خُلقتُ شغوفا بالكتب ، عاشقا لرحيقها ، متابعا لجديدها ، تأسرني أفكارها، مطلقا لعنان الخيال رسم صور كتابها ، أصبح بيني وبين باعتها في شارع المتنبي ألفة وود ، هناك في شارعي الأثير في عام 2003م وعند أحدى المكتبات وقعت عيناي على إسم مجلة سيكون لها أثر لايمحى فيّ وفي الكثير من أقراني القراء انّها مجلة : (قضايا اسلامية معاصرة ) مجلة متخصصة تعنى بالهموم الفكرية للمسلم المعاصر، صاحب امتيازها ورئيس تحريرها المفكر العراقي الدكتور عبد الجبار الرفاعي . عناوينها أخاذة ، كتابها أعلام الفكر وسلاطينه ، كنز معرفي لايقدر بثمن ، ليست مجرد مجلة فحسب، بل مجرة فكرية وهاجة ، صنفها المعهد البابوي في حاضرة الڤاتيكان في روما أهم مجلة في الدراسات الدينية بالعربية في ربع القرن الأخير، وأصدر نهاية عام ٢٠١٢ كتابه السنوي في ٣٢٠ صفحة ، ضم ترجمات لبعض نصوصها بالانجليزية والفرنسية والايطالية. من صفحاتها يتدفق التسامح العذب ، وتتأنسن العقائد الحادة ، عقول تتفاكر ، وأفهام تتثاقف ، واحة معرفية رحبة يتجلى بين سطورها إسلام حضاري رحماني يسمو بالأفكار ويحررها من أسر الإيديولوجيات المغلقة ويعبر بها إلى فضاءات التكامل والإخاء الإنساني المأمول. مركز دراسات فلسفة الدين في بغداد الذي تصدر عنه المجلة معلم حضاري أنجز اكثر من ٢٠٠ كتاب في تحديث التفكير الديني ، استكتب أعلام العصر في مختلف المعارف والعلوم التي تسعى إلى بلورة رؤى معاصرة تواكب المتغيرات وتستجيب بعقلانية وواقعية للمآزق الفكرية المعاصرة، وتحفر في بنية التخلف المعرفي وترسم أطرا للتعامل الواعي مع معطيات العصر وتوظفها في خدمة الواقع الراهن ، ترفع من سوية الإنسان المعرفية ، وتسمو بروحه وتتناغم مع أشواقه الوثابة لصناعة عالم إنساني أرحب. ماكان لهذا المركز الفكري الثقافي الخلاق ، ذي الثراء المعرفي العميق ، والمجلة التوعوية الرائدة ، أن يريا النور لولا الترسانة الفكرية التي وقفت من ورائهما ، وتجسدت بمدير مركز دراسات فلسفة الدين ورئيس تحرير مجلة (قضايا إسلامية معاصرة) الأستاذ الدكتور عبد الجبار الرفاعي . الرفاعي قامة فكرية سامقة ، فيلسوف إنساني ، وداعية للحب والسلام، يمتلك رؤية فلسفية حول الإصلاح وتحديث مناهج الفكر الديني ، حاز الخمائر المعرفية من أعلام عصره ، ودرس وتضلع بالفلسفة حتى تمكن من مزج عبيرالإيمان بوهج العقل فأصبح علما لايبارى وأستاذا تهفو
للقائه المنتديات والمحافل العلمية ، أسهم في عشرات المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية. ألف عشرات الكتب الفكرية ، وأسهم في تطوير الإشتغال المعرفي الحديث ، يعد كتابه (إنقاذ النزعة الإنسانية في الدين) علامة بارزة للرقي الفكري المعاصر ، يأتي استجابة للحاجة الملحة لفهم إنساني يتصالح مع العصر ولاترفضه متطلبات الواقع الراهن . طرح فيه رؤيته وخلاصة تجربته الطويلة التي أكدها بقوله : إن السبيل للتخلّق بأخلاق الرحمن انما يتحقق عبر انقاذ النزعة الانسانية في الدين، واضاءة أبعاده الاخلاقية والمعنوية والرمزية والجمالية، وتطهير التدين من كافة أشكال الكراهية والاكراهات. وما أحرانا ونحن نواجه اليوم فحيح التكاره ودعوات التقاطع إلى أخذ الترياق الفكري والمناعة المعرفية من معين الرفاعي لنحصن بها أجيالنا ونرقى بسويتهم الفكرية إلى آفاق السلام والتسامح والتعايش .