18 ديسمبر، 2024 8:04 م

قطر بين خليج ساخن..!

قطر بين خليج ساخن..!

بعض القراءات تذهب بعيداً لتربط الخلاف السعودي-القطري بالإنقلاب الذي قاده حمد بن خليفة ضد والده ‏في العام 1995, والحقيقة أنّ الخلاف بين الدولتين يعود إلى نزاع حول تأسيس قطر, وبالتالي لا يمكن ‏تسبيب الأزمة الخليجية بمسببات وجذور تاريخية, كما لا يمكن نفي حالة فقدان الثقة نتيجة تلك الأحداث, ‏مع أنّ ضعف الثقة التي تحكم العلاقات الدولية هي حالة طبيعية حتى بين الأصدقاء. ‏

تفاعلات التحشيد السعودي ضدّ قطر, بدأت تأخذ أبعاد جديدة, والحديث بها صار يتضمّن سيناريو الحرب. ‏طريقة قطع العلاقة هي عبارة عن حصار واضح ضد الدوحة, يشبه حصار الدول المتحاربة, لكنّ أنباء ‏اليوم تحكي عن قوات وجيوش تُحرك وتتحرك, فهل سخونة الخليج أقتربت من لحظة الإنفجار, ولماذا؟ ‏

تبرير الهزيمة..!‏

السعودية التي نراها اليوم تخوض المؤتمرات والخصومات, هي ذاتها السعودية التي تحارب قوات غير ‏نظامية لا تمتلك تسليح جيد في بلد فقير ومنهك, ومنذ أكثر من سنتين لم تحسم الأمر, وما كان لحزمها إلا ‏حرج كبير وقعت به دولة تتطلع للزعامة وتمتلك ترسانة أسلحة ضخمة, ولها أرصدة وميزانيات قادرة على ‏شراء نصف الدنيا, ومع ذلك فالحرب مستمرة, والحوثيون يقاتلون ويفاوضون فصاروا نداً للمملكة, وهنا ‏لابدّ للرياض أنّ تبرّر هذه النتيجة والتي تعد هزيمة لها, فكانت إيران ودعمها للحوثيين ثم قطر هو التبرير ‏غير المباشر لموقف المملكة أو في الحقيقة لقرار محمد بن سلمان الحاكم.. تجدر الإشارة إلى أنّ إدعاءات ‏الدعم الإيراني والقطري للحوثيين تبطل عندما تقول السعودية بأنّ ترسانتها أضخم ترسانة في المنطقة ‏بصورة عامة, فماذا يمكن أن تقدمه إيران لليمن ليوقف تلك الطائرات والأسلحة السعودية؟!.. وفي حديث ‏الحرب ضد قطر, فرغم وجود هكذا سيناريو, غير أنّه ضعيف وأن حدث فسيكون؛ إما ضربة تأديبية ‏للدوحة, والسعودية ومن خلفها أمريكا, لا تفكر أبعد من هكذا خيار, لكن يمكن أن تبدأ الرياض مشروع, غير ‏أنّ نهايته ليست من صلاحياتها. ‏

ترمب: نريد ضحية!‏

السعودية وقطر كلاهما متهم بدعم الإرهاب, وأمريكا تعرف أكثر من غيرها بأنّ السعودية تتفوّق على قطر, ‏على إعتبار أنّ الأولى مكان ملائم لمنظري الإرهاب, فهي التي تتعبد بمذهب حليف مؤسسها. وبما أنّ ‏المملكة هي العراب للتواجد الأمريكي في المنطقة والذي جاء عبر زيارة ترمب وفريقه, فلا يمكن إدراج ‏إسمها على لائحة المرشحين لإرادة البيت الأبيض, فالشريك الآخر في دعم الإرهاب -قطر- ولإسباب كثيرة ‏منها: خصومتها مع مصر الحليف الأهم للسعودية, صغر حجم قطر وسهولة تضييق الخناق عليها, عدم ‏وجود أسم آخر مقنع غير قطر أو السعودية لتكون متهمة بشكل رسمي بدعم الإرهاب, فكانت هي الضحية ‏التي ستعود بالمملكة كدولة غير متهمة بالتطرف وذات طابع مدني بعيد عن الإرهاب, وهذه المواصفات ‏ضرورية بالنسبة لرئيس أمريكا بغية إتمام صفقاته معها. ‏

أهكذا تدار الأمور في الخليج؟!‏

بالتأكيد تلك المعطيات لا يمكن أن تكون كافية أو مقبولة أمام الشعوب لدخول هكذا أزمة, فما يميّز قطر عن ‏غيرها هو السبب الكامن وراء الإنتقام السعودي.. فقطر تشاكس وتنافس السعودية في مناطق نفوذها, كما ‏أنّ قطر أقرب للإخوان المسلمين منها للوهابية على مستوى العقيدة, وتمتع قطر بقدر كبير من الحرية في ‏قرارها السياسي, ورب قائل يقول بأنّ سلطنة عمان أو الكويت تتمتع بإستقلال سياسي أيضاً, والحقيقة أنّ ‏الرياض لو ثنيت لها الوسادة لإنقضّت على الدول الثلات في آن واحد, بيد أنّ الأسباب في موضوع قطر ‏مكتملة, فلا يمكن مثلاً تقديم دليل واحد ضد الكويت بمجال دعم الإرهاب.. أيضاً لما تمثله قطر من أرق ‏للسعودية عبر محطاتها الإعلامية, مرئية ومقروءة؛ فتلك المشاكسة والإستهداف الإعلامي والخلاف العقدي, ‏فضلاً عن ملفات تاريخية تم تحديثها, أسباب كافية لإقناع الشعب السعودي مثلاً.‏

عوامل ذكرت وغيرها, تفاعلت وسط رغبة ملحّة في تغيير قواعد اللعبة في المنطقة, غير أنّ الوسيلة التي ‏إختارتها إدارة ترمب ما زالت غير كفوءة بإحداث ذلك التغيير, وما هي سوى تجربة, قد تفشل أو تدمّر ‏ساحة المختبر! (ويستمر الحديث)‏