منذ اندلاع ثورات ما يسمى بالربيع العربي وقطر وجزيرتها الفضائية ، تلعبان دورا محوريا في احداث المنطقة ، لكنه دور لم يخرج ولا مرة واحدة عن ارادة البيت الابيض والغرب ولم يتجاوز ولا مرة واحدة ايضا الخط المرسوم له ، بيد انه وضع الامارة الصغيرة في الواجهة وبين الدول المؤثرة عربيا ، حتى لمسنا ان قادة دول ومسؤولين عرب كبار صاروا يمارسون وعلى نطاق واسع مغازلة (المارد العربي الجديد ) قطر كسبا لرضاه وخشية من غضبه .
وخلال عامين او اكثر تمكنت قطر من قيادة الدول العربية خلف مشاريع اوكل تنفيذها للامارة فهي التي اعطت مباركة التدخل لاسقاط دكتاتور ليبيا ،وقبله خاضت جزيرتها معركة ضد نظام حسني مبارك حتى كادت الجزيرة تصرخ نحن من اسقطنا نظام حسني وليس المصريون ، وما زاد من تنامي الدور القطري انها امتلكت سببا اخرا في التأثير الا وهو الفتاوى الدينية التي يطلقها بين حين واخر الشيخ القرضاوي وكل تلك الفتاوى كانت تدعم وتعضد سياسية قطر التي لم يعد الصوت الشعبي مترددا بوصفها بالتخريبية .
لكن دور قطر بدا اكثر وضوحا في سوريا ومن خلال جهدها في حشد العالم العربي خلف مشروعها الرامي الى اسقاط نظام بشار الاسد ، وفي القمة العربية الاخيرة سارت الدول العربية خلف قطر مغمضة العينين لم تجرؤ دولة على الوقوف امام ماخططت له تلك الامارة ، قبل ان تتمادى اكثر واكثر بتدخلها السافر في شؤون الدول العربية سيما مصر وتونس وسواء اكانت تقصد ام لا فانها استفزت مشاعر وكرامة الشعوب العربية ولعل المصريين نالوا حظهم في الاستفزاز اكثر من سواهم ، ومع ان التدخل القطري في سوريا لم يسقط الاسد الا انه كلف السورين خسائرا مريرة وادى الى دمار هائل ومريع على كل الصعد في ذلك البلد العربي المنكوب بقطر .
صارت قطر تتصرف كأنها شرطي العالم العربي الجديد ، وسمعت شكاوى من اكثر من بلد بشأن تأثير المال القطري في زعزعة استقرار بلادهم ، لكن قطر الكبيرة في عيون ساسة لم يسق لهم الجلوس على كرسي الحكم من قبل ظلت صغيرة في عين شعوبهم ، وعندما خرج احدهم ليقول ان مصر لم تقدم للامة العربية سوى ( الطعمية ) ” اكلة مصرية شهيرة ” انهالت الردود على قطر واميرها ، ولم تتمكن حكومة مصر من اسكات الاصوات الغاضبة على قطر ،والمستخفة بها وبدورها ، وامتلات مواقع التواصل الاجتماعي بنكات ساخرة تحط من قدر قطر المزعوم .
الحال ايضا تكرر في تونس ، اذ عبر التونسيون عن غضبهم من قطر ، وبينما كان الرئيس التونسي يطلق تصريحاته من الدوحة ليحذر شعبه من ما اسماه بالتطاول على قطر ، خرجت حملة تونسية على الموقع ترد على المرزوقي بعبارة “المرزوقي لا يمثل تونس “
في خضم الغضب الشعبي على سياسة قطر حاولت الامارة اقامت مهرجانات لجمع المثقفين العرب ، في محاولة مكشوفة لمغازلة النخبة العربية والاقتراب من الشعوب لرد الاعتبار ، لكن على ما يبدو انها محاولة وئدت في المهد اذ شن المثقفون العرب هجوما على اقرانهم الذين ذهبوا الى قطر ولم يترددوا باتهامهم ببيع اصواتهم للامارة الغنية ، التي اعتادت على شراء اللاعبين والجمهور وبطولة كاس العام التي ستنظم في الامارة عام 2022 .
تصاعد الصراع الشعبي العربي مع قطر انعكس بكل تاكيد على فضائية الجزيرة التي طالها الغضب ونالت حظها من السهام واتهمت بانها ليست اكثر من اداة للخراب في جسد الامة وانها سيف تحارب به قطر من يختلف معها، والنتيجة ان الجزيرة خسرت ثقة الجمهور العربي بها ، ما دفعها الى القيام بحملة دعائية في الصحف العربية الرئيسية سيما مع الدول التي تختلف مع شعوبها .
قصة قطر وحكاية الدور القطري يقتربان من نهايتهما فقد ادت تلك الامارة الصغيرة دورا اكبر من حجمها وطاقتها ، ولا اعرف كيف تصور القطريون ان اموالهم تكفي لتسيد العرب وان تجعل من اميرها رمزا عربيا جديدا ، لكن قطر لم تكن قد تعلمت الدرس الذي يقول ان الحكومات اضعف من الشعوب مهما بدت قوية وعليها الان ان تعي دورها وحجمها وتعي اكثر ان امريكا او اسرائيل لن يعترفا بها اذا تمكن الجمهور العربي من احراق الورقة القطرية وكشفها.
كان بامكان قطر واميرها وبما يملكان من مال كبير ان يؤديا دورا يكسبان به قلوب العرب ، كما فعل من قبل المرحوم الشيخ زايد النهيان رحمه الله رئيس دولة الامارات السابق ، والذي اتجه الى اعمال الخير والاصلاح في امته ومحيطه فظل ذكره عبقا وظلت الشعوب العربية تترحم عليه متى ما ورد ذكره .