الفلسفة ما لم لم يكتب الطالب في أعلى صفحة الورقة : لاوطن لليهود إلا في المريخ تزامنا مع الطروحات العربية أنذاك بأن يلقي العرب إسرائيل في البحر تخلصا من عربدتها وإغتصابها لفلسطين منذ عام 1948 بلا وجه حق أو مسوغ ديني أو أخلاقي أخلاقي.

وبعد كل تلك السنوات المضنية من نضال فلسطيني مرير وحروب قاسية من القتل والترويع والتهجير والمعتقلات وإذا بالفلسطينيين يلقون اليوم في غياهب الأرض وفق خطة ترامب لتهجيرهم من بلدهم فلسطين بضفتها وغزتها وفرض منهج الإحتلال الإسرائيلي الكامل عليها بالقوة بالرغم من أن فلسطين كلها هي أرض عربية.

يبدو أن الحكام العرب سيضطرون للرضوخ للأمر الواقع..فما بدا من تصريحاتهم المرتجفة وتصريحات ترامب المتهورة حتى الآن وكأنهم كلهم في الهوى سوى..وإذا بالدول العربية منذ سنوات وهم يتسابقون على طاولة الدخول في سباق رفع راية الإستسلام أمام الصهاينة وبلا تردد..

كانت قمة بغداد العربية التاسعة التي رعتها الجامعة العربية في الثاني من تشرين الثاني عام 1978 هي آخر قمم الرفض العربية للإحتلال الصهيوني وجاءت القمة في أعقاب توقيع مصر على معاهدة أنور السادات للسلام من جانب واحد مع إسرائيل آخر القمم التي كانت قد وضعت حدا للعربدة الإسرائيلية على مقدرات العرب.

وفي قمة بغداد 1978 قرر القادة العرب أنذاك أن الاتفاقات التي وقعتها الحكومة المصرية في عهد الرئيس المصري الأسبق أنور السادات عام 1978 في كامب ديفيد باطلة وقد أضرت كثيرا بحقوق الشعب الفلسطيني وتم حث الحكومة المصرية على عدم التصديق على الاتفاقيات.

والأهم من ذلك أن القادة العرب قرروا تجميد علاقات دولهم مع الحكومة المصرية في 31 آذار مارس 1979 بعد خمسة أيام من التصديق على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.

وفي وقتها إجتمع القادة العرب مرة أخرى ببغداد في غياب مصر وقرروا طردها من جامعة الدول العربية ونتيجة لذلك نقلت أمانة الجامعة من مقرها في القاهرة إلى تونس العاصمة ثم عادت الى القاهرة في 12 ماس اذار 1990.

وما بين قمة بغداد 1978 وقمة بغداد 2025 فرق شاسع كالفرق بين الارض والسماء ..إذ ليس بمقدور العرب الآن بعد أن تدهورت أحوال دولهم وقد سلم كثير منهم الراية لامريكا وإسرائيل صاغرين أن يكون بمقدورهم وضع حد للإحتلال الصهيوني للأرض العربية حتى ولو على صعيد قرارات سياسية تحفظ بقية الحق الادنى من حقوق الشعب الفلسطيني التي كانوا يدعون التمسك بها في إستعادة سيادته الكاملة على أرضه ووطنه ولا حتى بقبولهم السلام مع إسرائيل إن قبلت بإقامة دولة فلسطينية حتى حدود 1967 وذهبت لاءات العرب في قمتهم بالخرطوم عام 1976 أدراج الرياح.

واليوم بعد أن تدهورت أحوال العرب وإستبيحت أراضيهم ومكانتهم التي إنحدرت الى الحضيض ليس بمقدورهم كما يبدو أن يحلوا رجل دجاجة وليس إستعادة الحق الفلسطيني المغتصب بل هذه المرة بيع كل فلسطين الى الأبد حتى وإن إدعوا في بياناتهم المعلنة خلاف ذلك.

المشكلة أنه حتى رئيس وزراء إسرائيل السابق أولمرت إعترف قبل أيام بحق الفلسطينيين في وطنهم وعدم مشروعية ترحيلهم من غزة والقطاع مؤكدا أن اقتراح ترامب “بالسيطرة” على غزة “غير قابلة للتطبيق لأن الأراضي ليست ملكاً لإسرائيل حتى نمنحها لأحد” في إشارة إلى تصريح لترامب بأن إسرائيل ستسلم قطاع غزة إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء القتال.

وصرح أيهود أولمرت لبي بي سي قائلاً إن إسرائيل لا تستطيع تسليم غزة للولايات المتحدة “لأننا لا نملك غزة، فهي ليست ملكنا.. غزة فلسطينية”.

كما سارع كثير من قادة دول أوربا بضمنهم الرئيس الفرنسي ومستشار ألمانيا والدانمارك وبريطانيا وفي دول البحر الكاريبي والمكسيك وقادة دول العالم الأخرى كروسيا والصين ودول جنوب شرق آسيا ودول العالم في شرقها وغربها في أنه ليس من حق ترامب أن يشتري غزة والقطاع والضفة الغربية ويمنحها هبة لإسرائيل التي ليس لديها أي حق قانوني أخلاقي أو قانوني أو دولي في إحتلال فلسطين منذ عام 1947 .

كانت بريطانيا وبدعم من اللوبي الصهيوني في أوربا والولايات المتحدة أنذاك هي من حفرت أولى بذور الفتنة والخراب في تلك المنطقة من أرض العرب وهي التي تتحمل مسؤولية كل ما حل بالشعب الفلسطيني من كوارث ونكبات  طوال تلك العقود المريرة من إغتصاب الصهاينة لفلسطين بطريقة غير شرعية وخلافا لمواثيق الأمم المتحدة والأعراف الدولية وأعراف الأرض والسماء.

وهل ننتظر من قمة بغداد 2025 ان تضع حدا للعربدة الامريكية الصهيونية على أرض العرب في فلسطين..بالرغم من أن بغداد على ضعفها وتدهور أحوالها لن توقع معاهدة سلام مع إسرائيل في أي وقت من الاوقات وكانت تصريحات ترامب هي من تعطي الذريعة لرفض العرب لمؤامرات خطيرة من هذا النوع.

إن أطماع إسرائيل المعلنة في كيانهم الصهيوني المسخ والتي يكررها قادتها يوميا ضمن تصريحاتهم هي” من الفرات الى النيل أرضك يا إسرائيل” ..وإن سلم العرب أرض غزة والضفة هذه المرة فستبتلعهم إسرائيل الواحدة بعد الأخرى حتى تحقق هدفها المنشود وهدف حلمها بأن تكون” أرض الميعاد ” من الفرات الى النيل.

وهل أن إجتماع الجامعة العربية التي هي أشبه بجثة هامدة لاحياة فيها بإمكانها أن تحرك الضمير العربي في إتخاذ الحد الأدنى من الرفض لسياسات ترامب ونتانياهو وكل من يريد أن يستحوذ على أرض فلسطين بالقوة ليعيد احتلال ما تبقى منها وتختفي فلسطين من خارطة الصراع العربي الصهيوني؟

أنها إسئلة من الصعب أن يجيب عليها القادة العرب في زمن التخاذل والموت السريري للكرامة العربية بعد ان باعوا دينهم ودنياهم لترامب ونتانياهو مثلما باع إخوة يوسف أخيهم بعد أن ألقوه في الجب وإتهموا الذئب المسكين بأنه هو من سفك دمه وجاءوا الى أبيهم بدم كذب عشاء يبكون..إنها مفارقة تشبه في بعض فصولها قصة يوسف منذ آلاف السنين..