23 ديسمبر، 2024 4:38 ص

قطر … هل ستحرق اليابس والأخضر ؟!

قطر … هل ستحرق اليابس والأخضر ؟!

بداية أود أن أنوه لأمر وهو إن ما نكتبه في المجال السياسي هو عبارة عن تحليل واستقراء للواقع من خلال مجريات الأحداث وبصورة بعيدة عن القطعية والجزم في الطرح, أي ما نكتبه قد يكون مصيباً للواقع أو بعيداً عنه أو فيه شيء من الواقعية مع التفاوت الزمني أي قد يكون الحدث قريب التحقق أو بعيداً من الناحية الزمنية, ويبقى مرد الأمور جميعاً إلى الحكمة والتخطيط الإلهي, هذا من جهة ومن جهة أخرى أود أن أشير إلى إن لا اكتب ضد دولة لجانب دولة أخرى بل إني اكتب من أجل بلدي العراق وشعبي وكل الشعوب العربية المظلومة وارى من الواجب تقديم النصح والتحذير مما قد يحصل من صراع إجرامي دموي متطرف سواء كانت تدعمه قطر أو غيرها.

في تصريح لوزير الخارجية القطري والذي عبر فيه عن رفض دولة قطر لقائمة المطالب المقدمة من قبل السعودية والإمارات ومصر, استطرد الوزير القطري قائلاً ” إن دولة قطر تقع في أسفل قائمة الدول الداعمة للإرهاب ” وهذا الكلام يجب الوقوف عنده بحيث إنه يشكل اعتراف رسمي من قبل دولة قطر وعلى لسان وزير خارجيتها بأن تلك الدولة من ضمن الدول التي تدعم الإرهاب بغض النظر عما إذا كانت في مقدمة الدول أو في التصنيف الأخير فالنتيجة الحتمية هو تدعم الإرهاب.

طبيعة الأزمة التي حصلت بين دول الخليج وحسب ما تم فهمه هو بسبب دعم دولة قطر للإرهاب وتمت مطالبتها بوقف هذا الدعم, حيث إنها تقدم دعماً سياسياً ومالياً وفكرياً وبشتى الوسائل لمنظمات إرهابية عالمية كجبهة النصرة والإخوان المسلمين والقاعدة وداعش وكل تلك المنظمات مصنفة عالمياً على إنها منظمات إرهابية وهذا ما يؤكده واقع الحال من الأفعال والممارسات الإجرامية والإرهابية التي تقوم بها تلك المنظمات في دول العالم وخصوصاً في سوريا والعراق, وتصريح وزير خارجية قطر يؤكد دعم دولته لتلك المنظمات بصرف النظر عن ترتيبها في قائمة الدول الداعمة للإرهاب, وهذا يعني إن هناك دول أخرى تدعم الإرهاب وهو يشير في تصريحه ذلك إلى الدول الخليجية الأخرى التي على خلاف مع قطر…

الآن الوضع الإقتصادي والسياسي القطري حرج جداً بالإضافة إلى إنها من المحتمل أن تتعرض لضربة أو إجتياح عسكري سعودي إماراتي مصري بحريني والذي أخره لهذا الوقت هو تفعيل التعاون العسكري المشترك بين قطر وتركيا, لكن بعد تصريحات البيت الأبيض التي طالب فيها قطر بالإلتزام بلائحة المطالب والتوقف عن دعم الإرهاب وهذا ما جعل دول الخليج الأخرى في موقف القوة وترجيح الكفة العسكرية والتي سبقها المقاطعة والحصار الإقتصادي والسياسي وهذا ما يسبب ضعفاً كبيراً في كل المجالات والنواحي القطرية الأمر الذي يسهل من توجيه ضربة عسكرية لها كما حصل مع العراق بعد تعرضه لحصار اقتصادي الأمر الذي أنهك القوة العراقية وسهل سقوط الدولة عسكرياً.

