17 نوفمبر، 2024 9:34 م
Search
Close this search box.

قطاع طرق تكنوقراط يعيقون العملية الاصلاحية

قطاع طرق تكنوقراط يعيقون العملية الاصلاحية

اعتقد ان الامر جاء متأخراً من قبل الحكومة العراقية، ومن قبل السياسيين لتبني اطروحة الاصلاحات، وتشكيل حكومة تكنوقراط والدعوة والاعلان لها، وكأنهة صحوة متأخرة عنت لهم، ولكنها صحوة تحت ضغط جماهيري كبير، سبقته اشهر طويلة من التظاهر والاعتصام والسخط والغضب والرفض الشعبي لسلوكيات السياسيين والمسؤولين وفسادهم وأنحرافهم المزمن والبرامج السياسية السيئة للحكومات السابقة والحكومة الحالية، وغياب التخطيط والاستراتيجيات في ادارة الدولة، هذا ما القى بضلاله على انحراف الواقع السياسي والاجتماعي والخدمي والامني في الواقع العراقي، بعد مضي سنوات طوال من تبديد الثروات والميزانيات الانفجارية، وادخال البلاد في اتون حروب سياسية واجتماعية مزمنة ومهتكة وهالكة للانسان العراقي، الذي عانى ما عانى من شظف العيش وضيق الحال وسوء الخدمات والفقر والامراض، فضلاً عن سياسة المحاصصة والطائفية والمناطقية المتبعة في سلوكيات الكثيرين من السياسين وأحزابهم وخطابهم الشخصي ومنطقهم النفعي الذي تسلحوا به طوال تلك السنوات، والاحزاب ورجالاتها في عز وخير وغنى وسرور وحبور، والشعب في بؤس وفقر وحزن وشرور، ولما ثار الشعب وأستفاق من نومه وأدرك ضحك هؤلاء الساسة عليهم وأستغلالهم، ولذلك خرجوا للتعبير عن رفضهم وسخطهم في تظاهرات مليونية عبرت عن فقدان الشعب لصبره ولشدة بؤس حاله، مما اضطر الحكومة والسياسيين والمسؤولين لتقديم سياسة تصحيحية وطروحات ترقيعية تخديرية لجأت اليها الحكومة والبرلمان لتهدأة الشارع وطمأنة الشعب، ولكنها سياسة لا تسمن ولا تغني من جوع، ولم ولن تؤتي أُكلها، لأنها دعوات سطحية مستعجلة لا تنم عن صدق نية وأخلاص ووفاء من الحكومة ومن جميع الكتل السياسية.
منذ سنوات والشعب يتظاهر محاولاً الاصلاح والتغيير وتحسين الحال، ولكن الحكومة والبرلمان والاحزاب السياسية اذن من طين وأخرى من عجين، وفسادهم يزداد يوماً بعد يوم، حتى وصل بنا الحال الى ما لا يحمد عقباه، من جراء سياستهم السيئة وفسادهم المتواصل وسرقة مال الشعب وتبديد ثرواته وطاقاته، ليعلن لنا الساسة عجز الميزانية، وأعلان حالة التقشف في البلاد، وأن كانت تقشف على الشعب فقط دون ان يمس الساسة واعضاء البرلمان والمتنفذين في الدولة.
الشعب يريد الامن والخدمات والسكن والصحة والتعليم والبناء والاعمار ومجتمع متعايش وبلد آمن مزدهر، وكلها مفقودة في بلدنا، ولكنها كلها متحققة للمسؤولين والسياسيين وابنائهم، لأنهم يعيشون في وادٍ والشعب في وادٍ آخر، فهل يرتجى ممن يعيش في وادي ومدن محصنة وقصور فارهة ومحاطة بالخدم والحشم، ان يشعر بحال الشعب وحاجاتهم وأن يعاني فقرهم وعوزهم وتشردهم، لا اعتقد ذلك ولا كل ذي منطق ووجدان.
سؤالي وحيرتي هو اننا من أين نأتي بشخص تكنوقراط، وحكومة تكنوقراط، وبرلمان تكنوقراط، والفساد يغطي جسد الدولة العراقية برمتها، من اسفل قدمها الى اعلى رأسها، هل نستورد هؤلاء الاشخاص من الدول الاجنبية أم نجري عمليات تجميلة للفاسدين وأزالة الغدد السرطانية من عقولهم الفاسدة، أم هناك اشخاص من خارج العمل الاداري والسياسي والحكومي نأتي بهم لتنفيذ مشاريع الاصلاح وتحقيق الرفاه والاستقرار لأبناء هذا الشعب؟
