23 نوفمبر، 2024 7:01 ص
Search
Close this search box.

قل لنار قلبي لاتنطفىء…!

قل لنار قلبي لاتنطفىء…!

 عندما يكون العراق موقد جمر فتنة وصراع ومفخخات وكواتم ، فهذا يعني أن النبؤات المنسوبة الى الألواح التي دونها كهنة بابليون  قد صُح وقيعتها ، وأن الخوف على احتراق البساتين وهجرة الناس وشيوع ثقافة التلاسن والبدء بشحذ همم الاقتتال قد قربت ملامحها ( لاسامح الله ) ولكن من يتابع مايجري وما يجاهر فيه ويتنابز به شركاء العملية السياسية وما تفعله السيارات المفخخة والدمى البشرية المنتحرة يحس بقتامة اللون والمستقبل ، وهذا الاحساس طبيعي في ظل هكذا مستوى من الصراع بين الاخوة المتآلفين في يافطة المكان والمؤسسة ( البرلمان ، مجلس الوزراء ، الرئاسة ) ولكن عندما يظهرون على شاشات التلفاز تراهم كما في طروادة ، جيش يحارب جيشا ، وخيول ترتطم بخيول والكل مدجج بطائفته وكتلته ومصالحه ووطنينته ، والمتفرج في هكذا دراما مضحكة ( المواطن البسيط ) الخاسر الأول ، كونه ليس حيويا وهو الاقرب لينال أذى المفخخة والارهابي ( الأرعن ) فصارت شكواه وبلواه ونحيبه المسلسل الذي تتغذى منه وسائل الاعلام وتسمن ، فيما تحصن ( الحيوي ) في المنطقة الخضراء والبعض في ضياعهم وعشائرهم وظل المواطن ( العراقي ) مكشوفا لمديات الرمي فلا يسلم المقهى ولا البيت ولا طابور العمالة ولا نقطة النفتيش عندما نضع الجندي والشرطي المسكين مع عامة الناس من اهله وذويه حيث يتحملون غدر الكواتم وتفجير منازلهم .
رؤية العراق في هكذا مشهد حزين ومفجر ودامع ويلتهب حرا وفوضى في ظل انقطاع الكهرباء وغياب الخدمات بسبب عدم اكتمال المؤسسات التنفذية الحاكمة في المحافظات مدفوعة ( بالزغل ) وعدم الرضى لدى البعض في توزيع غنائم المناصب يقودنا الى رؤية ( عبوسة ) لما سيجري وربما نُقاد الى وضع طائفي يُصفق له كل كاره لهذه البلاد وغرائبيتها في خلطتها الحضارية والتاريخية وقدسيتها ، وربما سنلتحق بالمشهد السوري ( لاسامح الله ) فنضيع ثانية في حدائق المنفى نندب حظنا كما عبد الله الصغير عندما ندب ملكا مضاعا.
لهذا ..سأكون كما في رؤى نيتشة ( المتشائم ) وأشعل نار زيرادشت بقلبي ، فقط لأحرق فيها كل النبؤات الغير متفائلة التي تريد ان تذهب بالبلاد الى خراب ( البصرة وقيامة الحسرة ) وانا ادرك تماما ان الرؤية في مجد البلاد واعادتها الى حمائم سلامها وبساتين جنانها يقوم على العقل . ولكن صديق لي ابتسم وقال :من لديهم سلطة العقل ازدوجت جنسياتهم  واشتروا في البلاد الامنة عقاراتهم ، وامنوا جوازات حمرا لعوائلهم لهذا فعقولهم قائمة الآن على أثارة الناس بوهم الخوف من ان تبيد طائفة طائفة اخرى.
وهذا لايحصل ، فليس هناك مظلومية بين شعب ابتدأ حياته مجتمعا منذ ايام سومر وبابل ونينوى. ولكن هناك من يتعمد ليصنع المظلومية ، وعلى الاخر ( العراقي ) ان يؤمن بأرادة التاريخ في صناعة الحاكم ، بالامس ( السني ) فما ضير ان يكون اليوم ( الشيعي ) او المسيحي ، او الصابئي او اليزيدي . انها حركة التاريخ ، ومتغيراتها لايمكن تغيرها برضى المفخخات والتكفير والتعصب والتحريض وجعل المنابر بدء الشرارة لنار قلوبنا التي يبدو اننا سنقول لها لا تنطفيء .ابقي مشتعلة ، ليس لتحرقي الأخضر واليابس ، بل لتبقي نار العشق في بلاد علمتنا الغرام وصرنا في طرقاتها نضيء مشاعل الحرية حتى لاتضيع من خطواتنا الطرق .البلاد التي توحدها القبلة والقصيدة ودموع الفقراء .

أحدث المقالات

أحدث المقالات