يفتقر الإنسان العربي إلى هذه الحكمة للأسف ، فأغلبنا كثير الكلام قليل العمل ، والحقيقة هي كلما زاد الكلام قل العمل وكلما كثر العمل قل الكلام ، فالذي يتكلم كثيرا ويفكر في صياغة الجمل والمفردات نجده لا يجد الوقت الكافٍ للتفكير بالعمل ، على سبيل المثال نأخذ أعضاء البرلمان العراقي وكيف هي طريقتهم بالكلام والتصريح لوسائل الإعلام ومجمل العمل الذي يقومون به مقارنة مع أي برلمان في العالم المتطور لنجد إن عضو البرلمان في خارج العراق يدخل ويخرج من البرلمان ولن يخرج مرة واحدة إلى الإعلام يصرح بل نجده خلال فترة الدورة الانتخابية ( يعمل كل وقته وكانه عضو في خلية نحل ) العالم العربي أصبح يعرف كل برلماني عراقي لأننا نشاهد الأعضاء لاهم لهم إلا هم الوقوف أمام كاميرات الفضائيات يصرحون فهذا يصرح شرقا والآخر غربا وغيره يخلط الحابل بالنابل وذاك يخلط السم بالعسل وآخرون يتكلمون بالقيم الإنسانية والإسلامية ولكن كل هذه الشوشرة لا داعٍ لها ، عملك هو مقياس وطنتيك وإخلاصك ، إن كنا نقيس الأمور بالكلام فما علينا إلا أن نذهب لمقاهي بغداد القديمة وسنجد هناك خيرة المتكلمين الذين يضاهون كل ساسة البلد لكن هل المتكلم يفهم ماهية العمل ويعرف إن العمل مقدس ومقياس قيمة السياسي أو الانسان هو ما يقدمه من عمل يخدم الوطن أم إن قوة الكلمة التي تخرج من أفواه الساسة هي مقياس قوة العمل ، أستغربُ وبنفس الوقت أضع الف إشارة وإشارة على السياسي الذي يتكلم كثيرا لأني أفهم أن المعادلة تقول ( من يتكلم كثيرا يعمل قليلا ) وهذه القاعدة تنطبق على الكل باختلاف الأزمنة والأماكن لأننا نجد أن المتكلم كثيرا يحاول تعويض نقص العمل بالمفردات وبنفس الوقت من يعمل كثيرا لا مجال له لإيجاد المفردات اللغوية والتمنطق وهذا بالضبط ما نجده في شيوخ العشائر ( شيوخ التسعين ) فهم يختلفون عن شيوخ العشائر الأصليين لأنهم يتكلمون كثيرا ويطلقون الوعود ويهربون من الوعد، حالهم حال أغلب ساستنا فإنهم يتكلمون كثيرا ويوعدون أكثر ويهربون أسرع من تنفيذ الوعود، علينا أن ننظر بعين ثاقبة ونجد من بين ساستنا ووزراءنا من يتكلم قليلا حينها سنقول أن هذا الوزير يعمل كثيرا وهذه قاعدة ثابتة حسب رأي عقلاء القوم ، فالوزير الذي يتحاشى الكلام الكثير أمام شاشات التلفاز إلا فيما يخص توضيح التباس خاص بوزارته وعمله هو الوزير الأكثر عملا ، والوزير الذي لا يترك شاشات التلفزة ويصرح كثيرا ويقفز بالتصريحات من الألف إلى الياء نجده أقل وزير مؤمن بنظرية العمل الحقيقي ، العمل هو مقياس الوطنية ومقياس راعي القيم ومقياس الشخص السوي ومقياس الموطن الصالح ومن يتكلم كثيرا لا بد أنه يشعر بنقص في فكرة العمل ربما لأسباب خارجة عن ارادته ( وزير فاشل ) أو لأسباب يعيها ويعلم أنه لا يهتم بالوطن بل بالحزب والتيار والمصالح الذاتية وبكلا الحالتين هو وزير فاشل سواء كان خارج الإرادة أو داخل الإرادة ونعيد ونكرر ونقول ( من يتكلم كثيرا يعمل قليلا ).
[email protected]