الترجمة الاولى/ رفعت سلام
من كتاب (الغجر) واعمال اخرى / الكسندر بوشكين
القاهرة 2010 الهيئة المصرية العامة للكتاب ص. 110
على تلال جورجيا يستلقي ضباب المساء..
في الاسفل, يزبد ( أراجفا)
الكآبة التي تملأ فراغ الايام
مبهجة جزئيا, بصورة غريبة,
هي ألالم العذب والسعادة ألاعذب.
ولانك تحتلين قلبي, فلن تواتيه السكينة,
حتى وهو مرح, ولا مبال بالافكار الكئيبة..
فهو يحب..
يحب لأنه يجب قبل كل شئ,
ان يظلٌ راضيا.
+++++++++++++++++++++++++++++
+++++++++++++++++++++++++++++
الترجمة الثانية
ترجمة ابراهيم استنبولي
الحوار المتمدن ومواقع اخرى عديدة
على تلال جورجيا يخيم ليل مظلم,
وامامي نهر ( اراغفا) يهدر.
أشعر بالغم وبالراحة, حزني مشرق,
حزني بك مفعم,
بك,بك وحدك…
لاشئ يمضٌ شجني, لاشئ يقلق,
والقلب يشتعل من جديد ويعشق-
ان لا يعشق هو يعجز.
++++++++++++++++++++++++++
++++++++++++++++++++++++++
كتب بوشكين قصيدته هذه عام 1829, وهي قصيدة صغيرة تتكون من 8 ابيات فقط, وقد اتفق المترجمان على بدايتهاكما جاءت عند بوشكين في النص الروسي – ( على تلال جورجيا ), ولكنهما اختلفا بعد ذلك, فقد كتب رفعت سلام( يستلقي ضباب المساء) على تلك التلال, بينما اشار ابراهيم استنبولي انه –( يخيم ليل مظلم)هناك,اماعند بوشكين نفسه ف ( ترقد , تضطجع
,تستلقي /عتمة ليلية
, ظلام ليليٌ ,عتمة ليل , ظلام ليل) , لهذا فان فعل ( يستلقي ) عند سلام أقرب الى نص بوشكين من فعل ( يخيم ) عند استنبولي, لكن ( ضباب المساء ) لا وجود له بتاتا هنا ولا توجد علاقة بين الضباب الذي يحدث عادة في النهار وبين عتمة الليل التي اشار اليها بوشكين, وهذا يعني ان ( ليل مظلم) هو التعبير الافضل كما عند استنبولي,والسطر الثاني عند بوشكين هو – ( يضج , يهدر/ أراغفا امامي ), وحسنا فعل استنبولي عندما أضاف كلمة ( نهر) هنا , اذ ان تسمية اراغفا غير معلومة بحد ذاتها للقارئ العربي, ولكني لم افهم لماذا كتب سلام ( في الاسفل ) بدلا من ( امامي )كما عند بوشكين.ومن السطر الثالث في القصيدة الى نهايتها في السطر الثامنتتحول الاختلافات بين المترجمين الى تناقضات جذرية , وتصبح القصيدة ب10 اسطر عند سلام بدلا من 8 أسطر كما عند بوشكين والتي حافظ على عدد أسطرها استنبولي , و لا استطيع ان اقارن النص الذي ترجمه سلام مع النص الاصلي للقصيدة بتاتا لا من قريب ولا حتى من بعيد, وعلى الرغم من اقتناعي التام بعدم الالتزام الحرفي عند الترجمة الابداعية وضرورة تطويعها على وفق موسيقية ومتطلبات اللغة المترجم اليها ( حتى ولو اضطر المترجم الى ترجمة المعنى ليس الا) و لكن ذلك يجب ان يجري ضمن ضوابط دقيقة وصارمة ومحددة كي لا يفقد النص الاجنبي للقصيدة خصائصه وسماتهوجوهره , وهذا ما قام به فعلا ابراهيم استنبولي, رغم عدم اتفاقي معه في بعض اللمسات,اذ اني أرى مثلا ان يحل الفعل ( يتوهج القلب ) بدلا من الفعل (يشتعل), وان تكون نهاية القصيدة ليست كما جاءت عنده -( ان لا يعشق هو يعجز), بل ( لانه لا يقدر ان لا يعشق), اي ان نهاية القصيدة تكون كالآتي–
ويتوهج القلب من جديد ويعشق –
لانه لا يقدر ان لا يعشق.
ولكن كل هذه التفاصيل الصغيرة و البسيطة غير مهمة ولا تعني ابدا عدم تقبلي او عدم اعجابي بترجمة ابراهيم استنبولي ودقته وابداعه , اما ترجمة رفعت سلام فانها بعيدة جدا عن نص قصيدة بوشكين , ولا يمكن للمترجم– من وجهة نظري – ان يتصرف بهذا الشكل وان يذهب الى هذا الحد بالترجمة , اذ ان ذلك يعني, ان العمل يفقد عندها مقومات الترجمة وفنها وقواعدها واصولها, وبالتالي لا يمكن اعتباره عملا ترجميا.