22 ديسمبر، 2024 8:12 م

قــراءة فــــــي كـــــتــــاب بين الحـيـاد وصـدق الـحـوار

قــراءة فــــــي كـــــتــــاب بين الحـيـاد وصـدق الـحـوار

إشـارة لابـد منـها
فـهـذا الكتاب الذي بين أيدينا للمخرج والصحفي – حميد عقبي – والمعنون [المشهد المسرحي والسينمائي بالمغرب: قضايا شائكة وحلول رسمية صغيرة ] في الطبعة الأولى: أبريل 2016عـن: دار كتابات جديدة للنشر الإلكتروني.
مهما اختلفنا حوله؛ من خلال العينات التي صادفها واستضافها في بياض الورق؛ بعضها لازال يشق طريقه؛ وبعضها أراد الوصول والشهرة بسرعة البرق( حقهن) والبعض مارس المزايدات الجوفاء… ولكن يبقى وسيبقى وثيقة تاريخية بكل ما تحمله من إنجازات،وتجارب، وقضايا؛ وسيكون هو الذاكرة الحية؛ كباقي الكتب التي تنهج مسلك تدوين الحوارات مع فـعاليات وطاقات مبدعة ؛ إذ غالبا ما يعـود إليها المهتم والباحث ؛ للمقارنة وتفـحص وجھات النظر المختلفة، وربما الاستشهاد بإحـدى الأفكار أو التصريحات الواردة أو التمعن إلى ما ورد في (تلك)الحوارات بين ما كان وما هـو كائن؛ وأي تحول أو ثبات فكري وقع لذاك المبدع أو الفنان ؟ مقابل هـذا ما مدى التطور الذي حـدث في المشهد أو الانهيار الذي حصـل في المجال الذي يدور حوله الحوار(سياسي / اقتصادي / إبداعي /…) الذي يحفر شئنا أم أبينا في ذاكرة التاريخ؛ باعتبار من لا ذاكرة له، لا تاريخ له، ومن لا تاريخ له لا مستقبل ولا هوية له . وبالتالي مـا أقدم على إنجـازه المبدع والصحفي – حميد عقبي – فمن حيث لا يدري؛ أنه قدم خدمة جليلة للتوثيق في مجال المسرح والسينما بالمغرب؛ فـهذا الانجاز الذي كان في أصله حوارات مع بعض من المبدعين والفنانات؛ ما يناهـز عشرين حوارا تم نُشر مـا بين جريدتي – رأي اليوم /القدس العربي – إذ غالبا فالطرف المتحاور من هؤلاء المبدعين والفنانين، لم يفكر أن تصريحاته وآراءه؛ ستصبح بين دفتي كتاب؛ كتاب الكتروني؛ هنا لن نناقش مابين الورقي والالكتروني من أهمية؛ ولكن تبقى أهمية الانتشار ووصول المقروء للقارئ في أسرع وقت ممكن.
فعملية الانتشار؛ هي الفرصة أو المفتاح الذي يبحث عنه كل كاتب أو مبدع ؛ أنجز منتوجا للقراءة؛ ولتصحيح الرؤية؛ فشخصيا كان لدي تموقف سلبي تجاه الكتاب الالكتروني؛ ربما كان نتيجة لضعف معرفتي بالتقنية والفنية أو اللامبالاة تجاه الموضوع !! لكن تبين لي فيما بعد الخطأ الذي وقعت فيه؛فالكتاب الالكتروني واسع الانتشار؛ بحكم اختراقه فضاء منجزه؛ إلى فضاءات متعددة وشاسعـة؛ من الصعب ضبطها وضبط عدد القراء ( المفترضين) وحتى الذين يميلون للورق؛ فـعملية استبدال ما هـو إلكتروني لورقي؛ سهل المنال؛ لكي يتم قراءته؛ وهناك نماذج متعددة تمارس هـذا النوع القرائي[ من إلى] فـلماذا أثرت هـاته النقـطة؟ فالعملية القرائية حاضرة بشكل مكثف ومتسع وشاسع ؛ من خلال الامتداد والانتشار؛ وبالتالي فـهذا الكتاب الذي بين أيدينا ؛ استغربت للعديد من الإخوة والزملاء يناقشونه ؛ هنا وهناك. وخاصة ما ورد من
طرف الفنانة الراحلة لبنى فسيكي؛ إذ على الأقل وثقت تصريحاتها ومواقفها التي كانت صادقة مـع نفسهـا ؛ منتقدة الوضع الرسمي الكارثي الذي لا يأبه إلا بالمظاھر الكاذبة،إذ ما يلاحظ فعلا أنها كانت بعيدة عـن تنميق الكلام ؛ أو تحريفه عن موضعه الملموس والمادي الذي نعيشه ونعرف حقائقه قبل وفاتها.فعلى سبيل المثال فهذا التصريح فيه ما فيه من معاني دقيقة وحساسة:….بالنسبة للائحة المدعوين فغالبا ما نجد ثلة من الحاضرين والذين لا علاقة بمجال الفن على رأس القائمة في حين يتم تھميش مجموعة من كبار الفنانين المغاربة وعزلھم عن المشاركة في ھذه التظاھرات التي ھم أولى بتمثيل مشھدنا السينمائي بھا، ناھيك عن الميز العنصري في التعامل اللائق مع فنانين أجانب و من جميع المستويات والإطاحة بعمالقة الفـن في بلادنا (ص11/ 12)
الحـيـاد والصـدق
=========
ما يطبع هـذا الكتاب ميزتين أساسيتين؛ وهما شرطا الحوار؛ لكي يكون جادا ونابضا بحيوته؛ مبدأ الحياد؛ والحياد هنا تحصيل حاصل؛ نتيجة أن المبدع – حميد عقبي – ليس مغربيا؛ ولا يعرف كنه الواقع المسرحي والسينمائي المغربي بالطريقة والأسلوب والمعطيات الدقيقة؛ التي يعرفها عن الفن اليمني؛ باعتباره أحد أبنائها ; وتربى في أحضانها؛ أو عن الإبداع العراقي في زمانه؛ نظرا أنه تمدرس هناك :الإخراج التلفزيوني والإذاعي في كلية الفنون الجميلة جامعة بغداد، وإن كانت بعض الأسئلة توحي ؛ أنه ملم ببعض المعطيات عن المشهد الفني بالمغرب؛ هـذا من الزاوية السينمائية؛ وهـذا طبيعي بحكم تخصصه؛ وبالتالي فطبيعة الحياد متجلية بشكل عام في مساحة اللقاءات؛ والتي كانت تقابلها ميزة – الصدق – من الطرفين( أي) الضيف والمضيف؛ وهذا الأخير نقل بشكل ذكي؛ نوعية المعاناة التي صادفته في اختيار الضيوف: تعددت الصرخات والأصوات المطالبة بوضع حد لھذه السلبيات المتكررة وحاولنا التوصل مع بعض الزملاء والزميلات في المغرب لننقل لكم صورة كاملة ولكن كثيرون كان ردھم بان المھرجان لا يعنيھم ولم تكن لھم مشاركة ولحسن الحظ تلقينا ردا توضيحيا من…. (ص 52) إذ في هـذا المضمـار؛ وبناء على تصورات وأبعاد المبدع – حميد عقبي- أن يحاور من استجاب له؛ وهو طبعا لا يعرف تاريخ ومسار كل واحد على حـدة ولا يمكن لـه بأي حال من الأحوال أن يضبط الصدق من الكذب والافتراء؛ وبالتالي رغم ذلك ؛ إضافة لهفوات ومـزايدات من لدن بعض[ المتحاورين] وأبعد من كل هـذا أحد طرح سؤال عجيبا مفاده: فكيف نجح السوريون في كتابة سيناريوھات عن تاريخ المغرب في حين فشل المغاربة أنفسھم في ذلك (ص87 ) وللتصحيح فالسوريون قدموا مسلسلات وسيناريوهات حول الأندلس وملوك الطوائف وليس حول المغرب؛ في تاريخه الممتد ؛ وذلك لتحقيق البعد الإيديولوجي لتلك الأعمال التي شارك فيها المغاربة وخاصة فنانو مدينة( فاس) تقديم أطروحة النزعة الأموية؛ التي كانت عند الأجداد؛التي فرت من من [ الشام] للأندلس؛ وتأسيس الدولة الأموية هناك؛
نعتبر هـذا هامشا توضيحيا؛ فالأهم أن أغلب المتحاورين قد كانوا صرحاء وجريئين إلى أقصى حـد؛ في إجابتهم وتصوراتهم. والسبب ناتج عن الوضع الكارثي والانهيار والفشل
الذي يعاني منه المشهد السينمائي والمسرحي ببلادنا؛ وطبيعي أنه ينعكس ويـؤثر على أفكار ومواقف من يريدون إشراقات وهاجة في المشهد الفني والثقافي؛
والعجيب أن الأغلبية تقاطعوا في نقط حساسة أبرزها: الفعل الثقافي والفني والإبداعي الذي بنيت عليه أساسات المھرجان للمساھمة في رقي المجتمع ثقافيا وفنيا، وكذا المساعدة في النھوض بالسينما الوطنية عبر اكتساب الخبرات والتجارب
