قال العزيز الحكيم جَلَّ شأنه في محكم كتابه المجيد: “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ” من الآية 110سورة آل عمران.
يُشيرُ رَبُّ العِزة الى الأمة الاسلامية, بالآية الكريمة أعلاه إنَّها خير امة, إلا أن هذه الخيرة مشروطة, بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, إضافة للإيمان المطلق بالخالق, فلكل عمل له شروطه وأساسياته, فهل التزمت أمة الإسلام بما انيط بها؟
تلك الصفات هي المقومات الأساسية, لبناء الأمة الخيرة, التي ارادها الخالق, أن تكون الأمة الحاملة لآخر الأديان السماوية, مبلغاً بها خير البشر محمداً, صلوات ربي عليه وآله, حيث السماحة وعظيم الخُلق والنسب الرفيع, وبالنتيجة فإن من لا يملك تلك المقومات, ليس من الامة الخَيرة.
خرج الإمام الحسين عليه السلام, مع عياله رجالاً ونساءً وأطفالاً, ثم انظمَّ اليه ثلة من المؤمنين, بسبب انحراف قيادة الامة, والفساد الذي انتشر وبدأ ينخر في جسد الأمة؛ لقد قال الإمام قولته الخالدة: ” ما خرجت أشراً ولا بطراً, غنما خرجت لأجل الإصلاح في أمة جدي”.
يرى بعض المفسرين, أن المقصود بالأمة في الآية الكريمة, هم الصحابة من المهاجرين, وهذا التفسير يثير الاستغراب! كونه يشمل فئة محدودة, بينما نرى آية أخرى يقول فيها جلَّ شأنه:” إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ * وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ * فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ” سورة الأنبياء:92-94.
مما تقدم يثبت لنا بما لا يقبل الشك؛ أن المقصود عامة الأمة الاسلامية, ولكون الفساد قد نخر القيادة الظاهرة, وامتد للقاعدة العامة, فقد كان واجباً على الحسين عليه السلام؛ الخروج لإصلاح الأمة التي أسس أساسها, محمد صلوات ربي وسلامه عليه وآله, بأمرٍ من الخالق جَلَّ شأنه.
إذا فإن الحسين عليه السلام, لم يخرج طلباً للحكم, كما يصوره بعض الباحثين, طمراً منهم للحقائق! وهم على شاكلتين, إما ان يكونوا خائفين من قول الحقيقة؛ او إنهم من الملتصقين بالقيادة الفاسدة, ومستفيدين من امتيازات معينة.
بما أن الإصلاح, يحتاج إلى حزم في المحاسبة لإظهار الحق, ولا يستثنى منه, كبير شأن أو صغير, فما أحوجنا ونحن نعيش معمعة الفساد, لمصلح يؤمن إيماناً تاماً, بما قام به ابن بنت الرسول, صلوات الله عليهم.
ومن أمثلة واقعة الطف الخالدة, عمر بن سعد, الذي اختار قتل الحسين عليه السلام, والحر بن يزيد الرياحي, وعلى المتصدي أن يختار, بمحاربته للفساد, إما ان يكون سعداً, او يختار ما اختاره الحُر.
لقد قال رسول الأمة, عليه وعلى آله الصلاة والسلام:” الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس”.