· انحرف المالكي بالشرطة من الولاء الوطني الى مرتزقة للحكومة كلما ضربوا الشعب زادت رواتبهم ومن يعترض يعلقه على شماعة النظام السابق!
· على صدام مأخذان وله حسنة واحدة.. المأخذان هما عسكرة الشعب وتجويعه والحسنة قمعه فئتين انفلتتا على الدولة بعد 2003 كالذئاب المسعورة!
· العراقيون تحولوا عبيدا في ظل دستور كتبه النواب لينصبوا أنفسهم إقطاعاً
صاحت الناس “الداد” من رواتب أعضاء مجلس النواب والوزراء والمسؤولين في الدولة، الذين انتخبناهم لخدمتنا، فوضعوا حاضر الاقتصاد ومستقبله، في خدمة شهوتي المال والنساء، اللتين لا تريدان أن ترتويا لديهم؛ كي يتفرغوا من ثم للعمل الوطني، على هامش وقتهم المكرس متنه لمنافعهم الشخصية والفئوية.
رضينا بالهامش دون المتن، ولم نحصل عليه، اي رضينا بالبين.. في ظل حكومة نوري المالكي، والبين لم يرضَ بنا.
هذا الكلام، الذي أدبجه اللحظ، سوقا بتلقائيتي القروية، التي سماها الامام علي.. عليه السلام: “شقشقة” ترجمها الشعب الى تظاهرات صريحة، حددت بالحرف الواحد: “ايقاف صرف رواتب النواب، ومن كان مرتبطا بوظيفة سابقة يستمر بتقاضي راتبه من دائرته، التي يعود اليها بعد انتهاء تنسيبه منها مفرغا للعمل النيابي، وصرف مخصصات شهرية، طيلة الدورة الانتخابة، لمن ليس موظفا، بعدها كلاهما يتقاضيان مكافأة نهاية خدمة، من دون تقاعد”.
اما الاقتصاديون فيقولون بعد بضع دورات برلمانية، سيصب الاقتصاد كاملا في جيوب اعضاء المجلس الموقر، ممن هم تحت قبته او متقاعدين، ويصبحون طبقة نبلاء تشغل دوائر الدولة لصالحهم، على شكل حظائر مكتظة بالعبيد، يخدمونهم ويتسولون لقمة العيش منهم.. يسوموننا الإذلال الذي قرأنا عنه في روسيا القيصرية قبل الثورة البلشفية عام 1917 وما يشبهها من اقطاع جنوبي العراق.. الذي عشناه من خلال وصف أهلنا لفظاعته، وما اليه من شربتلية مصر وسواهم ممن تحكموا باقتصاد ممالك، حتى جاءت الجمهوريات، وليتها لم تجئ (وهذا لنا فيه حديث لاحق؛ كي لا يتشتت الموضوع).
العراقيون سيتحولون عبيدا في ظل الديمقراطية، ما دام الدستور يكتبه النواب ليحولوا انفسهم الى إقطاع
هادي المهدي
لكن ما حدث هو ظهور قانون يؤكدها في فقرتيه 37و38 ضاربا عرض الحائط بالمتظاهرين الذين سبق ان ضربوا بالعصي وأعتقلوا من قبل شرطة الدولة لصالح الحكومة، وكان الاجدر وقوف الشرطة على مسافة واحدة من الحكومة والشعب، بل حماية الاضعف من الاقوى كي يوصل صوته، لكن مع الاسف، انحرف المالكي بالشرطة من الولاء الوطني الى مرتزقة للحكومة، كلما ضربوا الشعب، زادت رواتبهم، وكلما اعترض قائد شرطة على هذا الانحراف، اقاله بتلفيق تهمة التزوير او الفساد او علقه على شماعة النظام السابق!
حتى سال دم هادي المهدي، شهيد الاعتراض على رواتب النواب وطغيان حكومة المالكي، تسوم الشعب، بلآمة تفوق فظاعة صدام.
وأنا أعني ما أقول من وراء الفرق بين “لئيم” و”فظيع” في مقال مقبل إن شاء الله.
محروك اصبعه
للشعب اعتراضاته المباشرة، على مبدأ الفعل ورد الفعل.. ناس جائعة، تصنع المستحيل، الذي يفوق حدود ملكاتها العقلية وطاقتها العضلية، اللتين قدرهما الله لهم؛ كي يستحصلوا قوت يومهم، غداءً من خبز وبصل او خبز وشاي او خبز قفار (ليس معه غموسا) او “محروك اصبعه” يعد العشاء بعده، نوعا من ترف لا يطالونه دائما.
وهم ينظرون بعين الحرمان لنواب لا يفعلون شيئا.. أؤكد: “لا فعلون شيئا” ويتقاضون رواتب خرافية ذات ارقام فلكية ما زالت تمتص ثروات العراقيين.
مثلما تسلطت حروب صدام الهوجاء على ثرواتنا تسلط النواب الآن عليها، يقولها الشعب، للمالكي، متظاهرا، فيشغله بـ “داعش” التي انكشفت فبركتها من قبل قوى أقليمية لدعمه بولاية ثالثة، خلافا للدستور الذي كتبناه بدمائنا.
والله.. وأخشى الا يصدقني البعض، فأعيد القسم: وحق علي بن ابي طالب والزهرة والعباس ودم الحسين، ولكي تصدقني المذاهب السنية الاربعة، التي أجل رصانة فقهها الملتزم بتعاليم الله عبر القرآن الكريم وسنة الرسول والخلفاء الراشدين مثلما انتمي وجدانية لإجتهاد المذهب الجعفري، وأقسم للكرد بالمجاهدين العظيمين محمود الحفيد والملا مصطفى البرزاني، أنني سقت عائلتي وعوائل اخوتي واخواتي وما طال يميني ممن يحترمون “شيباتي” للتصويت على الدستور في العام 2005؛ ونحن في منطقة مطوقة بمن يمنعون التصويت وظلوا يدورون على البيوت والشوارع يقطعون الاصبع الملطخة بالحبر البنفسجي.
جازفت بكل هؤلاء، كي نصوت على الدستور، مؤمنا بأن مشاكلنا ستحل لأن حكومة مثالية تنصب بموجب الدستور، ونحن دولة ذات اقتصاد قادر على محو الديون بعصا سحرية ويشيد مدنا فارهة ونعيش بسعادة مستثمرين رفاه اقتصادنا الثرثار.
كل هذا انهار بعد ان جاء المالكي ببطانته يسرقون ويغض الطرف ويقتلون ويقول لهم عوافي، مثلما اشتكى قريبي لصدام من احد رجال حمايته.. اهانه؛ فرد عليه: “أيش نسويلهم.. ذول ولدنا”.
التاريخ يعيد نفسه
وها هو التاريخ يعيد نفسه، المالكي – صدام بتركيبة أخرى، تعطي النتائج نفسها.. مثل دوائين من منشئين يؤديان الفعل ذاته.. مع اعتقادي بأن على صدام مأخذان وله حسنة واحدة.. المأخذان هما عسكرة الشعب وتجويعه، والحسنة قمعه فئتين.. طائفية وعرقية، انفلتتا على الدولة، بعد سقوطه، كالذئاب المسعورة!
أما في الباقيات فـ… لا حسنة للمالكي على صدام.
وما دمت اخوض بشأن محورية التاريخ الذي يعيد نفسه، فان التاريخ قائم على الثنائيات المتناظرة، التي تحث كلا الطرفين المتناحرين على تقوية كيانه الداخلي، وتقديم ابلغ الخدمات للناس؛ كي يرضوا عنه، وسحق غريمه بالوسائل كافة.
واشهر تلك الثنائيات “قابيل وهابيل” و”موسى وفرعون” و”عيسى ويهوذا” و”بني عبد المطلب وبني أمية” و”الشيوعية والرأسمالية” و”المالكي وعلاوي”.
فليس في عراق ما بعد 2003 سواهما، إذا لم تنتخب نوري المالكي، تنتخب اياد علاوي؛ والدليل ان الانتخابات السايقة فاز بها علاوي على المالكي، لكن… الحرب خدعة؛ إذ غامر نوري بمصير الشعب، من أجل تبوئ منصب رئيس الوزراء من دون استحقاق انتخابي، وتخلى اياد عن استحقاقه، مضحيا؛ من أجل الشعب، في إجتماع اربيل برعاية مسعود البارزاني فقبل علاوي “مجلس السيادات” او تسمية منحولة من هذا القبيل، واصر المالكي على الرياسة… “قومي رؤوس كلهم.. أرأيت مزرعة البصل” فجعل العراق مزرعة بصل فعلا.. رؤوسنا في الطين وأفخاذنا للأعلى، وهو وبطانته يمرحون في المزرعة ما شاؤوا من افخاذ يـ…
وتنكر المالكي متنصلا من بنود إجتماع اربيل، لذا اجد ان كان علاوي ما زال بالزهد نفسه، حين تنازل عن 91 مقعدا لـ 89 كي ينهي معاناة العراقيين؛ فإنه الاجدر بالشكوى، من رواتب البرلمانيين، متى دالت رئاسة الوزراء اليه، وظل على أخلاق إجتماع اربيل مقيما، ولم يجامل فساد المحيطين به، كما فعل المالكي منجرا الى الولائين الفئوي والشخصي، على حساب الولاء الوطني، وهو بهذا صار صدام حسين من دون ان يدري، واتضح لنا ان صداما هو الآخر يظن نفسه محقا، حين يعدم الابرياء ويسوقهم الى حرب هوجاء ترضي غروره وتدمر الاقتصاد والبنية الاخلاقية للمجتمع.
وهذا ما لخصته الكتب السماوية بوصف الطغاة: “تائهون في طغيانهم يعمهون”.
بقي علاوي الامل ان بقي… فإذا فسد الملح بماذا يملح، قال السيد المسيح.. عليه السلام، ورفع الشاعر السوري الراحل محمد الماغوط معاناة الفقراء، في عريضة الى الله، مختتما بالقول: “ولكن جل ما أخشاه ان يكون الله اميا”.
أما أن فلا أخشى أمية الله، إنما متأكد من أن الاسلاميين لا يقرؤون سوى مصالحهم.. شيعة وسنة و… العلمانية التي لا تستفز الإسلام، ليس لقناعة بالمشي الى أضرحة الأولياء ولا بالدروشة والدرباشة، انما لكي لا توقظ الأسد النائم؛ لأن الدين افيون الشعوب.