23 ديسمبر، 2024 6:11 م

قطار الإرهاب لن يمرّ من محطة أربيل

قطار الإرهاب لن يمرّ من محطة أربيل

من المقرر أن يعقد اليوم الخميس في أربيل مؤتمرا حول محاربة الإرهاب وتطرف المليشيات في العراق , وهذا المؤتمر يعقد تحت تحت إشراف ورعاية حكومة إقليم كردستان بحضور نوّاب سنّة وحكومات المحافظات الساخنة فضلا عن حضور سفراء الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والاتحاد الأوربي , مع وجود تطمينات وتأكيدات بعدم ملاحقة المطلوبين قضائيا , وإذا ما أردنا أن نحسن الضن بالجهات التي دعت لهذا المؤتمر والجهات التي استضافته ونعتبر الأمر أنّه جزء من المساعي التي تبذل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية وتوحيد الجهود من أجل القضاء على الإرهاب وإخراج داعش من محافظات الغرب العراقي وتجفيف كل حواضنها , فإنّ هذا الضن لا يصمد أمام أسماء الشخصيات المدعوّة لهذا المؤتمر والتصريحات التي سبقته , ناهيك عن غموض الأهداف والنوايا الحقيقية التي من أجلها يعقد هذا المؤتمر , فليس من المنطق أن يكون المؤتمر محطة لمحاربة الإرهاب والتطرف , والكثير من الشخصيات المشاركة في أعماله متّهمة أصلا بهذا الإرهاب , بل أنّ البعض منهم متوّرطون فعلا وصادره بحقهم أحكاما قضائية بالأعدام .
فالعارفين ببواطن الأمور يرون في هذا المؤتمر محطة لإعادة طارق الهاشمي ورافع العيساوي تحديدا إلى بغداد ومعاودة نشاطهم السياسي من جديد تحت ظل ما يسّمى بحكومة التوافق والمقبولية , والبعض الآخر يرى إنّ هذا المؤتمر يراد له أن يكون غطاءا شرعيا لتشكيل جيش سنّي في المحافظات السنّية غير خاضع لسلطة الحكومة الاتحادية والقيادة العامة للقوات المسلّحة كما هو الحال بالنسبة لقوات البيشمركة الكردية , وعلى ما يبدو أنّ الذين اجتمعوا قبل أيام في واشنطن مع الإدارة الأمريكية , استطاعوا أن يقنعوا إدارة الرئيس أوباما بأهمية تشكيل جيش سنّي يقابل الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي , تقوم الولايات المتحدّة الأمريكية وبريطانيا بتسليحه وتدريبه , وحينها سيكون حزب البعث قد حقق حلم العودة للسلطة من أوسع أبوابه , والحقيقة أنّ أي غطاء لتشكيل مثل هذا الجيش وتحت أي مبرر , ستترتب عليه نتائج مستقبلية لا تحمد عقباها على وحدة البلد والسلم الأهلي فيه , والمثير للدهشة أنّ حكومة إقليم كردستان التي رفضت تسليح العشائر العربية والتركمانية في كركوك واعتبرت هذا الأمر تهديدا للسلم الأهلي في كركوك , تقبل به حين يكون خارج إقليم كردستان والتي تعتبر أنّ كركوك جزء لا يتجزء منها , فمثل هذا الجيش لو تمّ تشكيله لا سامح الله , فسيكون بؤرة للبعث والإرهاب الداعشي والقاعدي , خصوصا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار حالة الغليان الطائفي المتصاعدة ضد قوات الحشد الشعبي التي تقاتل الإرهاب البعثي الداعشي , فإذا كانت حكومة إقليم كردستان قد عقدت العزم بتقديم العون والمساعدة لهذه الجهات والشخصيات المتّهمة والمدانة بالإرهاب من أجل تشكيل جيش سنّي يكون مقابلا للجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي , فلحكومة إقليم كردستان أقول إنّ هذه اللعبة خطيرة وخطيرة جدا وستكوي بنارها الأكراد قبل العرب الشيعة , وتجربة داعش مع حكومة مسعود لا زالت مستمرّة ولم تنتهي فصولها حتى هذه اللحظة , وأربيل لن تكون محطة يمرّ منها قطار الإرهاب البعثي الداعشي .

*[email protected]