من أنشطته وفقراته وضيوفه، فلا يعدو أن يكون وھما وبروباغندا مكشوفة، وبھذا أضحى المھرجان موسما سنويا للسياحة والموضة أكثر منه ملتقى دولي للتبادل الفني والثقافي والسينمائي (ص53) وهـذا الطرح الواضح؛ ذهب به صاحبه ؛ إلى كشف صورة أخرى أفظع من المهرجان؛ بحيث استحي أن يشير بمفردات الانتهازية والانبطاحية؛ ولكن أثناء تفكيك ما في قوله نستشف ذلك من خلال: تباكي اغلب الفنانين المغاربة وعدم تقبلھم للمعاملة السيئة التي يعاملون بھا في المھرجان مقارنة مع الضيوف ….وأتعجب شخصيا من حضورھم المتكرر كل سنة وتقبلھم للعب دور الكومبارس في كل دورة وبعدھا يتباكون على الموقف المحرج الذي وضعوا أنفسھم فيه دون أن يجبرھم أحد على ذلك، مع أن بإمكانھم الاعتراض وعدم الحضور أصلا لتفادي ما يحكون عليه من اھانات ونفس الشيء بالنسبة للصحفيين المغاربة (ص54 ) هنا لمن نوجه الاتهام؛وميزة المبدع والفنان والصحفي والكاتب الذي له القدرة على التعبير وإبداء الرأي؛ علاوة على تأكيد وجوده الفعلي والعملي .بطرح التساؤلات، ومحاولة تجاوز عيوبه وأخطائه !!لكن الكتاب من خلال إحدى الحوارات؛ نجد جوابا مقنعا بأن: الأزمة تكمن في الأفراد الممارسين للمسرح أنفسھم؛ يتعاملون فقـط بنوع الزيف والتطبع النفاقي من منطلق الاشتغال في المجال وھدفه فقط أن يكنى عليه اسم فنان أمام أقارنه في المجتمع، فالأزمة تبقى متطبع؛ إذا لم نتجاوز ماھية المشكل فيھا ونقـطعه من لبه الرئيسي(ص66) هـنا لا فرق بين المسرح والسينما؛ مادام كتاب صديقنا المكافح – حميد عقبي- في عوالم الفن والإبداع ؛ يجمع بينهما . أو بمعنى أدق هـناك تقاطع فعلي وتفاعلي بينهما؛ وما يقـع من إكراهات وممارسات في المجال السينمائي نفسها في الميدان المسرحي؛ مع اختلافات طفيفة. ويتبين هذا عبر:
الميدان وعدم احترام التخصص فقد شملت موجة التطفل؛ حتى مجموعة من المخرجين الذين بدورھم بدأو ينبعـثون من فراغ ،فكل من شاھد فيلم أو فيلمين تأثر بھما وشح نفسه مخرجا وقرر إخراج وإنتاج…و..و (ص14) فهذا نفسه ينطبق في المسرح حاليا؛ فالعديد ممن كانوا في شق الھواة صاروا محترفين والعديد ممن يسمون أنفسھم محترفين لا علاقة لھم بالميدان الفني. وإن كان المجال السينمائي ببلادنا أفظع وأسوأ حالا وممارسة وتلاعبا في داخله ودواخله وكواليسه؛ حقيقة البعض يدلي بأنه يـخجل إما عن ذكر ذلك أو تسميع ما يقع ؟؟ وبما أن هنالك تصريحات مدوية أو صرخات؛ فلما الخجل إذن؟ وهل يمكن للمرء أن يلتزم الصمت واللامبالاة أمام هـذا التصريح الذي يكشف وجها أخر ؛ أكثر قتامه: للأسف وجدت نفسي أمام لوبي منظم ويحسن عمله ، ويعرف كيف يسطو على حقوق المؤلفين، ومن الصعب مواجھته، لكنني فضحت التلاعب إعلاميا، لقد راسلت المركز السينمائي المغربي وقدمت له وثائقي الإثباتية، بما فيھا العقد الموقع من طرف المخرج، كما راسلت وزير الاتصال في الأمر عبر الصحافة، لكن للأسف لا حياة لمن تنادي، وھذا ما يجعل المرء يشك في
سلامة النوايا لدى المشرفين على قطاع السينما (ص34/ 35) فهذا نموذج من مئات النماذج؛ التي سرقت أفكارها أو بعض من قصصها؛ دون أدنى بعد أخلاقي وقيمي؛ قبل القانوني؛ لأننا في المغرب لازلنا لم نفهم بعد ما الملكية الفكرية وحدودها التشريعية ؟ والعـجيب؛ أنه لدينا مكتب حقوق المؤلفين !! لا أحد منا يعرف أعضاءه وما دوره الأساس؛ هل حماية المصنفات الفنية أو الأدبية أو الفنون المجاورة ؟؟
