23 ديسمبر، 2024 6:18 م

قلقون وننام بعين مفتوحة!

قلقون وننام بعين مفتوحة!

علينا أن نقدر حياة الأخرين، كما نرغب في أن يقدر الأخرون حياتنا، فها هو المازني يقول: (الحياة أوسع وأعمق، من كل ما حوت المكاتب والمكتبات، قديمها وحديثها، وليس على رفوفنا، سوى صفحات قليلة من هذه الموسوعة، التي ما خلقت عبثاً) ولكن ما يشهده واقعنا المرير عكس ذلك، لفقدنا الأمان، بعد أن تسللت الذئاب والثعالب الى أرضنا، فالشعب ينام وعينه مفتوحة!
أمة كانت تعاني القهر والحرمان، والعقم الفكري الإجباري، فغادرتها الشمس رغماً عنها، وبشكل إعترافات منسوجة على ضفاف الدماء، لكن فارس المحراب، الذي تستجدي الفروسية منه، الشجاعة والإستمرار بالعطاء، أبى إلا أن يقود حملة مقدسة، في زمن يحتاج العراقيون فيه، الى التعايش، والتسامح، والمحبة، وهذا الحضور العملاق، تكلل بمبادرة السلم الأهلي والمجتمعي وبناء الدولة، التي دعا اليها السيد عمار الحكيم (دام عزه).
مبادرة السلم الأهلي، وثيقة رصينة متكاملة، وشاملة للحقوق، لا تميز بين مكونات الشعب الواحد، وأولها سيادة القانون، وفرض النظام، والعلاقة الفاعلة الحقيقية، من قبل أفراد القوى الأمنية، والمواطن لبناء دولتهم بناء قوياً، وإحترام الحريات السياسية والدينية، وضرورة التعايش السلمي، والإتفاق من أجل وحدة الوطن، ومن هنا يبدأ العراقيون صفحات التلاحم، والوقوف كالبنيان المرصوص، بوجه الإرهاب فلا تقسيم وتهميش، ولا إقصاء.
أوضحت الوثيقة جملة إجراءات إقتصادية، ينأى بها الشعب عن العوز والفقر، وإستغلال الجانب المادي في تجنيد الشباب، القاعدة الأكثر خطورة، وفعالية في المجتمع، وتتمثل بالقضاء جذرياً، على مشكلة البطالة، والتوزيع العادل لثروات البلد، وبذلك يتم غلق الطريق، أمام الفكر المتطرف والمتشدد، بالسير نحو عقول شابة، تعيش الرفاهية والكرامة، مما يحقق إستقراراً سياسياً وإجتماعياً، ويلقي بضلاله على وحدة أبناء أرض الرافدين الأصلاء.
المؤشر الثالث الذي أكدت عليه مبادرة السلم الأهلي، فك الشفرات الفكرية المنحرفة، التي تغرر بأبنائنا، ومحاربتها بحيث يتكون لدينا حجر أساس، نعتمد عليه في التصدي، لظاهرة الإرهاب وحواضنه الخطيرة، ومنها البدء بتغيير المناهج الدراسية، التي تعد العامل الرئيسي، في حلحلة الصراع الثقافي، وإبراز التنوع في البلد، على أنه مصدر قوة، وليس حالة ضعف، كما يتصورها بعض السذج، فباقة الورد جميلة بألوانها.
المؤشر الرابع في هذه الوثيقة التأريخية، أنها تسجل بمباركة المرجعية الرشيدة، وإتفاق جميع أطراف العملية السياسية، وبالتالي المقبولية، والحضور العميق، والتفاؤل بتطبيقها المنعكس إيجاباً، على توحيد الكلمة، ومواجهة كل من يحاول تمزيق النسيج الإجتماعي لعراقنا، وعليه فمبادرة السيد عمار الحكيم، لا تحسب لفئة معينة أو كتلة بعينها، لأنها تعني السلم الأهلي لكل أبناء العراق، وهي خارطة طريق، ملؤه النصر والسلام.
وثيقة السلم الاهلي لبناء الدولة، رؤية متميزة، وحزمة حلول واقعية، لما يتعرض له عراقنا أرضاً وشعباً، من محاولات لزرع الإقتتال الطائفي، بل وحتى الإحتراب العشائري، والذي وصل لحد الصراعات المسلحة، خارج إطار الدولة، وهو المؤشر الخامس في المبادرة، وهدفها بناء الفرد العراقي، بطريقة فاعلة دون الإستهتار بحياته، فقد جعلته مدن الصبر والصمود، أنموذجاً للتأثير ومحط تقدير العالم، وسينام آمناً مطمئناً