17 نوفمبر، 2024 7:25 م
Search
Close this search box.

قضية القطريين.. حقنا في معرفة الحقيقة

قضية القطريين.. حقنا في معرفة الحقيقة

في أول وأبسط تعريف لها، الديمقراطية تعني حكم الشعب لنفسه. هو بالطبع حكم يكون بالواسطة أو بالإنابة عن طريق ممثلي الشعب المُنتخبين والمعيّنين في مؤسسات الدولة، البرلمان والحكومة وسواهما.
من القواعد الراسخة في النظام الديمقراطي أن يُحيط ممثلو الشعب ومؤسسات الدولة الشعب علماً بكل ما يهمّه ويؤثّر في حياته  ومصيره، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً. في الدولة الديمقراطية هذا الحق مضمون بقوانين محترمة من الجميع، هي المتعلّقة بالوصول الحرّ الى المعلومات والنشر الحرّ للمعلومات.
لدينا ما يزال مجلس النواب يماطل في تشريع مثل هذا القانون. السبب معروف ولا يحتاج الى التخمين أو التنبؤ. الطبقة السياسية المتنفّذة – وهي غير ديمقراطية، والديمقراطية فُرِضت عليها فرضاً كما تبيّن تجربة الأربع عشرة سنة الماضية – لا ترغب في أن يتمتّع الشعب بحق الوصول الحر إلى المعلومات ولا بحق النشر الحرّ للمعلومات. التمتّع بهذين الحقّين سيعني كشف المستور، والمستور في تفاصيله فضائح كبرى تتعلق بعمليات الفساد الإداري والمالي ودعم الإرهاب والجريمة المنظمة، والتواطؤ مع منظمات الإرهاب والجريمة، وهذا تواطؤ متورط فيه مسؤولون كبار في الدولة بمؤسساتها المختلفة.
في مؤتمره الصحافي الاسبوعي الأخير، تحدّث رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي الثلاثاء الماضي عن قضية القطريين الذين أختِطفوا داخل الاراضي العراقية قبل أكثر من سنة وأطلِق سراحهم الاسبوع الماضي. العبادي قام بعمل جيد، هو الكشف عن بعض خفايا القضية، وبالذات ما تعلّق منها بالمال الذي بعثت به حكومة قطر على متن إحدى طائراتها. 500 مليون دولار كان من المفترض أن تنتهي إلى الخاطفين فدية، أو بالأخرى مكافأة لهم، عن إطلاق المخطوفين القطريين الاربعة وعشرين ومعهم سعوديان وباكستاني واحد.
في الحقيقة إن العبادي اختار أن يُخبر الشعب بالحلقة الأضعف في هذه القضية.. المهمّ للشعب ليس حجم المال المُرسل الذي وضعت سلطات حكومتنا عليه يدها مؤقتاً قبل البتّ في مصيره. المهمّ بالنسبة لنا هو الكشف عن الجهة أو الجهات الخاطفة. هذه الجهة أو الجهات إنما انتهكت حرمة قوانين البلاد وتصرّفت كما لو أنها الدولة، بل على نحو لا يمكن لأي دولة تحترم نفسها أن تتصرفه.
لابدّ أن الجهة أو الجهات الخاطفة كانت قد فعلتها غير مرة في السابق، من دون علم الدولة بالطبع، بل تجاوزاً على الدولة وسلطاتها وهيبتها وقوانينها.
السيد العبادي، بوصفه مُختاراً من الشعب لإدارة الحكومة، ملزم سياسياً وأخلاقياً بأن يكشف للشعب المعلومات المتّصلة بالجهة أو الجهات الخاطفة ، فضلاً عن الجهود التي بذلتها الحكومة لتأمين الإفراج عن المخطوفين ولمنع وصول الأموال القطرية الى الخاطفين.
قريباً أو بعد حين سيتكشّف كل شيء عن هذه القضية، ولكن حتى يحصل ذلك سيكون الأمر قابلاً لتداول الكثير من المعلومات الملفّقة أو الناقصة. ما يمكنه أن يمنع هذا هو أن تؤدي حكومة العبادي واجبها في تلبية حق الشعب في معرفة الحقيقة. هذا الحق ثابت وقائم برغم تقصير مجلس النواب بعدم تشريع قانون حق الحصول على المعلومة حتى الآن. تقصير الحكومة في إعلان الحقيقة رسالة تشجيع إلى الخاطفين وسواهم بمواصلة تحدّيهم الدولة وسلطاتها وقوانينها.
نقلا عن المدي

أحدث المقالات