كنت انوي كتابة مقال عما استفزني من فكاهات الدعايات الانتخابية ومهزلتها في شوارعنا وبعد ان تفضلت مواقع التواصل الاجتماعي برصد حيزاً لابأس به للحديث عنها، لكن رسالة الصحفي الدؤوب زياد العجيلي والتي وصلتني عبر الايميل وهي ترصد حادثة سحل واهانة صحفي عراقي يربو على الخمسين عاماً من قبل محافظ ديالى قلبت لي ميزان رأسي… هل هذا معقول؟ الخبر يقول ان المحافظ امر حراسه بمعاقبة وتأديب الصحفي (كريم القيسي) مراسل قناة الغدير الفضائية لا لشيء الا لكونه لم يقف له بالتحية لحظة وصوله الى منصة الحفل، الامر الذي استشاط منه السيد (المحافظ ) غضباً مع انه حصل بدون قصد من الصحفي المذكور ( بحسب روايته) كونه لم ينتبه لوصول المحافظ، وان كان يعلم، فهل المحافظ معلماً مثلا او قديساً ي كيما يقف له الصحفي اجلالا وتكبيراً ؟
تفاصيل الرواية حسب مااورده مرصد الحريات الصحافية في بغداد، تقول ان المحافظ امر حراسه بأخراج الصحفي المذكور خارج مكان الحفل وتأديبه، بالضرب والسحل لمسافة تصل الى خمسين متراً علماً انه مصاب بمرض في الاعصاب وذلك بحضور العشرات من الجمهور ومراسلي الفضائيات بعد ان هددوهم بقوة السلاح بعدم تسجيل الحادثة وترويجها في الاعلام.
مثل تلك الحوادث صارت من القصص المتداولة والمعتادة في ظل عسكرة ممنهجة للبلاد واطلاق تجاوزات البعض من افراد الحمايات الحكومية على انسانية مواطن اعزل في سلوكيات لاتسعى الا لتعزيز سلطة المسؤول وتعظيم شأنه كأننا في زمن الفتوات وليس الحريات التي بح لساننا ونحن ننادي بها منذ سقوط النظام عام 2003 وحتى اليوم.
ويبدو ان سلطات المحافظ وهو يأمر بسحل صحفي عراقي امام الملاً دون تردد اكبر من كونه محافظاً ، كما تبدو ان اساءاته ليست الاولى وطبيعي انها لن تكون الاخيرة، مادام المعنيون قد اكتفوا بسن قانون لحماية الصحافيين لايحمل من مضمون الا الاسم والدعاية .. وان سلمنا بأنه قانون للحماية فأين هو من سلسلة الاعتداءات والتضييقات التي تمارس كل يوم ضد معشر الصحافة؟؟
لايكفينا هنا ونحن نستذكر الحادثة بأقل من ان نطالب المحافظ بالاستقالة من عمله وان يأخذ القضاء دوره الحقيقي لاحقاق الحق وقبلها الاعتذار من الصحفي امام ذات الملأ وتعويضه عن الظلم النفسي والاجتماعي الذي لحق به، والتعهد بصيانة كرامة كل مواطن وليس الصحفي وحده ..هكذا هو ميدان حقوقنا وهذه هي كرامنتا فهل من سيبيل لصيانتها؟ سوال اطرحه لكل الاعلاميين والاعلاميات بأن ينتفضوا لنصرة زميل لنا تعرض للظلم حتى لاتتكرر من جديد مأساة اغتيال الاعلامي العراقي محمد بديوي الشمري.