22 ديسمبر، 2024 9:14 ص

قضي الأمر، على الرغم من كثرة الحجج

قضي الأمر، على الرغم من كثرة الحجج

لعل من أبرز ملامح العملية الديمقراطية في الأنظمة البرلمانية، تداول السلطة بشكل سلمي، وهذا يأتي عن طريق الانتخاب، وبدونه لا يمكن بحال من الأحوال استمرار تلك العملية بشكل سلس، بل يتجه الأمر إلى ديكتاتورية تتربع على عرش السلطة.
بعد مرور أربعة عشر عاما من التغيير في النظام السياسي العراقي وما رافقه من تطور يسير بشكل تدريجي، نقف حاليا على عتبه انتقالية في الفكر السياسي للمشهد العراقي ممثلة بتغيير لغة الخطاب السياسي، وأدوات العمل الحزبي، وتبني أطروحات وطنية تنبذ التخندقات الطائفية والاثنية، بالإضافة إلى الاعتماد على الشباب في إدارة الدولة للمرحلة المقبلة، وغير ذلك من التطورات التي تلزم على الشعب اختيار الأكفأ للنهوض بالواقع العراقي.
إن التغيير المنشود لا يتحقق إلا بإجراء الانتخابات، كونها العتبة التي من خلالها يتم التمييز بين المشاريع ذات الشيخوخة الفكرية، وبين المشاريع الفكرية الشبابية المملوءة بالطاقة والحركة والمثابرة والطموح الهادف لتغيير الخارطة السياسية العراقية.
ولأهمية الانتخابات وخصوصا انتخابات2018، والخشية الحقيقية من قبل بعض الساسة من الابتعاد عن المشهد السياسي العراقي، ليس كسياسيين فقط بل كأحزاب اعتادت على الوجود في السلطة طيلة الفترة الماضية، وكل ذلك يرجع إلى ما سوف تفرزه نتائج الانتخابات .
إن الفريق الذي ينادي بتأجيل الانتخابات تكاد تنحصر حججه بثلاث معوقات يقدمها، ولكن السؤال المطروح هو أين سيذهب الوضع بعد التأجيل؟ إذا ما علمنا إن تنفيذ العملية الانتخابية سيكون صعب جدا بسبب الظروف.
الجواب واضح على ذلك التساؤل ومختصره، الذهاب إلى فوضى عارمة سياسية ومجتمعية لا تربح احدا قط بل الجميع خاسرين.
أما فيما يتعلق بالمبررات المطروحة في الساحة السياسية لغرض التأجيل، فتكمن في انعدام وجود قانون للانتخابات مصوت عليه داخل البرلمان، وكذلك تأخر إقرار الموازنة العامة للبلد، وأيضا وجود عدد من النازحين لم يرجعوا لديارهم في المناطق المحررة؟ .
إن المعالجات لتلك المعوقات، تنحصر في الحلول التالية وهي، حث البرلمان على الإسراع بتشريع قانون جديد للانتخاب، وإذا لم يفلح بذلك، يتم اللجوء إلى تعديل قانون الانتخابات النافذ لعام 2014 بشكل يتلائم مع عمل مفوضية الانتخابات وتطور أدواتها في أليه التصويت كالتصويت الإليكتروني(البايومتري)، هذا ما يتعلق بالمبرر الأول.
أما المبرر الثاني الخاص بإقرار الموازنة العامة، فلابد للإرادة السياسية أن تنصرف وبقوة إلى إقرارها بشكل سريع، قبل الموعد الذي حددته المفوضية العليا للانتخابات أي قبل تاريخ 20/1/218، كون العملية الانتخابية تحتاج إلى أموال لغرض استكمال إجراءات التصويت من طباعة أوراق الاقتراع وتحضير صناديق الانتخاب حسب الضوابط، وغير ذلك من الإجراءات التي تتطلب حصول تعاقدات مع شركات مختصة بتلك الأمور، وبالتالي فإنها تحتاج لوقت لتنفيذ التزاماتها.
وفيما يخص مسالة النازحين، فينبغي الإسراع بإرجاعهم إلى مناطقهم باستثناء بعض المناطق لأسباب أمنية، وأن تعمل الحكومة والقيادة السياسية على تطمين الشركاء، وتقديم الضمانات التي من شانها إنهاء هذه الظاهرة التي عصفت بأبناء الشعب نتيجة لدخول داعش واحتلالها لمناطقهم.
غير إن وجود النازحين في أماكن بعيدة عن محل سكناهم لا يمنع من ذهاب أصواتهم لمن يمثلوهم في محافظاتهم بحسب النظام المتبع للتصويت في المفوضية العليا للانتخابات والخاص بالنازحين.
وبانتفاء تلك المبررات وإجهاض حججها، مع وجود إرادة دولية تضغط باتجاه السير بإجراء الانتخابات كالأمم المتحدة، تصبح مسألة التأجيل حلم يراود من عجز عن تحديث نفسه وحزبه بأطروحات تنسجم مع التطور السياسي للمشهد العراقي، وتقديم الرؤى التي من شأنها إقناع الجمهور واندفاعه للتصويت نحوه.
كما إن مبرر الظروف غير مقنع كذلك لتأجيل عملية الاقتراع، كون الانتخابات السابقة للأعوام (2014،2010،2005) قد تم إجراءها بظروف أصعب من هذا الوقت لا بل كان الأمن شبه منعدم،
لذا فالأمر قد حسم بشأن إجراء الانتخابات، ومن يدفع لتأجيل وينادي بالإجراء في الخارج ذلك لغاية في نفس يعقوب لا مجال لذكرها.