الشـــــيعة والظــــهور/1
يقول السيد الشهيد الصدر ( قدس ) في موسوعته الكبيرة ( موسوعة الامام المهدي ) الجزء الثالث
( للظهور معنيان مقترنان يصدقان معا بالنسبة الى المهدي ( عليه السلام ) ، طبقا للفهم الإمامي ، ويصدق احدهما طبقا للفهم الاخر . وله معنى ثالث لا يصدق الا في زمن متأخر نسبيا ) .
( المعنى الاول :- ان يراد من الظهور : البروز والانكشاف بعد الاحتجاب والاستتار . وهذا مايحصل فعلا بالنسبة الى الامام المهدي ( عليه السلام ) عند تعرف الناس عليه بعد غيبته واستتاره . وهو خاص بالفهم الامامي الذي يرى حصول الغيبة ) .
( المعنى الثاني :- اعلان الثورة ( في منطق العصر الحاضر ) وهو صادق بالنسبة الى المهدي ( عليه السلام ) على كلا الفهمين الامامي وغيره . لوضوح كونه ( عليه السلام ) الثائر الاكبر ضد الظلم والطغيان والتخلف على وجه الارض ) .
( المعنى الثالث :- ان يراد بالظهور : الانتصار والسيطرة ، يقال : ظهر عليه اذا انتصر ضده وسيطر عليه . وهذا المعنيى يصدق عند استتباب الامر للمهدي ( عليه السلام ) على العالم كله ، وهو غير ما نريده من كلمة الظهور . إذن ، فينحصر معنى الظهور في لحظاته الاولى ، بالمعنيين الاولين ) .
( المعنى الثاني :- وهو المعنة النظري …. ويتلخص بارتفاع الغيبة التي كان ( عليه السلام ) قد اتخذها مسلكا لنفسه ، طبقا للتخطيط الالهي … ســـــواء كان معنى الغيبـــــة هـو ( اطروحة خفاء الشخص ) او ( اطروحة خفاء العنوان اللذين شرحناهما في التاريخ السابق ، فيكون شخصه مكشوفا وعنوانه معروفا … تقديما لإنجاز مهامه العالمية ، المتوقعة منه منذ الان ) .
( فأن صحت ( اطروحة خفاء الشخص ) الاعجازية ، كان معنى الظهور ارتفاع المعجزة عنه وانكشاف جسمه للناس ، مضافا الى ضرورة تعريفه اياهم بنفسه والاعهم على حقيقته . فأن هذه المعجزة انما كانت سارية المفعول في اخفائه لاجل حفظه من الاعداء والطوارئ ليتولى القيادة الكبرى في اليوم الموعود . فإذا حل اليوم الموعود ، اجتمعت شرائطه لم يكن لبقاء ذلك الاختفاء من موضوع .
وان صحت ( اطروحة خفاء العنوان ) التي هي طريق لحفظ الامام يغني عن الطريق الاعجازي ، الا في اوقات الخطر ، كما سبق ان ذهبنا اليه في التاريخ السابق … كل ما في الامر انه ( عليه السلام ) يعيــش ( بشخصية ثانوية ) متكونة من اسم مستعار وعمل معين واسلوب في الحياة غير ملفت للنظر ولا يمت الى الامامة والقيادة بصلة . ومقتضى هذه الاطروحة انه ليس هناك اي اعجاز في الاختفاء ليحتاج الى زواله ، بل يكفي في الظهور : ان يبدل المهدي ( عليه السلام ) شخصيته الثانوية بشخصيته الحقيقية ، ويعرف الناس بصراحة بصفته الواقعية ، ويقيم الحجة على ذلك ، بالاسلوب الذي سوف يأتي . فيثبت باليقين على ان هذا الشخص الذي كان يسمى بفلان ويعمل كيت ، انما هو المهدي الموعود . وقد باشر من الان مهماته الكبرى ) .
– الشــــــــــــيعة والظـــــــــهور –
– الحلقـــــة الاولـــــــــى –
ان المتتبع للاحداث التي تجري في العالم والتغيرات الكبيرة على الاصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بل وحتى تلكم المرتبطه بالبيئة والمناخ والظواهر الكونية ، يستنتج ان ثمة تسارع كبير في وتيرة هذه الاحداث وهو تسارع تجاوز السياقات الطبيعية والمتعارف عليها بشكل كبير .
وان الارتباط الكبير لهذه الاحداث خاصة فيما يتصل بالوقائع – الجيوسياسية – بالخريطة التاريخية لعصر الظهور المبارك يجعلنا في موقع المسؤولية التي تلزمنا بالوقوف امام هذه الاحداث بواقعية وجدية والتي يمكن استعراضها بشكل موجز فيما يلي :-
1- تغير الانظمة الديكتاتورية العربية بشكل متسارع ووقوع العديد من الانظمة ممن لم يشملها التغيرعلى قائمة الاحتمال الاقوى والدول المرشحة لذلك هو السعودية وبعض دول الخليج العربي .
2- التغيرات والاحداث الكبيرة التي شهدها العراق بأعتباره مركز دائرة الظهور المبارك وبدءاً من الانظمة المتعاقبة التي حكمت العراق انتهاءً بالنظام المقبور والحروب والحصار والظلم والقتل والتهجير ومن ثم الغزو الامريكي وما تلاه من تداعيات كارثية والهجمة البربرية لداعش الارهابي والاختلاف والتمزق الكبير بين مكوناته والفتن الظاهرة والباطنة والتدخل الاقليمي والعالمي بدوائر صنع القرار السياسي العراقي .
3- موت ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز وما لحقه من تغيرات في مواقع القيادة والحكم وحالة عدم الرضا بين افراد الاسرة السعودية الحاكمة والتداعيات المنتظر حدوثها لاحقا بهذا الخصوص والتي تجعل من الحكم في نجد والحجاز حكم اشهر لا حكم سنين .
4- الاحداث التي حدثت في سوريا ( الشام ) واستمرار النظام الحاكم وظهور القوى التكفيرية المسلحة ( النصرة وداعش ) مع الجيش الحر وقوات النظام السوري والتي تتطابق مع ما ذكر في احاديث مروية عن الائمة الكرام عليهم السلام بخصوص فتنة الشام ، ويقينا فأن احداث سوريا رفعت من وتيرة الاعتقاد الذي يكاد يصل الى درجة اليقين بأن ذلك يعبر مدخلا مهماً لعصـــر الظهور المفترض وان ما نحن بأنتظاره من احداث لم يحن بعــد أوانها وخصــــوصا ( الضربة الكبيرة في منطقة حرستا ) والتي تشبـــــــه بالضربة النوويـــــــة ، اضافة الى سيطرة ( طلائع السفياني) على مدن كبيرة ومهمة في سوريا وتمدهم الى الاردن والعراق والحدود التركية واللبنانية .
5- تداعيات القضية الفلسطينية ووصول الطغيان الصهيوني لاعلى مراحله وازدياد معاناة الشعب الفلسطيني من ممارسات وحروب اليهود الصهاينة واستبدادهم والظلم المفرط الذي مورس بحقهم ، اضافة الى سيطرة السياسة الصهيونية على مجمل مراكز القوى في الحكومات العربية وبدعم امريكي كامل ودون قيد او شرط .
6- التغيرات السياسية التي حدثت في مصر خوخا وسقوط نظام مبارك ومن ثم الاخوان وسيطرة السيسي على مقاليد الحكم في مصر .
7- تطورات الوضع في اليمن وظهور حركة ( انصار الله ) وما تعرض له اليمن من حرب بغيان التحالف السعودي وبمشاركة امريكية اسرائيلية
واذا ما اضفنا لكل ذلك بعض الاحداث الكونية والتغيرات المناخية والكوارث والحوادث التي تم ذكرها بشكل او بأخر ضمن علامات الظهور المبارك فأننا نكون شأنا ام أبينا امام حقيقة كبيرة تتعلق بقرب هذا الحدث ، وان كان التوقيت مرفوض جملةً وتفصيلاً الا دراسة احتمال صدق هذه الاحداث وتطابقها مع الاحاديث الشريفة والتنبؤات التي ذكرها بعض العلماء مثل نوسرداداموس او حقائق علم الارقام التي اوردها الباحث د. جابر البلوشي في كتابه الالكتروني ( ظهور الامام المهدي عام 2015 ) اضافة الى تصريحات وتلميحات العديد من الباحثين من العلماء المختصين بالقضية المهدوية ، اذا ما درسنا كل ذلك فأننا يجب ان لا نتجاهل كل ماذكر مع ارتباطه بقضية تعتبر ركنا اساسيا من اركان التشيع ، بل ان فكرة المنقذ هي فكرة عالمية وان الكثيرين من المؤرخين والباحثين في العالم يعتقدون بها ، وان الدول الكبرى والكنيسه واجهزة مخابرات ومراكز البحوث تفرد حيزا لايستهان به لفكرة النقذ الذي سيخلص العالم من شرور الحكام الظلمه .
وهذا مايجعل وقفتنا الجدٌيه ازاء هذا الحدث واجبه وجوبا حتميا لارتباطها بحدث عظيم عشنا كل لحظاته انتظاره بفارغ الصبر طوال قرون عده تعرضنا بها الى انواع التنكيل والشر والظلم والقهر والتفرقه والتهميش ، وكانت كل امالنا بتغيير هذا الواقع تتجلى ومن خلال دعاء الفرج بعملية الظهور والسؤال المهم والصعب :- كيف سنتصرف لو ان الامام قد ظهر فعلا ضمن توقيتات الباحثين المتوقعين ايا كانت طريقة بحثهم واي كانت الادله التي استندوا عليها في ذلك ؟
ولا اعني بالتصرف هو الموقف ، سلبيا كان او ايجابيا بل اقصد الفعل المتعلق بالمواجهه الفعلية مع الحدث كأفراد او مجموعه ، او شعب ، وانا احاول حصر الموضوع بالعراق والعراقيين لأهمية دورهم في منظومة الظهور واسناد حركة الامام المهدي (ع ) ومشروعه الكوني في اقامة دوله العدل الالهي . ويقينا فأن الاجابه على هذا السؤال وفق المنظور الفردي ستكون ايجابية ( نعم – ساقف مع الامام ) او ربما يكون الجواب الجمعي هو ذاته . ولكن الموضوع لايرتبط بالعواطف مطلقا ويحتاج الى استعراض لمجمــــل الاجواء التي ســتدور فيها الاحداث وتقـــــــع فيها تفاصـــــــيل المواجهـــات .
وسنعرض بواقعية تفاصيل هذه الاجواء ويتم التركيز على الوضع في العراق باعتبارة محور ونقطة ارتكاز مهمة في القضية المهدوية المباركه .