قبل اكثر من 1500 سنة وجه لنا الشاعر امرئ القيس دعوة مجانية للبكاء. وبمقاييس ايامنا هذه فان حاجتنا تبدو ماسة الى ماهو اكبر من “قفا نبك” على طريقة امرئ القيس لمجرد فقدانه حبيبا ومنزل. وبرغم اننا لسنا طرفا في الخلاف بين الشاعر وحبيبته فاننا ومنذ عشرات القرون نذرف الدمع مجاملة لامرئ القيس خصوصا بعد ان اتفق العرب على جعل قصيدته اول المعلقات السبع. سبب تعاطفنا مع ماساة شاعرنا لانه كان صداقا في التعبير عن لواعجه واحاسيسه ولذلك احترمنا دعوته للبكاء. لكن اليوم وفي سياق الحملة الانتخابية التي يقوم بها اكثر من تسعة الاف مرشح ومرشحة للوصول الى البرلمان القادم فان الكثيرين منهم وجهوا لنا دعوات مجانية للضحك .. او على طريقتنا العراقية “عندك بطن واضحك”.
من حيث المبدا لا املك لا انا ولا سواي صلاحية مصادرة حق اي شخص فيما يتعلق بحرية التعير عن رايه او موقفه من هذه القضية او تلك. لكن هناك فرق بين الوعود وبين حرية التعبير. من حقي ان اكتب مقالا عن المجال المغناطيسي او زراعة الفجل او الخلافات بين المركز والاقليم. لكن علي ان اعرف حجمي وحجم جوزيف بايدن وحدودي وحدود داود اوغلو او ودوري ودور قاسم سليماني في طرح اي وجهة نظر بصدد اي من هذه القضايا لاسيما زراعة الفجل. وبالتالي فانه طبقا للافتات والشعارات المرفوعة على اعمدة الكهرباء لاتبدو جزء طبيعيا من حملة انتخابية امدها شهر. بل هي ادهى وامر. قسم منها التزامات ووعود بطريقة الحسم والجزم بما لايقوى على تحقيقه حتى بايدن او اوغلو او سليماني بجلالة قدرهم. وبعضها الاخر استجداء مضحك ورخيص وغريب من نوعه. مرشح تحول من المسيحية الى الاسلام ومنح نفسه لقب شيخ ويريد للناس مكافاته على خدمته الجهادية هذه وباثر رجعي لنحو 1400 عام تقريبا لانه حفيد “جون ووهب”, بينما لايعلم حنون الجديد ان في طبقتنا السياسية من خان الامانة عبر ايهام الناس انهم على طريق من قاتل الى جانبه جون ووهب. وقد شخصت المرجعية الدينية العليا ذلك ونصحت الناس بان لايلتفتوا الا الى ماضي المرشح وافعاله وليس الى ما يدعيه من الوصل باي من المقامات الشريفة العليا.
مرشح اخر ذهب الى ما هو ابعد من ذلك عندما اقسم بشرفه انه مرشح للانتخابات المقبلة من قبل الرسول محمد “ص” مباشرة. ومع اني في بداية الامر دافعت عنه من باب ان هناك من عمل ذلك على طريقة الفوتوشوب لكن هناك من اكد ذلك. هؤلاء وسواهم من اصحاب الوعود او “الفيكات” ربما لا يعلمون ان الدولة والحكومة والبرلمان لا دين لها.. لا يهم ان كان النائب او الوزير او رئيس الحكومة او البرلمان او المحكمة الاتحادية حاجا او صائما او مصليا او لا.. الشرط الوحيد ان يكون كفوءا ومخلصا. لا ان يكتب “نحن لها ” او “نفعل ما نقول” او من طبع بوسترا ووضع صورته عليه طالبا منا .. انتخاب الحاجة اخته. بشرفكم “هاي يلبس عليها عكال”؟.