وهذا يؤدي بنا إلى حالة صديقنا قيدوم الصحفيين – محمد أديب السلاوي – فـحالته لا تنفصل عن فظاعة المشهد الثقافي والإبداعي في ملابساته وتهميشه وإكراهاته وزيفـه ؛ وتصريحه/ حواره نحس فيه بمرارة ما يعانيه؛ وبشكل غير مباشر يكشف لنا ما أشرنا إليه حول حقوق الملكية الفكرية/ حقوق التأليف:…. مع صحف ومؤسسات إعلامية وحكومية، مغربية وأجنبية بالتعاقد، لم أكن خلالھا أعمل من أجل التقاعد، بقدر ما كنت أعمل من أجل العيش ومن أجل المعرفة. وفي العقد الأخير، حيث أقفلت السبعين من عمري، وجدت نفسي بلا عمل، بلا أجر، بلا تقاعد وبلا تغطية صحية، وھو ما جعلني في وضعية صعبة.نعم، أنجزت حوالي أربعين كتابا في المسرح والتشكيل والآداب والسياسة والنقد، حصلت على جوائز عربية ودولية،كرمني العديد من الجھات والمحافل داخل المغرب وخارجه، ولكن كل ذلك لا يضمن العيش (ص 21 /22) أليس الأمر محيرا ؟ وإلى مـتى سيظل الوضع هكذا للعديد ممن كافحوا بصدق وإحساس وطني؛ لأن الإشكالية تكمن دائما في انتظار تحقيق وعود لامتناھية ، تضمن تحسين وضعية المبدع والفنان؛ فھذا الأخير يعيش وسط فوضى عارمة على شتى المستويات، ورغم هاته الحقائق الصادمة؛ لازال التلاعب يمارس؛ وخاصة مسألة – بطاقة الفنان – التي رحب بها الجميع؛ ونبذها الجميع فيما بعد: فبطاقة الفنان التي انتظرھا الجميع لتكون أول خطوة لتنظيم المھنة ؛ واتباث ھوية الفنان واشتغاله في ظروف مريحة ،لكن الواقع كان عكس كل التوقعات فھذه البطاقة لا قيمة لھا حتى الآن (ص13) سيتساءل بعض من سيطلع على هذه القراءة لماذا تلك البطاقة لا قيمة لـها ؟ لن نجيب برأينا وموقفنا بل من خلال ما ورد في الكتاب:… دعم معدوم لوزارة الثقافة المغربية للمسرح والمسرحيين؛ كل المسرحيين المغاربة واقتصارھا فقط على نخبة محددة من الفرق المسرحية دون أخرى والحل للخروج من ھاته القوقعة ھو تأسيس فعلي لمسرح مغربي شامل لجميع المسرحيين المغاربة بتنظيم المناظرة الثانية الموسعة الكبيرة حول المسرح(ص 134) رأي سديد؛ ولكن هل المسرح المغربي؛ كان ناميا وفاعلا بالدعم الذي شتت الفنانين والمثقفين شذر مذر( نـأسف لذلك) لأن الكل تهافت حوله؛ وضيعوا الفن والإبداع الحقيقي؛ ويكفي وكفى للمرء من التشدق والادعاء؛
صفـوة القـول:
**********
ما ميز الكتاب؛ تنويع الحوارات؛ والتلاعب بها عند الاقتضاء؛ وهذا ينم عن انو جاد حرفية / مهنية؛ عند المخرج والصحفي – عقبي – و تلك البانورامية المطلة على مدن؛ تتضمن فعلا طاقات وفعاليات كبلقصيري/ بني ملال/ واد زم/…/ والتي عبر البعض أن:
ما تعانيه ھذه الطاقات ھي العقليات، الإدارية المسيرة لھذا الشأن التي ترفض أن تمد يد العون للوجوه الجديدة، تعيقھا عقليات أخطبوطية لا تريد أن تفسح المجال لوجوه
جديدة، تراھا تخشى دائما من ظھور طاقات جديدة ظنا منھا أنھا ستفقدھا بريقھا وتوھجھا(ص 106) وتلك الحقيقة المرة؛ والتي تعيشها العديد من الدول العربية؛ انطلاقا من التركيبة الذهنية العربية ؛ وبالتالي فالكتاب في عموميته يعد صرخة من ضمن الصرخات الصادقة؛ من جوارح مبدعين صادقين مع أنفسهم؛ بحيث صاحب الكتاب بحكم عشقه للإبداع ؛ وشوقه لعالم مشرق؛ بدوره يرفع صراخهم بصراخه لكي: تستمع الجھات الثقافية والفنية لھذا الصراخ وتعرف فظاعة ما يحدث بسبب إھمالھا لقضايا كبيرة وركضھا وراء مظاھر زائفة وتقصيرھا المتعمد تجاه الإبداع السينمائي والمسرحي في بلد؛يزخر بكوادر وطموحات تحتاج فقط للقليل من الدعم والإھتمام.أشكركم أحبتي وأصدقائي لھذه الثقة…… (ص5 )