6 أبريل، 2024 10:41 م
Search
Close this search box.

قصيدة الذهب . . . قراءة لقصيدة أعراس و مآتم في كركوك

Facebook
Twitter
LinkedIn

جادت الاقلام حسب اختصاصاتها عن ما شاهدت لفترة زمنية جدُ مهمة من تاريخ العراق المعاصر لاحداث مرت بعد اعلان الجمهورية العراقية في 14 تموز 1958  وقد عاشت ساحة العراق احداثا و تطورات على اتجاهين سلبا و ايجابا، و من بين تلك الاحداث المرة التي نعيش ايامها مجزرة كركوك الرهيبة في 14 تموز 1959 و كما هو معروف كان وقودها التركمان وحدهم ،  لقد تناولت الاقلام وقائع الايام الثلاثة حسب تعبير وجهات نظر اصحابها في الصحف و المجلات خبرا كان ام تحليل، مقالة كانت ام دراسة، و ربما كانت قصة او رواية ، ايا كانت فيض الافكار فانها تعود الى رد فعل تأثير  مصدره واحد ، ومع تلك الاقلام الفكرية و السياسية و الاعلامية والتحليلية جاشت المشاعر الوجدانية والاحاسيس المرهفة لدى الشعراء لتشارك اقلام الاخرين على شكل ابيات و قصائد تتناغم مع روح الحدث في اصدق تعبير، ولما كان الشعر النابع من الوجدان مرآة عاكسة وتعبير عن معاناة تفجرت لتصور صفحات كتاب كامل في ابيات تجسد حقيقة المآسي ليصبح كل بيت في القصيدة مصدرا من المصادر المعتمدة في البحث و التنقيب، و هذه قراءة سريعة لبعض ابيات قصيدة مكونة من ثمانين بيتا للشاعر(عبدالرزاق شاكر البدري) نضمها في حينها تحت عنوان (( أعراس و مآتم في كركوك- قصة من وحي مجزرة كركوك الرهيبة )) تجسد الوقائع والاحداث من بدايتها الى نهايتها اصدق تجسيد و تصوير وهي اشبه بحافظة التاريخ ،  القارئ لها يعود الى الوراء  ( 54  ) سنة خلت ليعيشها كما هي ، من اجل ذلك يمكن تسميتها بقصيدة الذهب… حيث يقول في بدايتها..
وقفتُ على تل بكركوك ارقبُ
                حوادث بالفوضى تخيف و ترهبُ
حوادث لا تستطيع حصرا لعدها
                وفيها افاض الناس صدقا و اسهبوا
حوادث تدمي الصخر من هول وقعها
                 وقد شرق الركبان فيها و غربوا
وماذا بعد هذا الفرح والسرور وبراءة الاطفال المكسوة بأبهى الملابس المزركشة و كأن العيد حل عليهم قبل موعده…
وفيما غدا الشعب الوديع بطبعه
                 يردد آيات الهناء ويخطب
فقد لعلعت بالافق صرخة حانق
                 تتبعها النيران قتلا و تحصب
هكذا في لمحة بصر تنقلب الافراح والمسرات الى احزان و مآتم ، ويا هولها من المشاهد التي قال عنها..
فقد شاهدت عيناي ابشع منظر
                 يشيب له الطفل الرضيع و يهرب
فذلك في الحبل يجر وخلفه
               اناس بأنواع المطارق تضرب
أبيات عديدة تصف الحالات التي شهدناها مصورة بعدسات المصورين وفيها.. ذلك مطروح يداس ، وذلك موثوق يصيح ويئن ، وهنا مقتول بأبشع صورة ، و هناك مقطوع الجوانب ، و ذاك يرجو النجاة و يصرخ يا الله … ثم يعرج الشاعر وصفا بشاعة افعال الطارئين على المدينة و مدى الغدر بها و بأهلها بالحقد الدفين الذي دفعهم بكل لذة الوحشية الى العبث والتمثيل بالاجساد الهامدة..
ولم تكتف النفوس الضعيفة بالقتل والسحل ترهيبا بل راحت تسطو البيوت والمحلات و تنهب محتوياتها..
ولم يكفكم قتل وسحل حبالكم
               و دفن لاحياء بل المال ينهب
وكل حقير الطبع يظهر طبعه
               باعماله اللائي تجئ وتهرب
ويختتم الشاعر ابيات القصيدة الثمانين بالتوعد و الثأر قبل ان تجف دماء الشهداء، وفعلا صدقت نظرته الرؤيا ، وبدأت خلايا شباب التركمان تقتنص من الايدي الآثمة والملطخة بدماء الابرياء…
فأن دم الاحرار لا بد ثائر
              فيقتص منكم بالكاع و يصخب
فسوف يثور الشعب بطلب حقه
              فيقتص منكم بالفناء و ينكب

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب