منذ اعلان البيان الختامي للقمة الأمريكية – العربية الأسلامية التي انعقدت في الرياض مؤخراً , وردّ الفعل القطري عليها , و ردود الأفعال على ردّ الفعل هذا , وكأنّ ليست ثمة ازمة في المنطقة العربية او في العالم إلاّ موضوع قطر .! , ممّا أدى الى حالة تشويش اعلامي – فكري لدى عموم الرأي العام العالمي , وخصوصاً الرأي العام العربي , وباتَ من الصعب الجزم بأنّ هذا التشوّش مقصودٌ او كنتيجةٍ تلقائية , وربما كليهما .! , والى ذلك فكأنّ الرأي العام هذا يصطدم بحواجز ومطبات من الحيرة , كيف أنّ دولة قطر التي كانت مشيخة وتحولت الى محمية بريطانية , ثمّ الى إمارة , حتى منحوها الأنكليز استقلالها في عام 1971 , لتؤزم الأوضاع في المنطقة .!
إنّ قراءة السلوك السياسي القطري الجديد , بالأنشقاق عن سياسة مجلس التعاون الخليجي والإجماع العربي والإجهار بالعلاقة مع اسرائيل وايران وتنظيمات ارهابية اخرى , قد يتطلّب آليّةً ما لإدراك هذا الموقف القطري النشاز , فأذا حيّدنا المنطق جانباً , فوفق حسابات الربح والخسارة , فما الذي تستفيده قطر او العائلة القطرية الحاكمة من حالة التمرد والأرباك السياسي الجديدة .! , فعلى الرغم من أنّ الشعب القطري شبه مشلول سياسياً تجاه ايٍّ من القضايا العربية والقومية , فليس من المستبعد أن تتحرّك فيه روح المعارضة والإنتفاض ضد حكومته , مهما تأخّر ذلك , ولابد أنّ الأمير القطري واجهزته الأمنية قد حسبوا وتحسّبوا لذلك .
نشير ايضاً أنّ تصريحات عدد من المسؤولين الأمريكان ومعهم رؤساء لجان عسكرية وأمنيّة في مجلس النواب الأمريكي , والتي ظهرت فجأةً مؤخراً , واتّهمت فيها قطر بدعمها لعدة تنظيمات ارهابية متباينة الأيديولوجيات , فهي مثيرة للسخرية حقاً ! فأين كانت وكالة المخابرات الامريكية والمؤسسات الأستخبارية الأخرى طوال هذه السنين .! هل كانت اعينها مغمضة تجاه دعم قطر للأرهاب وللتدخل الأمني والعسكري في شؤون عدد من الأقطار العربية .! بل أنّ واقع الأمر لا يتطلّب أن تكشفه اجهزة مخابرات ولا حتى وسائل اعلام بدائية , فما من أمرءٍ لا يعرف دعم قطر لحركة الأخوان المسلمين في مصر وحركة حماس وجبهة النصرة والقاعدة ومشتقاتها , بالأضافة الى تدخلها الفاضح في سوريا ودعم داعش في العراق , وفي ليبيا وسواها كذلك , فالموقف القطري عارٍ من كلّ شيئ وفاضح ايضاً .
إنَّ هذه الإمارة الصغيرة الحجم والنحيلة الهيكل لا يمكنها اطلاقاً تحديّ المجتمع الدولي والموقف والرأي العام العربي إلاّ اذا كانت مستندة ومتكئة على جدارٍ حديديٍّ صلب .! , وانّ المؤشرات وَ وفق ايّة حسابات تشير أنّ هذا الموقف القطري الشاذ متّفق عليه امريكياً واسرائيلياً وبالسرّ من قبل انعقاد قمة الرياض التي ترأسها السيد ترامب , ولا بد أن تنكشف الحقائق في وقتٍ لاحق , وربما ستكشفها احدى وسائل الإعلام الأمريكية , وبعكس ذلك فلا يمكن لقطر أن تحشر نفسها في هذه الزاوية الضيقة , وهي معرّضة لردود افعال عملية من دول الخليج , فلمْ تبدأ بعد مرحلة قطع العلاقات الدبلوماسية للعديد من الدول العربية مع قطر , ولم يجرِ بعد اتخاذ قرارٍ بمنع تحليق ومرور الطائرات القطرية في اجواء الدول الخليجية والعربية الأخرى , كما أنّ بنوك الدول الخليجية لم توقف بعد تعاملاتها المصرفية ” لغاية الآن مع قطر . ونشير ايضاً أنّ قطر التي تشكّل شبه جزيرة , فحدودها البرّية ترتبط فقط مع المملكة العربية السعودية , فماذا لو اغلقت المملكة هذه الحدود .! ألم يحسب الأمير تميم بن حمد آل ثاني كلّ ذلك .!