23 ديسمبر، 2024 1:53 ص

قضية وطن … لا تسقط بتقادم الزمن … 

قضية وطن … لا تسقط بتقادم الزمن … 

 لم يعد هناك جديد يقال عن فشل مبررات الحرب الامريكية على العراق واحتلاله ، أو هناك شيء لا يعرفه أحد ، لكي يكشف عنه تقرير( تشيلكوت ) البريطاني الذي صدر قبل ايام ،، ولكن قيمة هذا التقرير أنه أضفى صفة رسمية على هذا الفشل ، وأصبح حقيقة معترفا بها من قبل دول الاحتلال نفسها ، ولم تعد لبريطانيا أو أمريكا أوغيرهما فرصة للتخلص من مسؤولية الحرب على العراق وتباعتها آجلا أم عاجلا … ولم تقتصر ادانة الاحتلال على كذب مبرراته فقط ، وانما هناك ما يساويه في الخطورة ، وهوغياب التصور الكامل عن الحال بعد الحرب ، وكيف ستؤول الاموربعدها ، ليس من بوش وحده ، وانما من حلفائه في العدوان على العراق أيضا ، وفي مقدمتهم توني بلير … وتلك هي طبيعة القوة الغاشمة غير المبصرة ، التي لا تعرف غير التهور ، واستعراض القوة ، وغياب العقل ، دون أن تحسب العواقب … والاثنان ( بوش وبلير ) تحاصرهما الادانات واللعنات وهم أحياء ، وتاريخهما اسود ، وان كان لهما ما أرادا ونجحا في تحقيق ما كانا يطمحان اليه بتدمير العراق ، والمنطقة والفوضى التي تعيشها … وليت الحال تقف عند هذا الحد ، بل ربما يكون القادم اسوأ على حد تعبير أحد المهتمين بشؤون السياسة والوضع العام … فما أسهل أن يجد من يضمر الشر لاحد العذر للاعتداء عليه ، والحصول على ما يريد منه ، ولكن ما أصعب موقفه فيما بعد ، عندما يقع ما لم يكن في حسابه ، أو يؤدي تهوره الى موته ، واشتعال أزمة مع أهله ، ، أوتتطور الامور الى ما لا يحمد عقباه عندما يقع تحت طائلة القانون ، ولو بعد حين … وخطأه الفادح أنه بنى موقفه الاجرامي على ما في يده من قوة ، دون أن يفكر في النتائج التي قد لا تتطلب من المظلوم قوة مادية للحصول على حقه ، لان الحق الى جانبه … ومن المحال أن يُهزم الحق وعهد الله ثابت وهو ( أن ينصر المظلوم ولو بعد حين ) .. وشتان بين من طريقه السماء ، وأخر لا يعرف غير الارض …. فالاول له دوي في السماء حتى وإن لم يرفع يده لبارئه .. والثاني يتوهم أن ما في يده من قوة تجعله فوق الاخروينسى جزاء الله … فرغم كذب مبررات الثنائي ( بوش وبلير) في احتلال العراق ، لكنهما الى اليوم لم يذعنا للحق بتعويض العراق عما لحقه من دمار وضحايا بشرية كبيرة ، وتشريد ملايين ، وملايين في الداخل تعيش بين مطرقة الارهاب والتفجيرات ، وسوء الخدمات …ويبدو ان دماء والآم
ومعاناة هذه الملايين لا تساوي شيئا عند بلير مقابل اهتمامه واعتذاره لاسر ضحايا مائة وتسعة وسبعين مقاتلا بريطانيا…. وتقرير لجنة ( تشيلكوت ) البريطاني ، واعتراف بلير بخطأ قرار الحرب الذي بني على تقاريرغير صحيحة لامتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل وتبريره لموقفه ، لم يكن فيهما جديد لم نعرفه ، أو لا يعرفه العالم ، فقد سبقت ذلك لجان واعترافات عديدة أكدت خطأ قرار الحرب – بما في ذلك من الامريكيين أنفسهم – ونتائجه المدمرة وتسببه في ظهور الارهاب ، ولكن ما يلفت النظر في هذا التقرير وغيره هو عدم تقدير المسؤولين عن قرار الحرب للوضع الجديد ، ووضع خطط ملائمة لما بعد الحرب على العراق … وتلك هي قمة السذاجة ، والاستخفاف بالعقول ، والاستهانة بحق البشر … وهذا يعني: أن مسؤولية بوش وبلير ، ومن وقف معهما وساندهما بكل انواع المساعدة ، لا تقتصر على العدوان والاحتلال فقط ، وانما ممتدة زمنيا الى أن تعود الامور الى طبيعتها ، والى ما كانت عليه … وهذا يعني : ان من حق كل مواطن أن يحصل على تعويض مناسب .. الشهداء والجرحى والمهجرون والمهاجرون والنازحون ، ومن تهدمت منازلهم ومحلاتهم ، او فقدوا عملهم بسبب الحرب والارهاب ، ومن فقد فرصة التعليم ، ومن يعاني من تدني مستوى الخدمات الحياتية في كل المرافق والمجالات بسبب تدمير البنى التحتية وضياع الاموال بالفساد والارهاب..الخ … وهذا يعني : حق العراق في التعويض بما يتفق والقانون الدولي ، كدولة لها كيان وسيادة ، ببناء يناسب ما فقده منذ عام 2003 ، وتعويضه حتى عن فرص التقدم والتطور التي فقدها بسبب الاحتلال والارهاب … فالعالم في تطور مستمر متسارع ، ونحن في تراجع كبير ، أي بمعنى أن الاحتلال والارهاب تسببا باتساع الهوة بيننا وبين العالم المتطور ، وفي ابسط شؤون الحياة ، وعلى العدوانيين تقع مسؤولية ردم هذه الهوة ، ليلتحق العراق بركب العالم المتطور … تلك هي العدالة .. ومن العدل والواجب معا أن تطالب بحقك ، وتحصل عليه ، بعد أن أعترف الجاني بجرمه … وهو ليس الاعتراف الاول فقد سبقته اعترافات كثيرة …فأين مجلس النواب العراقي من هذه القضية الوطنية ، وما هو دوره في حصول العراق وأبنائه على التعويض المناسب ، بعد تقرير تقرير( تشيلكوت ) البريطاني الذي عزز ما كان موجود ا من الحقائق عن جريمة
الاحتلال الامريكي واكد ان القضية لا تزال حية ، رغم مرور سنوات على الاحتلال …؟…. فهذه قضية وطن ولا تسقط بتقادم الزمن .. ويفترض أن تكون في مقدمة اهتمامات مجلس النواب في هذه الدورة …