17 نوفمبر، 2024 5:30 م
Search
Close this search box.

قضية كركوك مشكلة سياسية وحل اقتصادي

قضية كركوك مشكلة سياسية وحل اقتصادي

مركز الرافدين للحوار احد المراكز المهمة الذي يضم مجموعة من نخب المجتمع العراقي بمختلف تلاوينه ويتناول مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة في العراق من خلال فتح باب الحوار حولها ليكون لها تاثير واضح على الرأي العام ومراكزصناعة القرار، لهذا الغرض زار وفد من المركز تألف من كافة الالوان الشهر الماضي مسعود بارزاني للحوار حول المشاكل بين اقليم كردستان وبغداد وخصوصا بعد قرار رفع علم كردستان في كركوك حيث تحولت قضية كركوك الى مادة دسمة للاجهزة ووسائل الاعلام وموضوعا ساخنا لكل المراكز السياسية والثقافية في العراق.
مركز الرافدين وخلافا لكل المراكز الاخرى ووسائل الاعلام اقام ثلاث ندوات صوتية من خلال مجموعة الواتس آب تحت عنوان ” كركوك – الجغرافية ومستقبل المكونات” استمرت للايام 12-14/4/2017، واقيمت تلك الندوات الحوارية لكل من (شوان دوادي – كردي، تورهان مفتي- تركماني، محمد تميم – عربي) وبعدها وزعت حصيلتها كتابيا على اكثر من 600 شخص من منتسبي المركز.
استند كل منا في طروحاته التي جاءت في اطار رؤية مكونه القومي الى مجموعة من الوثائق والاحصاءات للدفاع عن آرائه، ولكننا نحن الثلاثة كنا متفقين على ضرورة ان تحل قضية كركوك من قبل ابنائها والطريق الوحيد للحل هو الجلوس معا للحوار, وان كافة القضايا التي بين (الكرد والعرب، وبين الكرد والتركمان، وبين العرب والتركمان), وبشكل اوضح بين الكرد والتركمان مع العرب, و العرب والتركمان مع الكرد, و الكرد والعرب مع التركمان, يجرى حلها كحزمة واحدة, وان أي حل منفرد او ثنائي لن يثمر منه حلا.
اختبرت كافة الطرق الامنية والعسكرية والدستورية و القانونية لحل مشكلة كركوك كقضية سياسية سواء قبل وصول البعث للسلطة او بعد انهيار حكمه في العراق، وللاسف وبسبب وجود طرفين من اطراف الحل دائما خارج المعادلة فان كل الحلول كانت مؤقتة وعليه تعاود المشكلة بالظهور مرة اخرى، وتسبب ذلك في ان تعيش هذه المدينة ظروف غير آمنة وغير مستقرة، كذلك لعب العامل الخارجي دورا كبيرا في ادامة عدم الاستقرار وكان السبب في كل ذلك هو غنى هذه المدينة وثرواتها.
على مدى ال (14) عاما الماضية اي بعد سقوط نظام صدام وبدء العملية السياسية الجديدة في العراق اصبحت هذه المدينة ضحية بين الحكومة الفدرالية وحكومة الاقليم، وتعاملت اربيل وبغداد في اطار مصالحهما مع القضية واعلن كذلك كلى الطرفين وفي اطار مصالحهما أيضاعن عائدية هذه المدينة، فيما ابتعدا عن مصالح المدينة ومصالح اهلها وتهربا من مسؤوليتهما ازائها, وتبادلا الاتهامات في تحميل المسوؤلية كل طرف للاخر، وفي الحقيقة فان هذان الطرفان استفادا من تلك السياسة وحملوا الكركوكيين المسوؤلية.
