القبق أو القبغ أو الغبق أو الغبغ ومجموعها القبغات او القبقات أو الغبغات أو الغبقات وكلها بالتأنيث السالبة وليس الموجبة !! وقديما قالوا التأنيث السالم و أعتقد كلمة سالب أقرب من السالم للمعنى المقصود , وهذه الاخوة المتلازمة بين القاف والغين في اللهجة العراقية الدارجة مشهورة ومعروفة , بحيث لا يستغرب المستمع والمتكلم اذا تم تحويل القاف الى اختها الغين او بالعكس , وقد يكون السبب هو ارتباطهما بأب واحد , لأن اللغة العربية لحد هذا اليوم لم يعرف لها أب , وحتى حروفها إختلف المؤرخون في أصلها فمن شك بان تكون هذه الاحرف أعجمية (( هندية او فارسية )) او من ذهب الى أن أصلها هو لغتها اي العربية ، ونتيجة لتمازج العرب مع المحيط المجاور لهم من فرس واتراك واقباط وبربر ، واولاد عمومتهم من سام وحام و يافث , لم تحافظ اللغة العربية على مكوناتها الاصلية فلذلك عندما يريد احد الاشخاص أن يتكلم العربية المطروقة زمن الدولة العباسية مثلا وهي اقرب دولة منقرضة الى زماننا هذا يحتاج الى مترجم ، أما اذا اراد المتلقي ان يقرأ شعر جاهلي فيحتاج الى دكتور ( وهذه كلمة مشهورة غير عربية ) متضلع في اللغة والادب ليشرح له المقصود من هذه المصيبة التي يقرأها .
بالعودة الى موضوع القبغات أو القبق أو القبغ أو (( السيفون )) !! وفي جنوب العراق يسمى ( الغلگ )و لا أدري ما علاقة كلمة السيفون بالقبق ؟ وما اصل كلمة السيفون وما علاقة الاثنين بالغلگ ؟؟ المهم أن القبق (بقافين ) وهذه العبارة التي كنت انا ارددها واراها الارجح ، القبق هو ( السدادة ) ويعني غطاء راس البطل بضم الباء والطاء وسكون اللام ، والبطل يعني القنينة الزجاجية الرشيقة المعبأة في ذلك الوقت بمادة الحليب المعقم ( رحمه الله ) أو اي نوع من انواع المشروبات الغازية المنتشرة في كل مكان . وتعتبر هي الرأس حتى إن الشركات كانت تتفنن في كيفية إظهار هذا الرأس بالشكل الجميل والمهيب والملون بألوان زاهية ، حتى أن الريف وبعض الناس عندما يريد أن يشتري زجاجة مشروب غازي كان يطلق على القنينة والمحتوى والقبق كله (( سيفون )) دلالة الرأس على باقي الجسد لأن القبق بمثابة الحكومة على جسم الدولة . فلذلك ترى على الرغم من تنوع الوزارات والوزراء من كافة الطيف العراقي الطائفي المقيت والمعتقد السياسي العنصري المتشدد , إلا أن الحكومة تسمى حكومة ( فلان الفلاني ) فزمن علاوي كان الوزراء من العراق والنواب من أمريكا مع ذلك كانت تسمى حكومة علاوي , وهكذا كان التنوع في حكومتي الجعفري والمالكي , مع ذلك تسمى بإسمه , فكأنما هو الغطاء او السدادة أو القبق لهذه الدولة ، بالمقابل يعتبر مجلس المحافظة هو القبق في الحكومات المحلية وهكذا ترى كل الحكومات عبارة عن ( بطل و قبق ) !! . !!
كانت إحدى أهم اللعب التي نتمتع بها ونحن أطفال حتى عمر العاشرة تقريبا , هي لعبة القبق وكانت طريقة لعبها , نقوم بجمع القبق من المحلات (والشوارع والازبال) , ثم نغسلها , وبعدها نجلس نحك القاعدة المعدنية بأرض صلبة لتتساوى جوانب السطح التي اعوجت بعد قلع القبق من البطل , ثم بعد ذلك نملأ الجانب الاخر الفارغ , حيث أن القبق مجوف من أحد طرفيه ومسنن , بمادة الطين حتى يكون لها وزن وثقل نتمكن من السيطرة عليها عند رميها ، وبعد فترة هذا القبق ونتيجة للاحتكاك بالأرض يسخن فتبدأ تتفتت قطعة الطين , نعود ونبصق عليها فتترطب وتعود كتلة الطين بماء البصاق الى سابق عهدها لينة ومتماسكة .
القارئ سيكتشف عن الاعجاز في هذه الدنيا ‘ وضآلة حجمها وتشابه أحداثها بين اتفه الاسباب و أقواها , أليس من العجيب أن تكون مراحل الاعداد والتهيئة للعبة اطفال بسيطة ، تكون مطابقة لعملية اختيار مجالس المحافظات من حيث البداية وحتى النهاية . كيف يمكن أن تكون مراحل التهيئة للعبة بسيطة بجمعها من الشارع تشابه عملية جمع الحكومة المحلية ، وكيف يكون المحك والتعبئة في اللعبتين متشابه , و هكذا حتى تنتهي اللعبة بالبصاق , ثم بانتخابات جديدة وصعود قبق جديد ليسد فوهة القنينة , التي أزكمت الانوف بالفساد المالي والاداري وانتشار المخدرات و المواد المنتهية الصلاحية من الادوية والغذاء وسرقة المال العام وانتشار البطالة و توسع حجم مجموعة الاطفال السائبين في الشوارع وزيادة عدد المطلقات والارامل و سرقة الثروة الوطنية لكربلاء المقدسة بإعطاء 700 اجازة مقلع رمل في محافظتي المقدسة لبيع ترابها المقدس الى من هب ودب ولا يدخل ضمن موازنة المحافظة الفقيرة واليتيمة والتي أكلها أبنائها قبل ان يأكلها الذئب الغريب .
وهناك سؤال يحيرني ، لماذا لا يحق بإعطاء اجازات استخراج النفط في البصرة للشركات الاهلية والمقاولين ولا يحق اعطاء اجازات استخلاص الفوسفات والكبريت في الانبار للمقاولين والتجار ؟ بينما يحق للتجار والمقاولين من المحافظات المجاورة والبعيدة وبعض أعضاء مجلس المحافظة من تصنيع و انتاج رمل كربلاء المقدسة وبيعه وهو ثروة وطنية يوازي أي نوع أخر , و إعطاء سبعمائة اجازة مقلع ( علما لم تكن في الزمن البائد غير عشر اجازات ) أي لا يقل عن ألفين حفارة تحفر في أصغر محافظة بالعراق يوميا , واكثر من عشرة ألاف سيارة حمولات كبيرة تسرق أرض كربلاء المقدسة الى انحاء العراق وخاصة كردستان بالإضافة الى مقلع واحد تابع الى وزارة الصناعة ! وهذا إجرام وكفر بحق المدينة وساكنيها و زوارها .
سؤالي الى قبقات كربلاء المقدسة متى تغلقون الفوهة ؟
الحلقة القادمة علاقة القبق بالقبقلي أو القبغلي ……..