نحن هنا امام خيارين وأرادتين يشهدها الواقع السياسي والاجتماعي العراقي، اردة الشعب، الحرة النزيهة، مطالباً بحقوقه ومحاسبة الفاسدين والسارقين لثرواته وللمال العام، وأرادة الكتل والاحزاب السياسية ذات المصحلة الشخصية المفرطة، والتي تنظر الى تحقيق مكاسبها السياسية ومغانمها من هذه الحكومة دون الالتفات الى الواقع والحال المزري للفرد والمجتمع طوال سنين مضت ولا زال.
ينبغي من الساسة والمسؤولين الالتفات الجاد لحقوق الشعب وثورته، وأدارة الدولة بجد وأجتهاد وحزم وقوة، وان لا تفُتح شهية قادة الاحزاب لتقديم اصلاحات على الاصلاحات ومشاريع واطروحات ترفض المشروع الاصلاحي الحكومي وتؤمن بمشاريعها ذات الافق الضيق، والا فصوت الشعب وغضبه سيهز عروش الطغاة والمتسلطين والفاسدين ولن يقف بوجهه احد. كما ينبغي ان لا تطول مسيرة الاصلاحات وزمنها ومحاولة تسويف الامور وخسران الزمن الذي نحن احوج اليه اليوم للملمة امورنا وشد جراحنا لنواجه الاخطار بصلابة ومصداقية عالية وأنقاذ البلد من ازمته ومحنه وظروفه الحالكة الخانقة.
ولكن واقع الحال السياسي العراقي اليوم يدل على خيبة امل كبيرة وذلك بسبب ما تقوم به الكتل والاحزاب السياسية وقادتها الذين يعملون جاهدين دون ملل او كلل او حياء على قطع الطريق امام اية اصلاحات او تغيير يطالب به الشعب، وها هم يجتمعون ليل نهار للدفاع عن حقوقه الحزبية ومصالحهم الذاتية دون ان يأبهون لما يعانيه الفرد العراقي من ظروف قاسية مأساوية لا مثيل لها، انهم قطاع طرق تكنوقراط بأمتياز يبيعون ويشترون بالفرد والمجتمع كما يشآوون بما يملكون من خبرة وأموال وثروات وجماعات ولصوص داخل وخارج البلد تتاجر لهم وتقدم لهم ما يحتاجون له من خبرات وأستراتيجيات متقدمة ومتطورة في ابادة الشعب وسرقة أمواله وتعطيل مؤسساته وتدمير مجتمعه، انهم أناس لا يملكون من الانسانية والوطنية والرحمة شيء في قلوبهم، لا يدركون فضاعة ما يمر به البلد والشعب من ظروف ومآسي وأحداث فاجعة اقضت مضجعنا منذ سنين مضت ولا تزل.
اننا نريد اصلاح من يريد الاصلاح من الساسة والمتسلطين والمتنفذين في العملية السياسية، لأنه لا اصلاح ولا تغيير يرتجى من كل ما قدموه من طروحات ومشاريع اصلاحية، وأنما هي مجرد اقوال حبر على ورق لم ولن تنفذ على ارض الواقع، لأنها مشاريع اصلاحية حزبية وفئوية وشخصية بأمتياز لا تحمل من الهم الوطني شيء يذكر، وهي مشاريع تفسد البلد وتحرق الاخضر واليابس، لأنها بنيت على اساس طائفي ومحاصصي ومناطقي وحزبي بحت، وهذا ما نشهده اليوم من تناحرات ومجادلات ضيقة بين الكتل والاحزاب دون مراعاة لشروط الزمان وما يحدث للبلاد والعباد من أحوال.
الشعب العراقي فقد صبره، وجن جنونه، وهو يرى بلاده وثرواته وحقوقه تنهب من قبل الفاسدين والمنتفعين الذين لا يشبعون ابداً، ولكن الساسة والاحزاب يتمتعون بصبر خارق لا مثيل له، وبعقل لصوصي تكنوقراط يشجعهم على البقاء في السلطة اطول وقت ممكن دون الالتفات لوضع الشعب ولحظته المأساوية الراهنة، ولكن ايها الساسة احذروا صولة الحليم اذ ثار والكريم اذا غضب، وكفوا أيديكم السوداء عن الشعب وأحسنوا أليه كما احسن أليكم وجعلكم في مناصبكم وأماكنكم التي تسكنون، وقوموا بواجبكم تجاهه وكونوا خدمة له وتواضعوا بين يديه، والا فالخزي والعار والذم سيلاحقكم طوال التاريخ كما فعل بالسابقين من الحكام والساسة.

أحدث المقالات