22 ديسمبر، 2024 12:59 م

قطر في مواجهة مهب الريح !

قطر في مواجهة مهب الريح !

منذ بداية الأزمة القطرية السعودية، والمحاولات مستمرة لتقريب وجهات النظر بين الدولتين، خصوصا الجهد الذي بذل من قبل دولة الكويت، الا أن مستوى الخلاف في تزايد مستمر، وأن مهلة العشرة أيام التي فرضتها السعودية، من أجل الموافقة على مطالبها، قد أنتهت، وقد أعلن ذلك سلفا وزير الخارجية القطري عندما قال ؛ أن مطالب دول الحصار غير قابلة للتفاوض .
قد يتسأل المتابع عن حيثيات هذا الخلاف الغريب، بين أقطاب دول مجلس التعاون الخليجي، الذي لم يكن متوقع، خصوصا أن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاخيرة للملكة العربية السعودية، كانت للحد من الدور الإيراني في المنطقة، وتحجيم دعمها للنظام السوري، والحوثيين في اليمن، وأن هذه الزيارة سوف تنتج حلفا عربيا أميركيا من أجل هذا الغرض .
يبدو أن دونالد ترامب كان شديدا في معرفة الدول التي تدعم الحركات المتطرفة في سوريا والعراق، ولم تجد المملكة العربية السعودية اي حل سوى أنها ترمي الكرة في ملعب دولة قطر، التي أخذت في الآونة الاخيرة تبحث عن الزعامة الاسلامية هي الاخرى، مما جعل من المملكة أن تضرب عصفورين بحجر واحد، واتفقت مع جميع الأطراف على فرض العقوبات الاقتصادية، ومواجهة هذه الدولة التي قدمت الأموال لزعزعة الأمن في المنطقة .
هذا المخطط لم يكن عبثيا من قبل الرئيس الأميركي، فمن تابع حملتة الانتخابية وجد أنها كانت تركز على محاسبة الدول التي ترعى وتدعم الحركات الإرهابية، وكان دائماً ما يهاجم السعودية بطريقة أو بأخرى، الا أنه عندما جاء لكرسي الحكم تبدل كل شي، وأصبحت المملكة العربية السعودية شريكا أساسيا في الحرب المفترضة على الإرهاب، خصوصا بعد أن قدمت ما يقارب ال 450 مليار دولار، على شكل أستثمارات، وهبات، للولايات المتحدة الأميركية .
استطاعت المملكة العربية السعودية أن تحشد بعض الدول الاسلامية ضد قطر، حتى قامت كل من مصر، وليبا، والإمارات، والبحرين، بقطع علاقاتها الدبلوماسية معها، الا أن قطر أستطاعت أن تكسب الى جانبها كل من روسيا، وتركيا، وأيران، وقد أستغلت توتر العلاقات بين كل من هذه الدول، وبين المملكة العربية السعودية في صالحها، للخروج من هذه الأزمة، مما جعل اللعبة تتحول من خلاف خليجي الى مواجهة عالمية يمكن أن تقلب الموازين في العالم والشرق الأوسط .
دعم الولايات المتحدة لقوات سوريا الديمقراطية الكردية على حساب تركيا، وضربها لقوات النظام السوري ومصالح روسيا في المنطقة، وعدائها المستمر لإيران، جعل من هذه الدول تقف مع دولة القطر، بالضد من الحلف الأميركي السعودي، حتى وصل بها الحال الى تعزيز القواعد التركية، وتوقيع اتفاقية أمنية مع أيران، التي أعلنت بدورها عن قدرتها في سد اي نقص ممكن أن يسببه الحصار الذي فرض على دولة قطر، من قبل دول التحالف الخليجي.
هذه السيناريوهات لم تكن في حسبان محمد بن سلمان، وغليان المنطقة يمكن له أن ينجي دولة قطر من المصير الذي رسم لها من قبل المملكة العربية السعودية، ولم يتبقى لدولة قطر سوى خطوة واحدة لإعادة الأمور الى نصابها السابق، عليها أن تدعو الرئيس الأميركي دونالد ترامب لزيارة قطر، وتعد له برنامجا فخما ودسما، وتستخدم أموالها للاستثمارات التي يبتغيها ترامب، وعند ذلك، ستذهب محاولات المملكة العربية السعودية في مهب الريح .