23 ديسمبر، 2024 12:34 م

قليل من الجنون يكفي 

قليل من الجنون يكفي 

ان تمنحك الحياة شهادة الجنون فأنه امر بغاية الترف ، ان كنت مجنوناً فانك قد فزت بأرقى انواع الفنون ، أما الاخرون الذين اتعبتهم الحياة بالعيش المستحيل تحت وطأة الحاجة والعوز والتقتير والمجاملة والمطالبة بالكرامة هؤلاء الذين تطحنهم الحياة طحناً هؤلاء يتظاهرون بالعقل ولكنهم بالحقيقة يتمنْون الجنون .
أن تكون مجنوناً فهذا امتياز ، هذا مافعله بهلول بعد ان اصطدم بجبروة الطاغية هارون الرشيد ، بهلول مجنون بمرتبة الشرف لانه كان يبصق جنونه بوجه الطغاة بدون تردد ، كان يدخل على هارون الرشيد ويتقيأ كل مرارة الحياة بحضن خليفة المسلمين ويخرج منتصرا بدون عقاب وليس هذا فحسب بل كان يلقن اصحاب السلطة درساً قاسياً .
مايحتاجه الشعب بحق اليوم هو الجنون فلم تعد هناك ضوابط فلا الدين ولاالعشيرة قادرين على استرجاع حقوق شعب نهبت جهاراً نهاراً، ولا السياسة قادرة على ادارة دفة سفينة الحياة باتجاه العيش الكريم ،لان أمواج الفساد العاتية تعصف بها من كل الاتجاهات بسبب ضياع بوصلة العقل والحكمة حيث اصبح للفساد الهة تتحكم بمقدرات الشعب وماعادت قوانين الضبط والربط تنفع بعد ان قيل كل ( ما يقال ولايقال ) وكأننا نتحدث مع حجر أصم فهم لايبالون بنا لانهم يعتقدون اننا العقلاء لانقدم على فعل يتجاوز المعقول .
اذن الجنون هو الحل فمن الغباء ان تعيش عاقلا بوسط سمته الغالبة هي الجنون، البعض من عقلاء هذا الزمان ينتظر نضوج الثورة كما تنضج التفاحة لكي تسقط بفعل قانون الجاذبية الارضية ، الثورة تحتاج لمن يقطفها بفعل قانون الفقر والعوز فلا ينتظر سقوطها في الشوارع وبالتالي تتفسخ وتضيع هباءً منثورا كما ضاعت او تكاد ان تضيع الاحتجاجات والتظاهرات والتضحيات في ازقة العملية السياسية الظلماء ، أن ثوار العالم في البداية وصفهم المجتمع بالمجانين لانهم ارادوا تغيير واقع قد ادمن عليه الشعب واقع من اليأس والاحباط ، لانحتاج سوى لقليل من الجنون لنقلب عاليها سافلها .