23 فبراير، 2025 7:56 ص

قطاع الطاقة بين سوء التخطيط الى الفساد وهدر المصادر

قطاع الطاقة بين سوء التخطيط الى الفساد وهدر المصادر

تنفق الحكومة مليارات الدولارات سنوياً للحفاظ على انخفاض أسعار الكهرباء ومع ذلك لا تزال عدم الكفاءة والفساد وسوء الإدارة قائمين. لم ينفذ العراق سياسة واضحة لخفض الدعم تدريجيا وتحفيز كفاءة الطاقة مما ترك شركات الطاقة المملوكة للدولة مثقلة بالخسائر المالية. 

ان العراق يعاني من أزمة كهرباء متفاقمة نتيجة الاعتماد على المصادر التقليدية والدعم الحكومي لأسعار الكهرباء مما يثقل كاهل خزينة الدولة. حاليا” يتم بيع الكهرباء بأسعار مدعومة تقل كثيرا” عن تكلفة الإنتاج حيث يبلغ السعر المقدم للمواطنين لكل كيلوواط/ساعة (1.5 سنت أمريكي) بينما تصل تكلفة الإنتاج الفعلية إلى (9 – 30 سنتا” أمريكيا”) لكل كيلوواط/ساعة. هذا الدعم يؤدي الى تشجيع الاستهلاك من جانب وإلى خسائر مالية كبيرة من جانب آخر في وقت تتجه فيه دول العالم لاستخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة والاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة لتقليل التكاليف وتحقيق الاستدامة.

تعاني وزارة الكهرباء من عجز واضح وفشل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة ومنذ سنوات طويلة ويعتمد بعض مسؤوليها الآن على استيراد الكهرباء من دول الجوار ومن إقليم كردستان بحجة أنه أرخص من الإنتاج المحلي. هذا الادعاء يتجاهل سبب ارتفاع كلفة الانتاج رغم أن العراق يمتلك موارد هائلة من الغاز والنفط التي يمكن أن توفر طاقة كافية بأسعار أقل على المدى البعيد لو تم استغلالها بكفاءة. إن استمرار الاستيراد بدلاً من الاستثمار في تطوير البنية التحتية للكهرباء يعكس سوء الإدارة وغياب التخطيط الاستراتيجي مما يؤدي إلى استمرار الأزمة وزيادة الأعباء المالية على الدولة والمواطنين. وبينما يعاني العراقيون من انقطاعات متكررة للكهرباء تبرر الوزارة تقصيرها بذرائع واهية بدلاً من وضع حلول جذرية تضمن استقلالية المنظومة الكهربائية واستدامتها.

بالمقارنة استطاعت دول عديدة في العالم ومنها تجارب السعودية ومصر والمغرب تحقيق أسعار تنافسية للكهرباء المنتجة من مصادر متجددة. على سبيل المثال ينتج مشروع سكاكا للطاقة الشمسية في السعودية الكهرباء بتكلفة 2.34 سنت أمريكي لكل كيلوواط/ساعة، بينما تصل تكلفة الإنتاج في مصر (مجمع بنبان للطاقة الشمسية) إلى 2.4 – 2.8 سنت مما يوضح أن العراق يمكنه الاستفادة من تجارب دول العالم لتحقيق توفير مالي كبير.

 

الطاقة الشمسية كحل للأزمة في العراق

يمتلك العراق موارد طبيعية هائلة في مجال الطاقة الشمسية مما يؤهله لتطوير مشاريع ضخمة تقلل الاعتماد على الكهرباء المستوردة وتحد من الخسائر المالية الناجمة عن دعم الكهرباء التقليدية ومن بين هذه المشاريع الواعدة يأتي مشروع:

(Total Energies-GIZ)

الذي يتم العمل عليه حاليا” في محافظة البصرة بالتعاون مع شركة قطرية. يهدف هذا المشروع إلى إنتاج 1000 ميجاواط من الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية مما يسهم في تخفيف الضغط على الشبكة الوطنية وتقليل تكاليف توليد الكهرباءتتمثل أهمية هذه المشاريع في النقاط التالية:

تقليل الفاقد في الطاقة أثناء النقل: يعاني العراق من خسائر تتجاوز 50% من الإنتاج بسبب تهالك الشبكة بينما تساهم المحطات الشمسية المحلية في تقليل هذه الفاقد بشكل كبير وتقنين الحاجة الى شبكات نقل الطاقة في الضغط العالي.

خلق فرص عمل جديدة: من المتوقع أن توفر هذه المشاريع مئات الوظائف خلال مراحل البناء والتشغيل مما يساعد في تقليل البطالة خاصة بين الشباب.

تقليل الاعتماد على الدعم الحكومي: الكهرباء الشمسية تتميز بتكاليف تشغيل منخفضة مما يخفف من الضغط على ميزانية الدولة.

تحقيق استقلال الطاقة: استثمار العراق في مشاريع الطاقة المتجددة يقلل من الحاجة إلى استيراد الكهرباء والوقود من الدول المجاورة.

الخاتمة

في حين حين قدم مؤتمر الطاقة العراقي 2025 حلولاً طموحة، إلا أن التحديات الحرجة لا تزال دون حل. إن ارتفاع تكلفة الكهرباء، وعدم الكفاءة في الإنتاج، وبطء وتيرة التوسع في الطاقة المتجددة، والضعف التنظيمي لا يزال يعوق التقدم. ولكي يحقق العراق أمن الطاقة الحقيقي، فإن الإصلاحات الجريئة، والسياسات الأقوى، ومشاركة القطاع الخاص ضرورية. تمثل مشاريع الطاقة المتجددة الحل الأمثل لضمان استدامة قطاع الكهرباء وتقليل الاعتماد على الاستيراد مما يعزز استقلالية العراق في إنتاج الطاقة. إن استمرار الدعم دون رقابة صارمة أصبح وسيلة للتستر على الفساد وسوء الأداء في إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء بدلاً من توجيهه نحو تطوير البنية التحتية وتحسين كفاءة المنظومة. لذلك يجب إيقاف هذا الهدر ووضع سياسات إصلاحية جادة تضمن تحقيق الأمن في الطاقة. إلى جانب ذلك لا بد من تعزيز التوعية بأهمية ترشيد الاستهلاك فالمسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطنين في مواجهة التحديات لضمان وصول الكهرباء بعدالة بشكل مستمر ولتحقيق التنمية المستدامة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات