هناك صداع في رأس إدارة اوباما، وبالذات في رأس جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكي ،بسبب سوء الأوضاع الأمنية والانفلات الأمني والسياسي في العراق ، وهذا الصداع عبر عنه خلال الأسبوع الماضي بمكالمات هاتفية مع رموز العملية السياسية ،محذرا ومهددا ومنبها لهم من نتائج هذا الانهيار الكارثية على إدارة اوباما و(مستقبل التجربة الديمقراطية الأمريكية في العراق؟) بعد الغزو ،فماذا ابلغ قادة العراق الجدد مسعود برازاني ونوري المالكي وأسامة النجيفي في اتصالاته المغلقة ،وما هي الرؤية الأمريكية في المرحلة المقبلة ،تشير المصادر الخاصة من تسريبات إعلامية ،أن بايدن هاتف نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي مبلغا إياه (قلق إدارة اوباما الشديد إزاء الأوضاع الأمنية المتردية في العراق )ومحذرا نوري المالكي من خطورة الأوضاع على مستقبل الديمقراطية الأمريكية في العراق بعد تصاعد حدة العنف ونشاط الجماعات المسلحة (لم يذكر أية جماعات هل الميليشيات أم القاعدة ) ،وعارضا على المالكي أن يكون (شجاعا ليضع حدا لممارسات بعض الجهات والأطراف المقربة منه أو المرتبطة بمكتبه ،مبينا أن إخفاق المالكي في ردع المقربين منه سيفضي للعودة الى المربع الأول وإلزام واشنطن بالتدخل الفوري لإعادة الأمور الى نصابها الصحيح )، هكذا كان تحذير بايدن شديد اللهجة وشديد الوضوح ، بان إدارة اوباما قد نفذ صبرها حيال (ما سماهم المقربين من المالكي وممارساتهم الخطرة )،مما يستدعي (التدخل فورا ) لإعادة الأمور الى نصابها ) فماذا يعني إعادة الأمور ،هل يعني بايدن أن تحضير 15الف جندي أمريكي والتوجه بهم الى العراق لهذه المهمة ربما ،وربما سيناريو آخر ينتظر حكومة المالكي (بتهديد بايدن هذا )،إن ما يمكن قوله ،هنا أن تحذيرات بايدن ترتبط بزيارة رئيس أركان الجيوش الأمريكية في الخليج العربي (ديمبسي)، ولقائه بالمالكي كاشفا له (الخطة الإيرانية لاجتياح العراق، وإنقاذ نظام بشار الأسد الذي يشهد انهيار وسقوطا وشيكا بعد معركة القصير، التي تجري الآن بضراوة قل نظيرها من قبل قوات الأسد وحزب الله والحرس الثوري الإيراني ،وانعكاس نتائج المعركة على ما يجري في العراق من حراك جماهيري وثورة شعبية عارمة وتظاهرات صاخبة منذ أكثر من أربعة أشهر مضت تطالب بحقوقها الشرعية ،تحت صمت مطبق من حكومة المالكي ،بل حصل الاسوء في أحداث دموية مثل الحويجة والفلوجة والموصل وقتل العشرات من المتظاهرين العزل ، لذلك كانت مهاتفة بايدن لرئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي والطلب منه لوضع حلول فورية لقضية المتظاهرين ،عارضا عليه إعادة رافع العيساوي الى حكومة المالكي، ومعالجة (أزمة المعتصمين والتظاهرات في المحافظات المنتفضة )، في تسوية سريعة للازمات قبل اندلاع حرب أهلية طائفية تجهض المشروع الأمريكي الديمقراطي في العراق في توصيف بايدن نفسه ،وفي مقابل قلق بايدن الشديد حيال أوضاع العراق المنهارة امنيا وسياسيا ،فان أسامة النجيفي قد وضع النقاط على الحروف أمام بايدن ، وبكل جرأة ووضوح ،مخاطبا إياه (إن سبب هذا التوتر الأمني هو غياب مبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية والتفرد بالسلطة وتهميش الآخرين ونشوء الدكتاتورية الطائفية واستخدام الجيش في قمع التظاهرات والتصدي للميليشيات التي برزت بشكل فعال في الفترة الأخيرة )،حسب بيان مكتب النجيفي ،وقد طالب النجيفي من بايدن الضغط على حكومة المالكي بفتح حوار جاد وحقيقي مع المعتصمين ، وقبول المبادرات السلمية (في إشارة الى مبادرة العلامة الكبير عبد الملك السعدي )،إضافة الى سحب الجيش من المدن واستبدالها بالشرطة المحلية ،هذه الشروط التي أوضحها النجيفي لبايدن ،يمكن أن تكون مدخلا حقيقيا لحل الأزمة العراقية والدخول في حوارات أخرى تعيد الأوضاع الى طبيعتها،وتنزع فتيل الحرب الطائفية التي حذر منها المالكي نفسه قبل أسابيع ،وتفشل كل أشكال التقسيم والأقاليم والفدراليات المفترضة ،والتي تهدد بها أطراف كثيرة وبدعم من خارج العراق ،إذن قلق بايدن ليس على ما يجري في العراق من دماء تسيل كالأنهار يوميا ولا على سيادة العراق المداسة تحت أقدام بايدن وغيره ممن يزورون العراق (بلا احم ولا دستور ) ،وكأنه محافظة أمريكية بل ويهدد المالكي (بالتدخل الفوري لإعادة الأمور… أية أمور ؟؟؟)، في وقت جددت إدارة اوباما حالة الطوارئ في العراق سنة أخرى، بانتظار لما سيحدث في سوريا من سقوط مدو لنظام بشار الأسد ، وانعكاس هذا السقوط على ما يجري في العراق من تظاهرات غاضبة على الحكومة وعلى إدارة اوباما ،التي لم تف بوعودها في العراق ،تاركة العراق لقمة سائغة في فم إيران الادرد ،اعتقد أن قلق بايدن في العراق قلق مشروع بالنسبة لإدارة اوباما لأنها تعرف أن الرياح التي تجري في العراق وسوريا ليس في صالحها ولا صالح إيران …لذلك نراها قد نفذ صبرها وهي ترعد وتهدد وتحذر حكومة المالكي لخطورة ما يجري ، انه قلق الغزاة على مصالحهم في المنطقة ،وليس على الدماء التي تراق في العراق وسوريا بسببهم …..