كل تلك الأمور ليس بعيدة عن الساسة والمنظرين القطريين, لذلك ومن المتوقع ومن المرجح إن تسعى دولة قطر لإيجاد متنفس لها يؤخر الخيار العسكري على أقل تقدير, ويرجح أن يكون هذا الخيار هو إيجاد تنظيم إرهابي جديد يكون بديلاً عن تنظيم داعش الذي انحسر تواجده في مواقع قليلة جداً وبات القضاء عليه عسكرياً وشيكاً جداً, لذلك من المحتمل أن يظهر تنظيم جديد يملك من القوة الكبيرة التي تفوق قوة تنظيم داعش من حيث العدة والعدد والتجهيز والدعم, وتستغل قطر الساحة العراقية والسورية في ذلك الأمر كون البلدين وكما هو معروف باتا ساحتي تصفية حسابات بين الدول الكبرى والإقليمية تحت عنوان محاربة الإرهاب, فيكون هناك تنظيم جديد يفتح جبهات عسكرية على الحدود السعودية وقد تدخل الأردن ضمن نطاق هذا التنظيم الجديد من أجل تشكيل عامل ضغط كبير على السعودية لكونها الآن هي صاحبة المبادرة ورأس الهرم وصاحبة الخلاف الأكبر مع قطر, وبهذا تشتعل سوريا والعراق أو بعض أراضيه والأردن بنار الإرهاب من جديد, وهذا الأمر تعول عليه أيضاً بعض الدول الأخرى التي لها الفائدة من محاصرة السعودية, وبهذا تكون قطر قد صنعت لنفسها فسحة ومجال في تأخير الضربة العسكرية التي تلوح بها السعودية والأمارات والبحرين ومصر بمساندة أميركية ويكون شكل هذه المساندة هو التأييد والدعم وعدم المشاركة الفعلية من أجل الحفاظ على مصالحها في قطر والتي تتمثل بوجود قاعدة العديدة أو السيلية أكبر قاعدة في الشرق الأوسط أو تستخدمها كقاعدة عمليات في حال اضطرت أميركا لتقدم الدعم العسكري فقطر لا تقوى على المنع, وهذا أيضاً من ضمن الأسباب التي جعلت قطر لطرح خيار إيجاد تنظيم جديد بديلاً عن داعش من أجل إشغال الجميع.

هذا الأمر وكما بينا سيلقي في ضلاله بشكل خاص على العراق وسوريا كون البلدين ساحة لتصفية الحسابات بين الخصوم من الدول الكبرى والإقليمية وعلى باقي الشعوب العربية ومنها الخليجية التي سوف تحترق أيضاً بهذه النار سواء كان مصدرها دولة قطر أو غيرها من الدول الأخرى, وهنا نحذر بما حذر به احد المحققين الإسلاميين المعاصرين بقوله (لأبنائي وأعزائي الشعوب العربية أقول: احذروا الفتن احذروا الفتن احذروا قوى التكفير المتلبسة باسم الدين والمذهب والطائفة كذباً وزوراً، احذروا منهج التكفير القاتل مدعي التسنن، واحذروا منهج التكفير الفاسد مدعي التشيع، احذروا الإمبراطوريات وقوى الاحتلال التي تؤسس وتؤجج تلك الفتن، وعلى الجميع الوقوف بوجه هذه الأمواج الفكرية المنحرفة الدخيلة على الإسلام والمشوّهة لصورة الإسلام ومبادئه وأخلاقياته ) …

و نحن وكما نوهنا في بداية المقال لسنا في صف دولة على حساب أخرى ولا في موقف المدافعين أو المهاجمين بل نحن نكتب ما نستقرئ من مجريات أحداث ونطرح على ضوئها رؤيتنا للمستقبل وفق منهج تحليلي, فنحن هنا مع الشعوب العربية المسكينة التي ستكون حطباً لنار صراعات وتناحرات دولية تلبست بلباس الدين والإسلام, ولأن ما نتوقع ظهوره من تنظيم إرهابي بديل سوف يحمل النهج والفكر والعقيدة التي يحملها داعش والقاعدة وغيرها من تنظيمات إرهابية فيحمل صفة وسمة الإسلام ويرفع شعارات إسلامية من أجل الحصول على الزخم والدعم الإعلامي والمالي والعدة والعدد والأفراد والعناصر خصوصاً وإن المورد والمنبع الفكري والعقائدي لهكذا تنظيمات إرهابية موجود وهو الفكر التكفيري المتطرف الذي اتشح بوشاح الإسلام والتوحيد, وسيحرق اليابس والأخضر وستكون الشعوب العربية هي الضحية وخصوصا العراق وسوريا.