تنازلت بغداد عن الكثير من مسؤولياتها أزاء كركوك لصالح الاقليم وبالمقابل غض النظرالاقليم عن الكثير من اهمال بغداد لكركوك، وكان نفط كركوك على الدوام جزءا من مباحثات واتفاقات الطرفان, الا أن مصلحة كركوك والكركوكيين لم تكن جزءا من اجندة اجتماعات اربيل وبغداد.
تبلورت لدينا نحن اهل كركوك قناعة انه لا الكرد يعملون بجد على عودة كركوك الى الاقليم ولا الحكومة العراقية متمسكة بها، لان الكرد ليس لديهم مشروع للمكونات الاخرى ولا العرب لديهم مشروع للابقاء على كركوك مع العراق.
بين هذان الطرفان يقف التركمان حائرين اذ لايرون لا لدى الكرد ولا العرب مشاريع تجعلهم يطمئنون فيها على مستقبلهم، ولذا فانهم يقفون الى جانب الكرد في بعض المسائل من اجل رفع الظلم الذي لحق بهم على يد العرب واحيانا يقفون الى جانب العرب من اجل ان لا يبتلعهم الكرد, وهذا ما جعلهم لا يثقون باحد وان يقفوا ضد اي مشروع منفرد ويتمسكوا بتركيا رغم قناعتهم ان تركيا تدافع عنهم في اطار مصالحها فقط.
نرى هنا ان كركوك تقف امام ثلاث طرق:
* البقاء على الوضع الحالي مع بغداد وهذا مطلب العرب.
* العودة الى اقليم كردستان وهذا شعار الكرد.
* التحول الى اقليم مستقل وهذا مطلب التركمان بعد سقوط البعث.
ولقد وقف الكرد منذ البداية ضد تحويل كركوك الى اقليم مستقل واعتبروا بقائها مع بغداد افضل من التحول الى اقليم مستقل الى ان يجري اعادتها الى اقليم كردستان, فيما يعتبر بقاء كركوك مع بغداد مطلب العرب ولكنهم لا يقفون ضد تحويل كركوك الى اقليم مستقل ويعتبرونه حلا، بينما يرى التركمان ان تحويل كركوك الى اقليم حق لهم ولكن بقاء كركوك مع بغداد هو افضل من عودتها الى اقليم كردستان.
وهذا يعني ان الكرد وحدهم من يطالب بعودة كركوك الى اقليم كردستان وهذا حصل فيه اختلاف في الرأي, وان تحويل كركوك الى اقليم يراه التركمان امرا جيدا ويراه العرب امرا مقبولا، وان بقاء كركوك مع بغداد مطلب العرب ولكن الكرد والتركمان يقبلونه كاضعف الايمان في الوقت الراهن، ولكن اسلوب تعامل بغداد مع كركوك حاليا غير مقبول من قبل كافة المكونات، وهذا يعني انه يجب علينا البحث عن حل جديد ولهذا الغرض نحن بحاجة الى ان نجلس ونتحاور وان على كلتا الحكومتين بغداد واربيل ان تهيئ الارضية لكل مكونات كركوك من اجل التقارب والعثور على حل جديد وهذا بحسب اعتقادي يتطلب الاعتراف اولا ان كل الحلول الامنية والعسكرية والدستورية والقانونية قد فشلت، وانه ليس بامكاننا تصحيح جغرافية كركوك المدمرة وليس بأمكان تأريخ كركوك المشوه ان يقدم لنا حلا ينسجم مع واقع كركوك الحالي، وان نعمل معا من اجل حل اقتصادي ونحول كركوك الى مدينة اقتصادية حرة وفق قانون وفقرات دستورية خاصة تخدم الكركوكيين وتقدم خدمة للجميع, وكذلك الاستفادة في هذا المجال من تجارب المدن الاقتصادية العالمية وعلى سبيل المثال نيويورك وهونك كونك ودبي والتي بحسب اعتقادي اكثر النماذج نجاحا في انعاش الاقتصاد وترفيه شعوبها ومساهمتها في الاستقرار العالمي.

أحدث المقالات